وسط ظروف مناخية قاسية وتراجع واضح في إنتاج القمح البلدي، تتنافس الحكومة المركزية والإدارة الذاتية في شمال البلاد وشرقها على استقطاب محصول القمح السوري من المزارعين، عبر تقديم أسعار ودعم تشجيعي غير مسبوقين. وأصدر الرئيس السوري أحمد الشرع مرسوماً يمنح كل مزارع يسلم محصوله إلى المؤسسة السورية للحبوب مكافأة قدرها 130 دولاراً للطن، تضاف إلى السعر الرسمي البالغ 320 دولاراً، ليصبح المبلغ الإجمالي 450 دولاراً للطن الواحد، في خطوة تهدف إلى تحفيز المزارعين وسط أزمة قمح متصاعدة.
في المقابل، أعلنت الإدارة الذاتية أن سعر شراء القمح منها يبلغ 350 دولاراً للطن، مع دعم إضافي قيمته 70 دولاراً، ليبلغ السعر الإجمالي 420 دولاراً، مع تقديم البذار والسماد بنصف القيمة للمزارعين، ضمن حزمة دعم زراعي تهدف إلى تأمين المحصول الحيوي.
ويتزامن التنافس على المحصول مع تراجع متوقع في حجم الإنتاج الوطني لهذا العام، نتيجة الجفاف وضعف مردودية الأراضي البعلية، خاصة في مناطق إدلب وريفها، مثل سراقب وخان شيخون ومعرة النعمان، التي شهدت انخفاضاً حاداً في كميات الأمطار. وقدّرت المؤسسة العامة للحبوب في دمشق كلفة شراء المحصول لهذا الموسم بـ1.2 تريليون ليرة سورية. وقد طالبت الحكومة المصرف المركزي بتأمين هذا التمويل من خلال قرض مخصص. وذكرت أن التقديرات الأولية لمحصول هذا العام تتجاوز 750 ألف طن، مقارنة بإنتاج بلغ نحو مليوني طن العام الماضي، في حين كان الإنتاج قبل عام 2011 يتراوح بين 3 و4 ملايين طن سنوياً.
متجر في سوق مغطى بمدينة حمص، 4 يناير 2025 (عمر حاج قدور/فرانس برس)
اقتصاد عربي
النظام الضريبي في سورية… لجنة إصلاح لمشاكل قديمة
وفي الوقت نفسه، أخفقت الحكومة السورية في شراء 100 ألف طن من القمح عبر مناقصة دولية أُغلقت في إبريل/ نيسان الماضي، بحسب “رويترز”. ورغم ذلك، وصلت شحنتان خاصتان من القمح المستورد إلى مرفأي اللاذقية وطرطوس منتصف مايو، بحمولة إجمالية تبلغ 50 ألف طن.
وفي هذا الصدد، أكد مدير التجارة الداخلية في اللاذقية وطرطوس، عبد الوهاب السفر، لـ”العربي الجديد”، أن سورية تواجه شحّاً فعلياً في القمح، مع غياب المخزونات الاستراتيجية، ما يجعل الاستيراد الحل الوحيد في ظل الجفاف وتراجع الإنتاج المحلي. وفي ظل هذه التطورات، يبدو أن موسم القمح الحالي لن يكون فقط معركة زراعية، بل هو ملف استراتيجي تمارس فيه كل من الحكومة المركزية والإدارة الذاتية أدوات نفوذها الاقتصادية في ظل استمرار الانقسام السياسي وغياب الأمن الغذائي.