مع استمرار العدوان الإسرائيلي على إيران، تَمثّل التحرّك التركي الأبرز في اتصال أجراه الرئيس رجب طيب إردوغان، بنظيره الأميركي دونالد ترامب، أول أمس، أعرب فيه عن استعداده للعمل منعاً لخروج الأحداث عن السيطرة. لكن، في المقابل، كان زعيم «حزب الشعب الجمهوري» المعارض، أوزغور أوزيل، يكرّر انتقاده لإردوغان، الذي «يكتفي بإدانة إسرائيل»، متمنّياً أن يسمع «كلمة انتقاد واحدة من إردوغان لترامب، وأن يسأله: لماذا تريق دماء المسلمين؟ وأن يقف إردوغان، ولو لمرّة واحدة، موقفاً يشرّف الأمّة التركية في مواجهة ترامب». ومن جهته، نسب الصحافي مراد يتكين إلى مصادر عسكرية، قولها إنّ تركيا اتّخذت كل التدابير لحماية نفسها من أيّ مفاجآت.
وفيما أثيرت في تركيا مجدّداً مسألة استخدام الولايات المتحدة رادار «كوريجيك» قرب مالطا، لتقديم معلومات استخبارية إلى إسرائيل أثناء تصدّي الأخيرة للصواريخ الإيرانية، قال النائب عن «الشعب الجمهوري»، مراد أمير، إنّ «العدوان الإسرائيلي على جارتنا المباشرة، إيران، تهديد لبلدنا وللإنسانية». وأضاف: «إنّني أسأل رئيس الجمهورية مرّة أخرى، لماذا لم نُغلقْ بعد رادار كوريجيك الذي يقدّم معلومات استخبارية لكلّ من أميركا وإسرائيل؟».
وإذ كانت رئاسة الاتصالات في رئاسة الجمهورية نفت، في العام الماضي، مثل هذا الادعاء، فإنّ صحيفة «جمهورييات» ذكّرت من جديد، بعد العدوان الإسرائيلي على إيران، بأنّ «الدولة التي تقدّم السلاح لإسرائيل، تقدّم حتماً معلومات كوريجيك الاستخبارية لها. كما أنّ حركة الطائرات الإسرائيلية والأميركية تستفيد من معلومات الرادار، وتستفيد منها أيضاً، الطائرات البريطانية والفرنسية المرابطة في قبرص اليونانية، فضلاً عن أنّ تركيا وافقت على فتح مكتب دائم لإسرائيل في مقرّ حلف شمال الأطلسي، فيما من المستحيل أن تتّخذ دولة أطلسية موقفاً معادياً لإسرائيل».
وفي «حرييات»، كتب أحمد حاقان إنّ «الجميع ظنّ أنّ إيران انتهت بعد الهجوم الإسرائيلي، لكن تبيّن أنها ليست لقمة سائغة»، مضيفاً: «للمرّة الأولى تظهر مشاهد دمار في تل أبيب؛ فإسرائيل تلقّت ردّاً لم تكن تتوقّعه، والصواريخ الإيرانية مؤثّرة». ووفقاً لحاقان، فإنّ «إسرائيل واهمة إذا كانت تظنّ أنها تستطيع إسقاط النظام بهذه الضربات. وحدها الديناميات الداخلية يمكن أن تسقط النظام».
تركيا اتّخذت كل التدابير لحماية نفسها من أيّ مفاجآت
أمّا محمد أوغوتشي فكتب متسائلاً عمّا إذا كان الصراع الإسرائيلي – الإيراني سيستمرّ طويلاً، متوقّعاً ألّا تنهي إسرائيل عمليتها قبل إزالة البرنامج النووي الإيراني، وهو ما «يحمل مخاطر جدّية لتغيير موازين القوى الإقليمية والعالمية». وقال أوغوتشو إنّ «روسيا والصين قلقتان من الوضع، كون إيران محوراً إستراتيجياً لممرّات الطاقة. ومع أنّ السعودية مسرورة لضرب إيران، لكنها لا تريد إشعال مضيق هرمز. أمّا الولايات المتحدة، فهي لا شكّ شريكة لإسرائيل في العملية، لكنها تحاول أن تظهر بأنها ليست في خضمّ الصراع».
وبحسب الكاتب، تنطوي المواجهة بين إسرائيل وإيران على تحدّيات كبيرة للعلاقات التركية – الإيرانية: «أوّلها ارتفاع أسعار الطاقة، إذ تستورد تركيا 92% من احتياجاتها النفطية، ما سيزيد ارتفاع التضخّم العالي أصلاً ويزعزع الاقتصاد. كذلك، فإنّ اتّساع الاضطرابات في منطقة الخليج سيزيد من ارتفاع كلفة النقل والتأمين بالنسبة إلى تركيا من وإلى الأسواق الآسيوية». وقال الباحث إنه «لدى تركيا القابلية للوساطة بين إسرائيل وإيران، كما حصل بين روسيا وأوكرانيا، لكنّ التوازنات الطائفية والقرب الجغرافي والحساسيات السياسية الداخلية في تركيا قد تعقّد العملية الدبلوماسية هذه المرّة، فضلاً عن أنّ توتّر العلاقات بين أنقرة وتل أبيب قد يعرقل هذه الوساطة».
وفي «جمهورييات»، قال محمد علي غولر إنّ «إسرائيل نفّذت الهجوم على إيران بدعم كامل من الولايات المتحدة؛ أما الأوروبيون، فلا حدود لنفاقهم ويعلنون أنّ إسرائيل ضحيّة ولها الحقّ في الدفاع عن نفسها». وأضاف إنّ «تصوير إسرائيل على أنها ضحيّة، هو في حدّ ذاته جريمة ضدّ الإنسانية، وهي تعتدي على الجميع ومن ثم يحمّلون إيران المسؤولية». وحذّر الكاتب من أنّ مَن يهاجمون الجمهورية الإسلامية من دول المنطقة «إنّما يتعامون عن أنّ الدور سيصل إليهم، وسيدفعون الثمن غالياً في ما يتعلّق بحدودهم وأنظمتهم. لقد رمى نتنياهو اليوم حجر نرد ورمى ترامب بحجر نرد آخر. لكن ليس من الواضح كم من الحجارة سيسقط لاحقاً».
ووفقاً للكاتب الإسلامي إحسان آقطاش، في صحيفة «يني شفق»، فإنّ «إيران حقّقت، رغم الحصار الغربي، تقدُّماً ملحوظاً في تكنولوجيا الصواريخ، لكنها عانت من ضعف الاستخبارات بسبب انغلاقها على شعبها ومواهب أبنائها». ورأى أنّ «من أخطاء إيران، أنها اعتقدت أنّ إحداث الفوضى في الجوار سيحميها، ولم تعمل على شبك أيّ تحالفات جدّية مع دول الجوار لاعتدادها بقدرتها الذاتية فقط. مع ذلك، فإنه كلما ضعفت الدول المحيطة بإيران، ضعفت هي. وبالغ قادتها في تصريحاتهم ليظهروا إيران قوية». وقال: «الهجوم الإسرائيلي أظهر الضعف الإيراني هذا». ومع ذلك، أمل آقطاش في أن تتعلّم إيران من تجاربها، قائلاً: «موقفنا ضدّ إسرائيل. وقلوبنا مع أيّ دولة تقف في وجه إسرائيل. ونحن نقف إلى جانب الشعب الإيراني في هذه الحرب، ولن نغيّر هذا الموقف أبداً».
وفي صحيفة «نفس»، كتب مراد مراد أوغلو، قائلاً إنّ «إسرائيل ما كانت لتقوم بهذا العدوان لولا مساعدة الولايات المتحدة. وهذا إذا حصل، يعني رفع أسعار الطاقة، وهو ما يهمّ تركيا قبل أيّ شيء، لأنّ ارتفاع أسعار النفط يعني تراجع الاقتصاد التركي كثيراً. فكيف إذا كانت إدارة الاقتصاد أصلاً سيّئة؟ وإذا احترقت إيران، فإنّ تركيا ستحترق اقتصاديّاً».