في سياق تبرير تعويم فادي صقر (كـ نموذج) وليس مجرد فرد، تبين من خلال حديث ممثل وزارة الداخلية ولجنة السلم الاهلي، إنه (كان هناك ضباط من مخابرات النظام ومن جيش النظام تتعاون معنا وتسلمنا القطع العسكرية وتسلمنا أفرع الامن وتسهل وصولنا الى المناطق السورية وتحريرها حلال عملية ردع العدوان)، وجاء هذا التبريرإعلاناً صريحاً بأن ما جرى في 8 ديسمبر كان بالاتفاق مع بعض مراكز السلطة، والجدير بالذكر إن مثل هذا الاتفاق لا يمكن ان يتم دون رعاية دولية.
مثل هذه الصفقة تعني من جملة ما تعني نفي سردية الانتصار بالسيناريو الذي تم تصديره للرأي العام، وهي على الأرجح كانت صفقة مركبة، أي أكثر من صفقة، أسست لها قوى دولية، ودخلت على الخط في مرحلتها الاخيرة قوى دولية أخرى، بما يعكس الصراع الدولي في سوريا وحولها، وهذا ما ينعكس في سلوك السلطة الجديدة ومحاولاتها الدائبة باسترضاء كل القوى الدولية والاقليمية.
أن تكون هناك صفقة طرفاها غرفة عمليات ردع العدوان، وبعض مراكز السلطة الساقطة ينسف سردية الصراع الطائفي من أساسها، اذا اخذنا الانتماء الطائفي لكل طرف بعين الاعتبار.
لاشك ان السلم الاهلي، وتطبيق مبادىء العدالية الانتقالية شرط لابد منه لتطبيع الاوضاع في البلاد، وحسناً تفعل السلطة في نشاطها في هذا السياق، وشرط نجاح هذه العملية ان تكون على مرأى ومسمع السوريين وتتجاوز منطق الصفقة الى منطق مشروع قانوني متكامل، وتكون السلطة حيادية تجاه الكل، ويشمل كل الانتهاكات والممارسات على الارض السورية بما فيها ما جرى في الساحل والسويداء وصحنايا مؤخراً.
الأهم من كل ذلك أن يتم تأمين المناخ السياسي لإجراء المصالحات وإشاعة السلم الاهلي، وهذا المناخ ليس مجرد مسألة قانونية واجرائية بل مسألة سياسية بامتياز عنوانها الأبرز المشاركة وعدم احتكار القرار، من خلال الدعوة إلى مؤتمر سوري عام تشارك فيه كل الفعاليات السياسية والمجتمعية، يتحدد من خلاله ملامح سوريا الجديدة على اساس التوافق.
إن جوهر الازمة السورية، وسبب صراع السوريين مع السلطة الساقطة، والعمل على تغييرها هو استئثارها بالقرار، وتهميش السوريين…