مع تصاعد وتيرة الحرب بين إيران وإسرائيل، حذّرت الفصائل المسلحة في العراق من أنها قد تنخرط مباشرة في الصراع، “إذا استمرت الطائرات الإسرائيلية في اختراق الأجواء العراقية”، وسط اتهامات موجهة إلى الحكومة بعدم اتخاذ إجراءات فعلية، والاكتفاء ببيانات الإدانة.
ويكشف عدد من القياديين في هذه الفصائل لـ”النهار” أن “المقاومة تدرس موقفاً موحداً” إزاء الانتهاكات الإسرائيلية، ملمحين إلى احتمال إعادة تفعيل خيار “وحدة الساحات”، إلى جانب “سيناريوهات أخرى” مطروحة على الطاولة.
في المقابل، تبدي أوساط برلمانية رغبتها في النأي بالعراق عن هذا الصراع، تحت شعار “البلاد لا تحتمل مزيداً من الويلات”.
استعداد للانخراط
هدّدت “حركة النجباء”، إحدى أبرز الفصائل المسلحة العراقية، بالانخراط في الحرب المستمرة بين إيران وإسرائيل، إذا تواصل اختراق الأجواء العراقية من الطائرات الإسرائيلية.
ويطالب عضو المجلس السياسي للحركة فراس الياسر، في تصريح لـ”النهار”، الحكومة العراقية باتخاذ “إجراءات حقيقية، لا الاكتفاء ببيانات الاستنكار”، معتبراً أن إسرائيل “تلقّت ضوءاً أخضر لقصف الأراضي الإيرانية عبر الأجواء العراقية”.
ويقول الياسر إن “اتفاقية الإطار الاستراتيجي سيئة الصيت لم تعد ذات قيمة، إذ كان يفترض أن تحمي أميركا الأجواء العراقية، لا أن تسمح باختراقها”، ملوّحاً بأن “الفترة المقبلة ستشهد مواقف جديدة من المقاومة تجاه الوجود الأميركي”.
ويضيف أن “فصائل المقاومة تدرس سيناريوهات عدة”، تُحدَّد بناءً على “قراءة الساحة، بمعزل عن موقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية. نحن نواجه احتلالاً، وأحد نتائجه هو إضعاف العراق”.
ويؤكد أن “تدخل الولايات المتحدة في الصراع القائم سيجعل من جميع قواعدها في العراق أهدافاً لسلاح الفصائل”، مشدداً: “الكرة تتدحرج، وكل شيء متوقّع. وبيان كتائب حزب الله أوضح أن أي تدخل أميركي سيقابله تدخل من فصائل المقاومة الإسلامية العراقية”.
وكانت “كتائب حزب الله” قد هدّدت باستهداف جميع المصالح الأميركية في المنطقة، إذا تدخّلت واشنطن مباشرة في الحرب بين إسرائيل وإيران.
وقال الأمين العام للكتائب، أبو حسين الحميداوي، في بيان، “نراقب تحركات الجيش الأميركي في المنطقة، وإذا ما تدخّل، فسنتحرّك مباشرة ضد مصالحه وقواعده من دون تردد”.
بانتظار التعليمات…
في السياق ذاته، يقول طاهر العبادي، نائب الأمين العام لحركة “أنصار الله الأوفياء”، لـ”النهار”، وهو في طريقه إلى أحد المقارّ الأمنية قرب الحدود العراقية–السورية، إنه لم يتلقَّ حتى الآن أي تعليمات رسمية.
لكنه يلمح إلى أن “عودة فصائل المقاومة إلى وحدة الساحات محتملة وقريبة، في ظل الانتهاكات المتواصلة للأجواء العراقية، والدعم الأميركي لإسرائيل”.
وفي تأكيد إضافي، يرجّح المحلل السياسي عباس العرداوي، المقرّب من الفصائل العراقية، أن تنخرط الأخيرة في الحرب الإيرانية–الإسرائيلية “إذا تدخلت الولايات المتحدة بشكل مباشر” في دعم إسرائيل.
ويضيف العرداوي، في تصريح لـ”النهار”، أن “تنسيقية المقاومة اتخذت قراراً جماعياً بتوحيد الموقف، وإبلاغ الحكومة العراقية به، ويتضمن الاستعداد الكامل لأي طارئ، خصوصاً إذا جرى استخدام القواعد الأميركية في العراق للاعتداء على إيران، أو استمرار استغلال الأجواء العراقية لضربها”.
ويشير إلى أن “الفصائل قد تؤدي دوراً أساسياً في منع استغلال المساحة الجغرافية العراقية للضغط على الجمهورية الإسلامية، وخدمة إسرائيل، سواء عبر مرور الطائرات أو المسيّرات، أو من خلال دعم وتمويل مجاهدي خلق لتنفيذ عمليات تخريب في داخل إيران”.
المنظومة الدفاعية متهالكة
برلمانياً، يقول عضو لجنة الأمن والدفاع النائب محمد الشمري إن “إبعاد فصائل المقاومة عن الصراع الراهن يتطلب حكومة قوية قادرة على تحييد العراق عن أي حرب”، مؤكداً أن حكومة السوداني “لا تملك زمام الأمور، والوضع العراقي، داخلياً وخارجياً، مربك للغاية”.
ويضيف الشمري، في تصريح لـ”النهار”، أن “العراق لا يملك قوة ردع في مواجهة الهجمات الإسرائيلية على إيران، لأنه يفتقر إلى منظومة تسليحية متطورة”، مشيراً إلى أن “الرادارات العراقية عاجزة حتى عن رصد الصواريخ الإسرائيلية”، في إشارة إلى تقادم قدرات الدفاع الجوي.
ويتابع: “الخيار الأفضل للحكومة العراقية أن تلعب دور الوسيط في الصراع الإيراني–الأميركي، وأن تدعم المبادرات التفاوضية التي ترعاها سلطنة عُمان”.