أبلغ رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المبعوث الأميركي إلى سورية توم باراك، بأنه مهتم بإجراء مفاوضات مع الحكومة السورية الجديدة، بوساطة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، من أجل التوصل إلى مجموعة من الاتفاقيات الجديدة، وفق ما نقله موقع والاه العبري، مساء اليوم الأربعاء، عن مصدرين إسرائيليين لم يسمّهما.
وقال مسؤول إسرائيلي بارز لم يسمّه الموقع إنّ نتنياهو يسعى إلى صياغة اتفاق أمني محدّث مع سورية، كخطوة أولى في عملية قد تؤدي إلى اتفاق سلام شامل. ولفت الموقع إلى أنه في حال تم الشروع في مثل هذه المفاوضات، “فستكون هذه المحادثات الأولى من نوعها بين إسرائيل وسورية منذ سنوات، وستكون غير عادية بتاتاً، بالنظر إلى هوية القادة في كلا البلدين”.
وقد يشير ذلك إلى تحوّل معيّن في الموقف الإسرائيلي، بعد أن عملت قوات الاحتلال منذ اليوم الأول لسقوط نظام بشار الأسد، في 8 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، على احتلال أراض سورية وشن غارات متواصلة على مواقع وقدرات استراتيجية سورية، بذريعة أن النظام الجديد يشكل خطراً على إسرائيل. كما حذّر مسؤولون سياسيون إسرائيليون، ومنهم نتنياهو، من منح الرئيس السوري أحمد الشرع شرعية دولية. وأعربت حكومة نتنياهو عن قلقها العميق إزاء الحكومة السورية الجديدة وعلاقتها بتركيا، وضغطت على الإدارة الأميركية للتعامل معها بحذر. وفوجئت إسرائيل عندما التقى ترامب الشرع الشهر الماضي في السعودية، وأعلن عن رفع العقوبات المفروضة على سورية.
وأفاد “والاه” بأنه على الرغم من مخاوفهم بشأن أحمد الشرع، يرى مسؤولون إسرائيليون أنّ التغيرات على أرض الواقع، وخاصة انسحاب إيران وحزب الله اللبناني من سورية، تمثّل فرصة لتحقيق تقدّم كبير. كما أن التحوّل الجذري في السياسة الأميركية تجاه الحكومة السورية الجديدة أدى إلى تغيير تدريجي في سياسة إسرائيل تجاهها أيضاً. وبدأت حكومة نتنياهو، وفقاً لمسؤولين إسرائيليين، في التواصل مع حكومة الشرع، في البداية بشكل غير مباشر عبر نقل رسائل من خلال دول وسيطة، ولاحقاً عبر اجتماعات سرّية مباشرة في دول ثالثة. وبحسب أقوال مسؤول إسرائيلي كبير لـ”والاه”، في الأيام الأخيرة، “تبيّن أن أحمد الشرع أقل تطرفاً مما كانت تخشاه إسرائيل، ولا يتلقى أوامر من أنقرة”. وأضاف المسؤول الإسرائيلي: “من الأفضل لنا أن تكون الحكومة السورية قريبة من الولايات المتحدة والسعودية”.
وكان توم باراك قد زار إسرائيل، الأسبوع الماضي، والتقى نتنياهو ومسؤولين كباراً آخرين. واصطحب المسؤولون الإسرائيليون باراك إلى الحدود مع سورية في هضبة الجولان السوري المحتل، وإلى الجانب المحتل حديثاً من جبل الشيخ، الذي تطلق عليه دولة الاحتلال اسم “الجانب السوري من جبل الشيخ”، وإلى موقع استراتيجي سيطر عليه جيش الاحتلال بعد سقوط نظام الأسد. ولفت الموقع العبري إلى أنه قبل أسبوع من زيارته إلى إسرائيل، كان باراك في دمشق، حيث التقى الشرع وأعاد فتح مقر إقامة السفير الأميركي في العاصمة السورية. وأثناء وجوده في دمشق، وصف باراك النزاع بين سورية وإسرائيل بأنه “مشكلة يمكن حلها”، مشدداً على ضرورة أن “تبدأ الدولتان بصياغة اتفاق عدم اقتتال”.
القس الأميركي جوني مور خلال زيارته سورية، 10 يونيو 2025 (إكس)
أخبار
قس أميركي بعد لقائه الشرع: السلام بين سورية وإسرائيل ممكن جداً
وقال نتنياهو للمبعوث الأميركي باراك في اجتماعهما، الأسبوع الماضي، إنه يريد استغلال الزخم الناتج عن لقاء ترامب والرئيس السوري الجديد أحمد الشرع لبدء مفاوضات مع سورية بوساطة أميركية. وأشار مسؤول إسرائيلي كبير، لم يسمّه الموقع، إلى أن نتنياهو يطمح إلى صياغة سلسلة من الاتفاقيات مع سورية، بدءاً من اتفاق أمني محدّث يستند إلى اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974، مع تعديلات تتناسب مع الواقع الحالي، وصولاً إلى اتفاق سلام شامل. ويعتقد نتنياهو أن رغبة الرئيس السوري في التقارب مع إدارة ترامب تخلق فرصة دبلوماسية لتحقيق ذلك. وقال المسؤول الإسرائيلي: “نريد التقدّم نحو تطبيع العلاقات مع سورية بأسرع وقت ممكن”.
ووفق ذات المسؤول الإسرائيلي، قال باراك إن الشرع منفتح على مناقشة اتفاقيات جديدة مع إسرائيل. ورفض باراك وديوان نتنياهو التعليق على ما ورد في التقرير. ونقل الموقع العبري عن مسؤول أميركي رفيع لم يسمّه أن الإسرائيليين عرضوا على باراك “الخطوط الحمر” الخاصة بهم فيما يتعلق بسورية، وأبرزها أن لا تكون هناك قواعد عسكرية تركية في البلاد، وعدم السماح بعودة الوجود الإيراني أو حزب الله، كما تطالب إسرائيل بنزع السلاح من جنوب سورية. وأبلغ الإسرائيليون باراك بأنهم سيبقون قواتهم داخل سورية حتى يتم توقيع اتفاق جديد مع الحكومة السورية، يشمل نزع السلاح من المنطقة الواقعة جنوب دمشق وحتى الحدود مع إسرائيل.
وأضاف مسؤول إسرائيلي أنه في إطار اتفاق أمني مستقبلي ينظّم التعامل على الحدود، ترغب إسرائيل في انضمام قوات أميركية إلى قوة الأمم المتحدة التي كانت متمركزة سابقاً على الحدود. ومن شأن هذه التطورات على مستوى الموقف الإسرائيلي، طرح تساؤلات حول مصير هضبة الجولان السوري التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، علماً أن ترامب اعتبر في ولايته الأولى رئيساً للولايات المتحدة هضبة الجولان جزءاً من إسرائيل، ولم تلغِ إدارة الرئيس السابق جو بايدن هذا الاعتراف. ويقدّر مسؤولون إسرائيليون أن الحكومة السورية الجديدة ستطرح قضية الجولان في المحادثات المستقبلية، لكنها قد تكون أكثر مرونة من النظام السابق.
google newsتابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News