بعد الضربة التي وجهتها الولايات المتحدة إلى المنشآت النووية الإيرانية في فوردو، نطنز، وأصفهان، وبتنسيق كامل مع إسرائيل، ترى الأوساط السياسية الإسرائيلية أن “التحالف مع الولايات المتحدة بات أمتن وأقوى من أي وقت مضى”.
واعتبر صحافيون ومحللون سياسيون وعسكريون أن الولايات المتحدة أكملت بهذه الهجمات ما بدأه الجيش الإسرائيلي وجهاز الاستخبارات الخارجية (الموساد) من ضربات ضد البرنامج النووي الإيراني، الذي يشكّل “تهديداً وجودياً” لإسرائيل، و”خطراً على الاستقرار العالمي”.
وبينما يحتفل الأميركيون في 21 حزيران/ يونيو بأطول نهار في السنة، كانت طهران في اليوم التالي تدخل مرحلة “العدّ التنازلي”، وفقاً للتحليلات العبرية. إنها لحظة درامية في الحرب التي بدأت قبل 625 يوماً، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 بين إسرائيل و”حماس”، وتحوّلت إلى مواجهة مفتوحة بين إسرائيل وإيران.
إنجاز ديبلوماسي وتحوّل استراتيجي
الصحافي اليميني عاميت سيغال، المقرب من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وصف الهجوم بأنه “ليس مجرد سابقة عسكرية باستخدام قنابل خارقة للتحصينات، بل إنجاز ديبلوماسي يُقارن بإعلان قيام إسرائيل عام 1947”.
وأضاف أن “نتنياهو ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر تمكنا من إقناع أقوى رجل في العالم، الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بشن ضربة ضد إيران، بعدما رفض ذلك ثلاثة من أسلافه”. وتابع: “الجيش الأقوى في التاريخ دمّر التهديد الوجودي الأشد واقعية الذي واجه الدولة اليهودية”.
ورأى سيغال أن “هذه الضربة تمهّد لشرق أوسط جديد، خالٍ من تهديد نووي بأيدي متشددين أصوليين”، معتبراً أن “المليارات التي استثمرتها إيران في حزب الله وحماس ذهبت أدراج الرياح”، وأن “دماء نحو 900 جندي إسرائيلي لم تذهب سدى، بل مهّدت لهذه اللحظة”.
وأكد أن الإيرانيين “أنفقوا قرابة نصف تريليون دولار على مشروعهم النووي، الذي أصبح رماداً”، محذّراً من أن طهران قد تلجأ إلى “قنبلة قذرة” مرتجلة، رداً على خسارتها الاستراتيجية.
هل انتهت اللعبة فعلاً؟
المراسلة السياسية في قناة “كان” غيلي كوهين، طرحت ثلاثة أسئلة مفتاحية. أولاً، كيف ستبدو الأيام المقبلة من حيث الرد الإيراني واستمرار الهجمات؟ ثانياً، كيف ستُحسم جبهة غزة وهل سيتم إطلاق سراح الأسرى؟ ثالثاً، ما مصير الأشهر والسنوات المقبلة بعد تدمير البرنامج النووي الإيراني وهل ستتغير السياسة الأميركية في الشرق الأوسط؟.
أما المحلل السياسي في صحيفة “يديعوت أحرونوت” نداف إيال، فكتب: “سنعرف قريباً مدى الضرر الذي لحق بالمنشآت النووية، لكن ما يهم هو أن الرئيس الأميركي قرر إنهاء لعبة إيران القاتلة، وأعاد بناء صورة القوة العظمى التي تحمي مبادئها ومصالح حلفائها”.
وأشار إلى قاعدة فوردو المحصنة في أعماق الجبل، مؤكداً أن أقمار التجسس وجّهت أنظارها إليها لرصد ما أحدثته القنابل الأميركية العملاقة، وأضاف: “الأمر لا يتعلق بحجم الضرر فحسب، بل بالرسالة الواضحة: إذا سلكتم هذا الطريق، فستلاحقكم أميركا العظمى”.
اغتيال خامنئي
وفي مقالة مثيرة للجدل، كتب الصحافي الإسرائيلي في “هآرتس” جدعون ليفي: “علي خامنئي ليس هتلر، فهل من المشروع اغتياله؟ وهل يحق اغتيال رئيس دولة إلا في حالات نادرة؟”.
وسأل ليفي: “من يقرر مَن يُغتال ومَن يُستثنى؟ من يقرر جواز اغتيال خامنئي واستبعاد نتنياهو؟ هل يجوز قتل علماء نوويين إيرانيين واستبعاد علماء إسرائيل؟ هل تملك دولة حق امتلاك سلاح نووي بينما يُحرَّم على أخرى؟”.
ورأى أن منطق “الاستثناء الإسرائيلي” لم يعد مقنعاً للعالم، وأن “ادعاء إسرائيل بأنها ضحية دائمة (الهولوكوست، 7 أكتوبر) بات مكرراً ومُنهكاً”، مؤكداً أن “اغتيال خامنئي سيزيد النار اشتعالاً، ولن يُنهي الحرب”.
واختتم ليفي مقالته منتقداً وزير الدفاع يسرائيل كاتس، قائلاً: “يلعب دور الإله، يقرر من يعيش ومن يموت. فهل يُسمح لنظيره الإيراني بتهديده بالاغتيال؟”.