Skip to content

السفينة

alsafina.net

Primary Menu
  • الرئيسية
  • الأخبار
  • افتتاحية
  • حوارات
  • أدب وفن
  • مقالات رأي
  • منوعات
  • دراسات وبحوث
  • المجتمع المدني
  • الملف الكوردي
  • الأرشيف
  • Home
  • الحرب المقبلة بين الهند وباكستان فشل نيودلهي بردع إسلام أباد سيؤدي إلى تأجيج العنف المقبل بينهما عقيل شاه….المصدر: اندبندنت عربية
  • مقالات رأي

الحرب المقبلة بين الهند وباكستان فشل نيودلهي بردع إسلام أباد سيؤدي إلى تأجيج العنف المقبل بينهما عقيل شاه….المصدر: اندبندنت عربية

khalil المحرر يونيو 3, 2025

 

ملخص
على رغم توقف القتال، فإن احتمال تجدّد العنف بين الهند وباكستان يبقى قائماً، إذ يرى كل طرف في سلوكه انتصاراً، وتُظهر الأزمة أن التضليل الإعلامي والطائرات المسيّرة باتا عنصرين جديدين في تصعيد النزاعات، بينما تظل جذور الصراع حاضرة في ظل غياب تسوية دائمة وشعور كل طرف بإمكان تحقيق مكاسب من مهاجمة الآخر.

بعد نحو أسبوعين من توصل الهند وباكستان إلى اتفاق حذر لوقف إطلاق النار، تبقى نيودلهي كما إسلام أباد غير متوافقتين على سردية ما حدث قبل هذا الاتفاق. فالهند توجه اللوم إلى باكستان على هجوم 22 أبريل (نيسان) الإرهابي الذي وقع في القسم الهندي من كشمير وأسفر عن مقتل 22 شخصاً؛ فيما تنفي باكستان مسؤوليتها. وفي 7 مايو (أيار) ردت الهند على العملية الإرهابية، فنفذت هجمات صاروخية ضد أهداف في باكستان مرتبطة بجماعتين إرهابيتين معروفتين هما “عسكر طيبة” و”جيش محمد”. ويختلف الجانبان الهندي والباكستاني على تقدير حجم وتأثير تلك الهجمات. وقد دفعت الضربات الهندية إلى المزيد من المناوشات بين الطرفين أدت إلى إسقاط طائرات حربية هندية (وفق الإعلام الباكستاني والدولي) وباكستانية (وفق الإعلام الهندي). هذا وتعالى أزيز المسيّرات عبر الحدود في الاتجاهين، مع تقديم الحكومتين ووسائل الإعلام الوطنية في كلا البلدين معلومات ومزاعم متضاربة عن استهداف مواقع وتدمير بنى تحتية وأعداد قتلى. ثم توقف القتال بعد ضغط مارسه مسؤولون أميركيون كبار على الطرفين لكن حتى عند تلك النقطة ظل غبار الحرب مخيماً. إذ فيما وجهت إسلام أباد الشكر للرئيس الأميركي دونالد ترمب على مساعدته في إنهاء القتال، نفت نيودلهي من جهتها حصول أي وساطة.

على رغم أن أجواء التوتر لا تزال تخيم على المنطقة، فإن بعض ملامح التصعيد الأخير بين الهند وباكستان باتت جلية. تمثل المعارك الأخيرة تصعيداً كبيراً في النزاعات الحدودية التي كانت تشتعل بين الحين والآخر بين الهند وباكستان. وبخلاف الضربات الهندية العقابية المحدودة في الماضي، ذهب هذا الهجوم على نحو أعمق في الأراضي الباكستانية. إذ امتدت “عملية سيندور” التي نفذتها الهند إلى مناطق أبعد من الجزء الذي تسيطر عليه باكستان من كشمير، ووصلت إلى إقليم البنجاب، في قلب باكستان، حيث استهدفت ليس فقط منشآت الجماعات المسلحة، بل أيضاً أهدافاً عسكرية، بما في ذلك القواعد الجوية. علماً أن القتال بين الطرفين خلال العقود المنصرمة كان يقتصر في أغلب الأحيان على النواحي الحدودية حول المنطقة المتنازع عليها من كشمير. أما في مايو (أيار)، فقد عاشت حواضر باكستان الأساسية والعديد من المدن الكبرى في شمال الهند حالة من الحذر الشديد.

لقد سعت الحكومة الهندية من خلال هجماتها إلى إظهار قوتها أمام الرأي العام (الهندي) الذي أراد الانتقام من الهجوم الإرهابي على كشمير. إلا أن الهند عبر تدخلها الأوسع في عمق باكستان وضربها مجموعة كبيرة من الأهداف أرادت أيضاً أن تعيد تأسيس قوتها الردعية، وتثني الجيش الباكستاني عن دعم الجماعات المسلحة الناشطة على الأراضي الهندية. ومع ذلك، من المرجح أن تشعر الهند بخيبة أمل من نتائج تلك الجهود. إذ بدلاً من ردع غريمتها فوجئت الهند برد أدى إلى تلميع صورة الجيش الباكستاني وسمعته وتعزيز شعبيته داخل باكستان. فالانتقام الهندي وللمفارقة، أسهم في منح الجيش الباكستاني انتصاراً رمزياً هو الأكبر على مدى العقود الماضية. وذاك لن يدفع إسلام أباد بأي طريقة من الطرق إلى لجم الحرب بالوكالة التي تخوضها ضد نيودلهي، كما لن يمنع صدامات ومجاذفات مستقبلية بين هذين البلدين الجارين النوويين.

تسلق السلم

منذ زمن والجيش الباكستاني يستخدم وكلاءً ضد الهند. وفي أبريل (نيسان) الماضي أعلنت مجموعة مرتبطة بجماعة “عسكر طيبة”، التي شنت هجوماً دموياً شهيراً في مومباي عام 2008، مسؤوليتها عن مجزرة بهلغام في القسم الخاضع للإدارة الهندية في كشمير. وقد نفت باكستان أي علاقة لها في الحادثة، لكن ذاك النفي لم يقنع الهند. وبعد وقت قصير من الهجوم الإرهابي الأخير خطت الهند خطوة غير مسبوقة متمثلة في قيامها ومن طرف واحد بتعليق “معاهدة إندوس المائية”، الاتفاقية التي توسط بها البنك الدولي عام 1960 لتأمين تدفق المياه الضرورية لتوليد الطاقة الكهرومائية والري والزراعة في باكستان. هذه الاتفاقية كانت قد عاصرت حروباً وصدامات مسلحة عديدة بين البلدين وبقيت صامدة، لكن الأمر لم يعد كذلك. وقامت حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بربط هذا التدبير السياسي بهجومٍ عسكري على مجموعة كبيرة من الأهداف داخل الأراضي الباكستانية. وقد تكون حكومة مودي أملت في أن تؤدي تلك الجهود إلى تهدئة الغضب الداخلي تجاه هجوم بهلغام من دون إثارة صراع أوسع. إلا أن نيودلهي أخطأت في حساباتها.

 

فقد قلل المسؤولون الهنود من تقدير مدى حاجة الجيش الباكستاني إلى أن يظهر للهند، كما للرأي العام الباكستاني، مدى استعداده وتصميمه للحرب. في هذا الإطار، وبحسب تقارير في الصحافة الباكستانية والدولية، قامت الطائرات والدفاعات الجوية الباكستانية الصينية الصنع بإسقاط العديد من الطائرات الهندية، من ضمنها طائرة “رافال” فرنسية الصنع. هذا الأمر عدّ بمثابة انتصار رمزي كبير لإسلام أباد، وهو شجع باكستان على اختبار الدفاعات الجوية الهندية بسلسلة من الهجمات بالصواريخ والمسيّرات. كذلك أظهر محدودية التفوق الجوي الهندي المفترض، فجدد وأنعش ثقة الجيش الباكستاني في قدرته على الصمود في نزاع محدود على رغم التفوق الهندي العسكري التقليدي.

هذه الأزمة في الحقيقة جاءت في وقت تراجعت سمعة الجيش الباكستاني وقائده الجنرال عاصم منير. وما حدث في خضمها حتى الآن ساعد في ترميم الشرعية الداخلية للجيش. وكان منير واجه تراجعاً في الشعبية بسبب حملة القمع التي جردها بحق حزب “حركة الإنصاف الباكستانية” (PTI) الذي يتزعمه عمران خان، رئيس الوزراء السابق والزعيم الأكثر شعبية في البلاد. إذ أقدم الجيش الباكستاني على سجن خان بتهم فساد بدوافع سياسية في مايو (أيار) 2023، وحاكم أنصاره في محاكم عسكرية بعد مهاجمتهم منشآت للجيش، ثم تدخل الأخير على نحو صارخ بالانتخابات البرلمانية التي أجريت في فبراير (شباط) 2024 وأسهمت في تعزيز قوة المنافسين الأساسيين لحزب “حركة الإنصاف”. وتفاقم ذاك الشرخ السياسي في ظل الوضع الاقتصادي المتردي للبلاد، إذ اقتربت باكستان من التخلف عن سداد الديون في عام 2023، في وقت بلغ التضخم المنهك معدل الـ38 في المئة. وقد أسهم القلق السياسي في ظل هذه الأجواء بتأجيج المعارضة السياسية. وقام الجيش من جهته بالقوة في إحباط مسيرة لحزب الإنصاف الباكستاني باتجاه إسلام أباد في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، لكن أنصار الحزب في البلاد وخارجها ردوا بشن حملة لا هوادة فيها على منابر التواصل الاجتماعي ضد الجنرال عاصم منير، وهي حملة وصفها الجيش الباكستاني بأنها “إرهاب رقمي”.

الهجمات الانتقامية التي شنتها الهند منحت باكستان انتصاراً رمزياً مهماً

حدّة هذه الضغوطات خفّت في الوقت الراهن. فبالنسبة للرأي العام المحلي في باكستان تمكن الجيش من تقديم نفسه كقوة منتصرة تحمي البلاد من العدوان الهندي. وفي هذا الإطار أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة “غالوب باكستان” أن 96 في المئة من الباكستانيين يرون أن بلادهم انتصرت في المعركة الأخيرة. كذلك أسهمت دعوات الجيش للوحدة الوطنية في التغطية موقتاً على المخاوف الشعبية بشأن القمع السياسي والمشكلات الاقتصادية الأعمق التي تعاني منها البلاد. فخرج منير من المواجهة مع الهند أقوى وأكثر ترسخاً. وكمكافأة لقيادته “دحر العدوان” قامت حكومة البلاد المدنية في هذا السياق، وفي بادرة استعراضية، بترقية منير إلى رتبة “مشير”، الأعلى عسكرياً، ليصبح الضابط الثاني الذي يحمل هذه الرتبة بعد محمد أيوب خان، الجنرال الذي قاد البلاد طوال عقد من السنوات إثر انقلاب عسكري عام 1958.

أما الأسوأ من ذلك بالنسبة للهند فيتمثل بالنتائج العكسية المتولدة من محاولتها إعادة إرساء قوتها الردعية أمام باكستان. فقد أملت نيودلهي في أن يؤدي ردها العقابي، المعزز بالتهديد بتدابير اقتصادية إكراهية، إلى ثني إسلام أباد عن الانخراط في حرب بالوكالة ضد الهند. لكن بدل ذلك، من المرجح أن يكون للأعمال الحربية الأخيرة تأثير معاكس. إذ إن الهجمات الهندية على مواقع الجماعات المسلحة في موريدكي وبهاوالبور لم تؤد إلى إلحاق أضرار كبيرة بالبنية الأساسية للجهاديين الباكستانيين. وقد كان لدى “الأجهزة الاستخباراتية المشتركة” Inter-Services Intelligence التي يديرها الجيش، والتي تعد أهم جهاز استخبارات في باكستان، الوقت الكافي لنقل أصولها الرئيسة إلى أماكن آمنة (قبل العملية الانتقامية الهندية). لكن في كل الأحوال، فإن التخطيط لشن هجمات إرهابية على الهند وتنفيذها لا يعتمدان على هياكل وبنى ثابتة معرضة لنيران العدو. لذا فإن باكستان بهذا المعنى ما زالت تحتفظ بقدرتها الكاملة على استخدام الإرهاب لزعزعة استقرار الهند.

لا بل في الحقيقة، وبعيداً من فكرة ردع الجيش الباكستاني، فإن هجمات الهند قد توحي للجنرالات (الباكستانيين) بأن استراتيجيتهم الاستفزازية تحقق نجاحاً. إذ إن الجيش الذي حكم باكستان طوال معظم تاريخ البلاد، طالما لجأ للأعمال العدائية تجاه الهند لصرف الأنظار عن إخفاقاته. فهو قام مثلاً، ومن دون أدلة تذكر، بتوجيه اللوم إلى نيودلهي في دعم حركة “طالبان باكستان”، الجماعة المسلحة التي تحارب الدولة الباكستانية، كذلك اتهم الجارة نيودلهي أيضاً بدعم الانفصاليين في جنوب غربي إقليم بلوشستان لكن الهند تنفي كل هذه الاتهامات. والجنرال منير في هذا المنحى، حتى بالمقارنة مع أحدث من سبقوه في موقعه، اختار بوضوح نهجاً متشدداً تجاه الهند. فهو قبل أقل من أسبوع واحد من هجوم بهلغام، استشهد بـ “نظرية الدولتين”، أو الفكرة المؤسسة لباكستان المتبلورة خلال مؤتمر عقد بإسلام أباد والتي ترى أن الهندوس والمسلمين حضارتان مختلفتان وغير متوافقتين في الجوهر. وقد ذكر منير بكلام واضح في هذا السياق أن “دينينا مختلفان، وثقافتينا مختلفتان، وطموحاتنا مختلفة”. وإذ وصف باكستان في كلامه ذاك بأنها “دولة صلبة”، تعهد بمواصلة دعم “القتال البطولي” للكشميرين ضد الاحتلال الهندي.

كثيرون في الهند، بينهم وزير الخارجية الهندي سبراهمانيام جايشانكار، فسروا الموقف العدائي هذا الذي عبر عنه الجنرال منير بأنه دليل على “التعصب الديني” الشخصي لهذا الرجل. إلا أن تصريحاته وأفعاله اللاحقة تعكس أيضاً ضروريات الجيش كمؤسسة. إذ على رغم مما يكنه الجنرال منير من آراء محافظة فإن تربية ضباط الجيش الباكستاني تجري في أجواء ثقافية تنظيمية تركز على اعتبار الهند جارة شديدة العداء. ويشكل استمرار الحرب غير التقليدية التي تشنها باكستان على الهند دليلاً كافياً على أن عمليات التلقين المؤسسي والمصالح تبقى أهم من المزايا الشخصية للقائد الأعلى للجيش (قمر باجوا، سلف منير المباشر، كان يعد متسامحاً أكثر تجاه الهند، لكنه على رغم ذلك شهد عهده على حادثة استفزاز كبيرة، تمثل بالهجوم الذي شنته جماعة “جيش محمد” في فبراير 2019 بمنطقة بولواما وأسفرت عن مقتل 40 جندياً من القوات شبه الرسمية الهندية ودفع الهند إلى تنفيذ غارات على الأراضي الباكستانية). القتال الأخير في مايو (أيار) لم يزعزع هذه القناعات. وبالتأكيد فإن جنرالات باكستان ليسوا في وارد تغيير مسارهم وتوجههم.

تصعيد واسع المدى

يواصل الجنرالات الباكستانيون التفكير بهذه الطريقة، على رغم ما يلوح في الأفق من احتمالات نشوب حرب نووية في حال اندلاع صدام بين الجارتين. إذ على رغم تبني الهند لسياسة “عدم الاستخدام الأول” (أي عدم المباشرة باستخدام النووي) منذ أن اختبرت سلاحها النووي عام 1998، فقد أشار المسؤولون الهنود الكبار في السنوات الأخيرة إلى أن صبر البلاد النووي ليس مسألة ثابتة، وأن الهند مستقبلاً قد تعيد النظر بهذه السياسة. وباكستان من جهتها، في كونها القوة الأضعف (بالمعنى التقليدي) في جنوب آسيا ليس لديها سياسة “عدم الاستخدام الأول”، وهي احتفظت بدل ذلك بحق توجيه الضربة الأولى إن واجهت خطر هزيمة وشيكة أمام الهند أو احتمال خسارة أراضٍ لمصلحة الجارة المنافسة. وإثر إعلان الهند في عام 2004 عن نهج “البداية الباردة”، الذي يمثل خطة لتنفيذ توغل تقليدي سريع بغية السيطرة على أراضي باكستانية كعقاب لأي أعمال إرهابية عبر حدود البلدين، قامت باكستان بالمضي في تخفيض عتبة استخدامها للأسلحة النووية عبر التهديد بنشر أسلحة نووية تكتيكية في مواجهة القوات الهندية على أراضيها.

الجنرال منير يحضر مناورات تدريبية للجيش في مانغلا، باكستان، مايو 2025 (الخدمات العامة لجهاز الاستخبارات الباكستانية المشتركة/رويترز)
الجنرال منير يحضر مناورات تدريبية للجيش في مانغلا، باكستان، مايو 2025 (الخدمات العامة لجهاز الاستخبارات الباكستانية المشتركة/رويترز)

إذاً من غير المستغرب أبداً في هذا الإطار أن يكون لباكستان ميل لاعتماد مواقف نووية. كما أن إسلام أباد، على عكس رغبة نيودلهي، نجحت في استحضار شبح الحرب النووية بمواجهاتها السابقة مع الهند بغية تعجيل التدخل الأميركي في الوقت المناسب. فمثلاً، في عام 2019، ووفق مايك بومبيو وزير الخارجية الأميركي آنذاك، اقترب الجانبان خلال الأزمة بينهما وبشكل خطير من تبادل الضربات النووية، وذلك بعد أن أبلغت الهند الأميركيين بأن باكستان على وشك استخدام أسلحتها النووية. وقد استدعى ذاك الخطر المحدق تدخلاً دبلوماسياً أميركياً محموماً أدى في نهاية المطاف إلى الإفراج عن قائد طائرة هندية كانت قد أسقطت، مما وفر للجانبين مخرجاً من تلك الورطة.

وفي جولة الصدام الأخيرة هذه لجأت باكستان أيضاً إلى الحديث عن النووي. فقد قام وزير الدفاع الباكستاني خواجة آصف في أواخر أبريل (نيسان)، قبيل الهجوم الانتقامي الهندي، بتحذير العالم من أن باكستان قد تلجأ للسلاح النووي في حال “واجهنا خطراً مباشراً على وجودنا”. وبعد قيام الهند بضرب القواعد الجوية الباكستانية الرئيسة، بما في ذلك قاعدة “نور خان” ذات الموقع الاستراتيجي قرب المقر العام للجيش ومركز القيادة النووية للبلاد، لم تكتف باكستان بالرد بطريقة تقليدية. فقد دعا رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف على الفور إلى اجتماع طارئ لهيئة القيادة الوطنية التي تشرف على ترسانة البلاد النووية والمخولة بالمصادقة على استخدام الأسلحة النووية، وذلك كي يبعث رسالة محسوبة للهند – ولغيرها ممن يهمه الأمر. في المقابل حذر مودي، رئيس الوزراء الهندي في هذا السياق، من أن “الابتزاز النووي” التي تمارسه باكستان لن يمنع الهند من توجيه ضربات لمعاقل الإرهابيين على الأراضي الباكستانية، لكن قعقعة السيوف النووية تلك سرعان ما أثارت ما يكفي من قلق بالنسبة واشنطن كي تقوم الأخيرة بالتدخل. وقد ادعى ترمب في الحقيقة أن إدارته لم تتوسط لوقف إطلاق النار فحسب، بل منعت أيضاً صداماً نووياً.

النظرة المتفائلة لهذه المواجهة الأخيرة قد تفيد بأن الطرفين اعتمدا ردين متناسبين ومدروسين من دون المبالغة في تقدير قدراتهما. أو بكلام آخر، لم يشأ الغريمان المخاطرة بتكاليف حرب نووية كارثية، فتمكنا في الوقت المناسب من إيجاد مخرج عبر دعوة الأميركيين للتوسط (للإيضاح هنا، تنفي الهند أن تكون الولايات المتحدة قد لعبت دوراً أساسياً في التوصل لوقف إطلاق النار، وهذا موقف خطابي يعكس إصرار نيودلهي على اعتبار صراعها مع باكستان حول كشمير يمثل قضية محصورة بين البلدين، ولا تستدعي “التدويل”).

على رغم أن الأزمة لم تتصاعد إلى مستوى نووي، فإن التصعيد السريع أظهر التأثيرات المتناقضة لامتلاك البلدين أسلحة نووية. فالردع النووي يمكن أن يقلل من احتمال اندلاع حرب تقليدية شاملة، لكنه في الوقت نفسه قد يخلق نوعاً من عدم الاستقرار من خلال توسيع هامش الاشتباكات المحدودة، مثل المناوشات الحدودية والإرهاب.

بعبارة أخرى، ربما تكون حيازة الأسلحة النووية قد حفزت المخاطرة بمواجهات تبقى أدنى بقليل من العتبة النووية الغامضة. ويمكن للمتشائم في هذا المقام أن يشير، وعلى نحو مبرر، إلى النتائج الخطرة التي قد تنجم عن ديناميكية كهذه. إذ مع استمرار قيام الجيوش بضرب مجموعة واسعة من الأهداف باستخدام ترسانة متطورة من الأسلحة الجديدة، فإن احتمالات وقوع كارثة قد تتزايد. ومهما تحلى القادة الهنود والباكستانيين بالحكمة والعقلانية، فإن خطر سوء التقدير أو إساءة الفهم في ظل الأزمات، وبغياب قنوات الاتصال الموثوقة، يجعل كل شرارة اشتعال في المستقبل أكثر خطورة.

مهاجمة الآخر

وقف إطلاق النار لا يعني بأي حال من الأحوال تحقيق سلام دائم. فكل من الطرفين لديه ما يبرر ادعاء النصر، وهو ما قد يساعد، ولو موقتاً، في تهدئة التوترات. يمكن للجيش الباكستاني أن يفاخر بقدرته على موازنة القوة التقليدية للهند، وإعادة تسليط الضوء الدولي على قضية كشمير، وربط الهند مجدداً بباكستان في وقت تسعى نيودلهي إلى التخلص من عبء هذا الصراع الإقليمي ضمن طموحاتها كقوة عظمى. من جانبه، عزز رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي صورته كـ”تشوكيدار” (أي الحارس) في نظر قاعدته من القوميين الهندوس، مشيراً إلى دقة الضربات التي استهدفت مراكز معروفة للمسلحين داخل عمق الأراضي الباكستانية.

لكن هناك بُعدان جديدان يزيدان من خطورة أي مواجهة مستقبلية: التضليل الإعلامي والطائرات المسيّرة. فعلى رغم أن الإعلام الباكستاني لم يكن موضوعياً في تغطيته للأزمة، إلا أن القنوات الإخبارية الهندية ذهبت إلى أبعد من ذلك، إذ غذّت الهستيريا الحربية عبر اختلاق أو تضخيم أخبار كاذبة، مثل ضرب ميناء كراتشي أو السيطرة المزعومة على مدن باكستانية. وقد أسهمت هذه السرديات الإعلامية المتعصبة في تأجيج التوترات، بخاصة في ظل غياب قنوات اتصال مباشر بين الطرفين.

لقد أدى دخول الطائرات المسيرة الحربية في المشهد إلى فتح جبهة جديدة في هذا النزاع. ومع تصاعد الأزمة، أطلقت كل من الهند وباكستان أسراباً من الطائرات المسيّرة الانتحارية، ما أثار حالة من الذعر والخوف بين السكان. ومن المرجح أن تلعب هذه التكنولوجيا دوراً في تصعيد الأزمات أو احتوائها مستقبلاً. فالهند وباكستان تستطيعان استخدام الطائرات المسيّرة بسهولة أكبر من دون تحمل الأخطار السياسية والعسكرية المرتبطة باستخدام الطائرات المأهولة. صحيح أن اعتراض أو إسقاط طائرة مسيّرة قد لا يؤدي إلى تصعيد كبير كما هي الحال مع الطائرات التقليدية، لكن الاستخدام الواسع لهذه الطائرات يوسّع نطاق أي صراع مستقبلي، وبالتالي يزيد من احتمالات التصعيد.

لقد أكدت نيودلهي على رغم اتفاق وقف إطلاق النار أنها لم تقم إلا بتعليق هجومها. وبمقدورها في أي لحظة استئناف هجماتها للرد على أي عمليات إرهابية عبر الحدود مستقبلاً. بوسع هجوم إرهابي واحد أن يزعزع استقرار المنطقة، وذلك عبر إثارة دورة جديدة من عمليات الانتقام والرد المضاد. وفي هذا الإطار لا يزال صناع السياسات الهنود راهناً يعتقدون أنه جرى على الأرجح ردع الجيش الباكستاني، على الأقل موقتاً، عن أي مغامرات مستقبلية بسبب كلفتها العالية المتوقعة. لكن جنرالات باكستان لا يرون الأمر على هذا النحو، فهم خرجوا من الأزمة الأخيرة أقوى وأكثر تصميماً على مواجهة الهند، وتعززت كل من مكانتهم المحلية وسمعتهم في ساحة المعركة. أصحاب العقول الهادئة منهم سيمارسون ضبط النفس في مسألة الحرب بالوكالة، لأن باكستان لا تستطيع تحمل مواجهات متكررة مع جارة منافسة أقوى من الناحيتين الاقتصادية والعسكرية – كما لا يمكنها تجاهل أخطار التصعيد النووي. وعلى الهند أيضاً من جهتها، فيما تسعى لأن تصبح قوة عظمى، ألا ترغب بصراع دائم ومستمر مع باكستان. لكن أي فترة راحة من العنف بين هذين البلدين الجارين يرجح أن تكون فترة موقتة ما دام هناك طرف منهما يعتقد أن لديه ما يكسبه من مهاجمة الطرف الآخر.

 

عقيل شاه أستاذ مساعد غير متفرغ في كلية والش للشؤون الخارجية والدبلوماسية في جامعة جورجتاون. مؤلف كتاب “الجيش والديمقراطية: السياسة العسكرية في باكستان” The Army and Democracy: Military Politics in Pakistan.

مترجم “فورين أفيرز”، 23 مايو (أيار) 2025

 

Continue Reading

Previous: لا هدنة في أوكرانيا ما دامت أوروبا تمول حرب بوتين…..سام كيلي محرر شؤون دوليةالمصدر: اندبندنت عربية
Next: أسواق النفط بعد قرار مجموعة الثماني في “أوبك+” رفع سقف الإنتاج…أنس بن فيصل الحجي..المصدر: اندبندنت عربية

قصص ذات الصلة

  • مقالات رأي

عندما يستقبل “أبو بكر” عبّاس عراقتشي زياد عيتاني…..المصدر :اساس ميديا

khalil المحرر يونيو 4, 2025
  • مقالات رأي

نوّاف سلام ليس ضلعاً قاصراً قاسم يوسف…..المصدر :اساس ميديا

khalil المحرر يونيو 4, 2025
  • مقالات رأي

التّمسّك بالسّلاح… تمسّك بالاحتلال خيرالله خيرالله……..المصدر :اساس ميديا

khalil المحرر يونيو 4, 2025

Recent Posts

  • بوتين يُشكّك في جدوى المحادثات مع أوكرانيا ويتوعّد بالرّد على «هجوم القاذفات».مّة قادة» موسكو المصدر : الشرق الأوسط أنقرة : سعيد عبد الرازق
  • المصدر :العرب يوجهون ضربة لمحاولات الشرع إثبات قدرته على حماية الأقليات…….المصدر :العرب
  • زيباري يلوّح بقطيعة سياسية بين إقليم كردستان وبغداد بسبب الرواتب……المصدر :العرب
  • عندما يستقبل “أبو بكر” عبّاس عراقتشي زياد عيتاني…..المصدر :اساس ميديا
  • نوّاف سلام ليس ضلعاً قاصراً قاسم يوسف…..المصدر :اساس ميديا

Recent Comments

لا توجد تعليقات للعرض.

Archives

  • يونيو 2025
  • مايو 2025
  • أبريل 2025
  • مارس 2025
  • فبراير 2025
  • يناير 2025
  • ديسمبر 2024
  • نوفمبر 2024
  • أكتوبر 2024
  • سبتمبر 2024
  • أغسطس 2024
  • يوليو 2024
  • يونيو 2024
  • مايو 2024
  • أبريل 2024
  • مارس 2024
  • فبراير 2024
  • يناير 2024
  • ديسمبر 2023
  • نوفمبر 2023
  • أكتوبر 2023

Categories

  • أدب وفن
  • افتتاحية
  • الأخبار
  • المجتمع المدني
  • الملف الكوردي
  • حوارات
  • دراسات وبحوث
  • مقالات رأي
  • منوعات

أحدث المقالات

  • بوتين يُشكّك في جدوى المحادثات مع أوكرانيا ويتوعّد بالرّد على «هجوم القاذفات».مّة قادة» موسكو المصدر : الشرق الأوسط أنقرة : سعيد عبد الرازق
  • المصدر :العرب يوجهون ضربة لمحاولات الشرع إثبات قدرته على حماية الأقليات…….المصدر :العرب
  • زيباري يلوّح بقطيعة سياسية بين إقليم كردستان وبغداد بسبب الرواتب……المصدر :العرب
  • عندما يستقبل “أبو بكر” عبّاس عراقتشي زياد عيتاني…..المصدر :اساس ميديا
  • نوّاف سلام ليس ضلعاً قاصراً قاسم يوسف…..المصدر :اساس ميديا

تصنيفات

أدب وفن افتتاحية الأخبار المجتمع المدني الملف الكوردي حوارات دراسات وبحوث مقالات رأي منوعات

منشورات سابقة

  • الأخبار

بوتين يُشكّك في جدوى المحادثات مع أوكرانيا ويتوعّد بالرّد على «هجوم القاذفات».مّة قادة» موسكو المصدر : الشرق الأوسط أنقرة : سعيد عبد الرازق

khalil المحرر يونيو 4, 2025
  • الأخبار

المصدر :العرب يوجهون ضربة لمحاولات الشرع إثبات قدرته على حماية الأقليات…….المصدر :العرب

khalil المحرر يونيو 4, 2025
  • الأخبار

زيباري يلوّح بقطيعة سياسية بين إقليم كردستان وبغداد بسبب الرواتب……المصدر :العرب

khalil المحرر يونيو 4, 2025
  • مقالات رأي

عندما يستقبل “أبو بكر” عبّاس عراقتشي زياد عيتاني…..المصدر :اساس ميديا

khalil المحرر يونيو 4, 2025

اتصل بنا

  • Facebook
  • Instagram
  • Twitter
  • Youtube
  • Pinterest
  • Linkedin
  • الأرشيف
Copyright © All rights reserved. | MoreNews by AF themes.