Skip to content

السفينة

alsafina.net

Primary Menu
  • الرئيسية
  • الأخبار
  • افتتاحية
  • حوارات
  • أدب وفن
  • مقالات رأي
  • منوعات
  • دراسات وبحوث
  • المجتمع المدني
  • الملف الكوردي
  • الأرشيف
  • Home
  • أميركا أمة نافلة واشنطن في حقبة ما بعد أميركا كوري شايك…..المصدر : اندبندنت عربية
  • مقالات رأي

أميركا أمة نافلة واشنطن في حقبة ما بعد أميركا كوري شايك…..المصدر : اندبندنت عربية

khalil المحرر يوليو 5, 2025

 

ملخص
سياسة إدارة ترمب تسهم في تحويل الولايات المتحدة من قوة لا غنى عنها إلى شريك لا يُحتمل يهدد بتفكك النظام الدولي القائم، ويقوّض الثقة بالحلفاء، ويُضعف الردع، ويفتح المجال أمام خصوم واشنطن لملء الفراغ العالمي الذي تخليه طوعاً.

إن صعود الرئيس دونالد ترمب إلى السلطة وجاذبيته السياسية المستمرة يغذيهما جزئياً تصويره الولايات المتحدة على أنها دولة فاشلة: منهكة وضعيفة ومدمرة. ومع ذلك، وفي مثال آخر على تناقضاته المعهودة، فإن سياسة ترمب الخارجية تقوم على المبالغة في تقدير القوة الأميركية. في الواقع، يبدو أن ترمب ومستشاريه يعتقدون أنه، على رغم الحال المتدهورة المزعومة للبلاد، فإن التحرك الأحادي من جانب واشنطن لا يزال بإمكانه إجبار الآخرين على الاستسلام والخضوع للشروط الأميركية.

لكن منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، كانت القوة الأميركية متجذرة في الغالب في التعاون، وليس في الإكراه. لكنّ فريق ترمب يتجاهل هذا التاريخ، ويأخذ جميع الفوائد التي جنتها المقاربة التعاونية كأمر مسلَّم به، ولا يستطيع أن يتصور مستقبلاً تختار فيه دول أخرى الانسحاب من النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة أو بناء نظام جديد يكون معادياً للمصالح الأميركية. ومع ذلك، فهذه هي بالضبط النتائج التي يعجّل بها نهج إدارة ترمب.

لقد جادل عالم السياسة مايكل بيكلي في مجلة “فورين أفيرز” بأن الولايات المتحدة تتحول إلى “قوة عظمى مارقة، لا أممية ولا انعزالية، بل عدوانية، وقوية، وتعمل بشكل متزايد لصالح نفسها”. وهذا الوصف دقيق، لكنه غير مكتمل، لأنه لا يجسّد تماماً إلى أي مدى يمكن للهيمنة الأميركية أن تتعرض للتقويض أو التقييد من الآخرين. في عصر ترمب، تكهّن كثر حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستنسحب من دورها القيادي في العالم أم لا، أو إلى أي درجة ستفعل ذلك. لكن السؤال الأكثر إلحاحاً قد يكون: ماذا لو سبقها بقية العالم إلى ذلك، وانسحب من النظام التعاوني بقيادة الولايات المتحدة الذي كان أساساً لقوتها؟

قد يرد بعض المتابعين بالقول إن حلفاء الولايات المتحدة والدول المحايدة، حتى وإن لم يعجبهم الأسلوب الذي يمارس به ترمب القوة الأميركية، فليس لديهم خيار سوى القبول به الآن، وسيتأقلمون معه على المدى الطويل، مسترضين واشنطن قدر الإمكان، ومتّخذين إجراءات احترازية فقط عند الضرورة القصوى. ففي النهاية، قد يكرهون الولايات المتحدة ويفقدون الثقة بها، ولكن ليس بقدر كراهيتهم الصين وروسيا وغيرهما من خصوم أميركا، وانعدام ثقتهم في هذه الدول. ووفقاً لهذا الرأي، فإن الولايات المتحدة التي يريدها ترمب ستكون أسوأ قوة مهيمنة ممكنة، لكنها تظل أفضل من جميع المرشحين المحتملين الآخرين. علاوة على ذلك، حتى إن أرادت دول أخرى الانسحاب من النظام الذي تقوده واشنطن أو تجاوزه، فهي لا تملك القدرة على فعل ذلك، سواء بشكل فردي أو جماعي. قد تتوق إلى الأيام التي كانت فيها الولايات المتحدة الأكثر انفتاحاً وتعاوناً هي التي تشكّل النظام العالمي، لكنها ستتعلم التعايش مع الولايات المتحدة الأكثر قومية وانغلاقاً وتطلباً.

لكن هذا الرأي ناتج من قصور في الخيال، وهو مصدر شائع للفشل الإستراتيجي، لأن فن إدارة الدولة يتطلب توقّع طريقة تفاعل الفاعلين الآخرين في النظام الدولي وما هي التحولات التي قد يتسببون بها. ونظراً إلى عدم القدرة على القيام ذلك، تبنى فريق ترمب مقاربة تستند إلى افتراضين خاطئين: أن الدول الأخرى والمنظمات الدولية والشركات ومنظمات المجتمع المدني لا تملك خياراً سوى الاستسلام للمطالب الأميركية، وأنه حتى لو ظهرت بدائل، فإن الولايات المتحدة يمكن أن تبقى مهيمنة من دون حلفائها. وهذا تفكير انعزالي أناني متخفٍّ في زي الإستراتيجية، وبدلاً من أن ينتج منه نظام أقل تقييداً يمكن أن تزدهر فيه القوة الأميركية، فإنه سيؤدي إلى نظام أكثر عدائية ستتلاشى فيه هذه القوة.

لا تعرف قيمة ما تملكه إلى أن تفقده

على رغم استخفاف ترمب بالولايات المتحدة، فهي تتمتع بقوة وحيوية لا مثيل لهما. في الواقع، لا توجد دولة متقدمة أخرى تعتمد إلى هذا الحد على سوقها المحلية فيما تعتمد قليلاً على التجارة الخارجية. فنحو نصف التجارة العالمية وما يقرب من 90 في المئة من معاملات الصرف الأجنبي العالمية تتم بالدولار الأميركي، وهو رصيد استثنائي من القيمة يمنح واشنطن رفاهية الإنفاق بعجز على نحو كان ليُعدّ مرفوضاً في أي مكان آخر. خلافاً لمعظم الدول المتقدمة الأخرى، تتمتع الولايات المتحدة بقوة عاملة شابة آخذة في النمو. إضافة إلى ذلك، هي تتمتع بموارد طبيعية وفيرة، وتُجاورُ دولاً ودودة، وتجذب أمهر الكفاءات في العالم إلى جامعاتها وشركاتها، وتعزز الحراك الاجتماعي والاقتصادي الذي يُقلل من العداوات العرقية والدينية، وتخضع لنظام سياسي يلائم مجتمعاً متنوعاً.

لكن ترمب وفريقه يبددون هذه المزايا بوتيرة مقلقة. فمنذ توليه منصبه في يناير (كانون الثاني) الماضي تعرضت عناصر من الديمقراطية الدستورية في البلاد للتقويض، أو ما هو أسوأ من ذلك، تحولت إلى أدوات تُستعمل لخدمة أغراض حزبية أو انتقام شخصي لترمب. وقد وسّع البيت الأبيض صلاحيات السلطة التنفيذية بشكل عدواني من خلال تجاوز سلطة الكونغرس، ورفْض الامتثال لأوامر المحكمة، والتشكيك في استقلالية المؤسسات الحيوية مثل الاحتياطي الفيدرالي. واستطراداً، استهدف ترمب الجامعات الأميركية النخبوية، وحرمها من التمويل الفيدرالي الذي تستخدمه في ابتكار التقنيات التكنولوجية والتقدم الطبي. كذلك سمح لإيلون ماسك، عملاق التكنولوجيا الملياردير الذي تبرع بمبالغ طائلة لحملته الانتخابية، بأن يتجاهل البيروقراطية الفيدرالية، مما أدى إلى إقصاء كثير من موظفي الخدمة المدنية الموهوبين الذين يعتمد عليهم عمل الحكومة الفيدرالية وينفذون السياسة الخارجية الأميركية.

قناعة ترمب الراسخة بأن الحلفاء عبء تسهم في تفكك النظام الدولي

وفي الوقت نفسه، أدت حرب ترمب التجارية غير المنتظمة، التي تستهدف الخصوم والحلفاء على حد سواء، إلى إرباك الأسواق، وإثارة قلق المستثمرين، وإقناع شركاء واشنطن بأنهم لم يعودوا قادرين على الوثوق فيها. لقد هدد ترمب سيادة الحلفاء وانتقد قادتهم علناً، بينما كان يغدق المديح على الديكتاتوريين والبلطجية الذين يهددون هؤلاء الحلفاء. أما إلغاء المساعدات الخارجية الأميركية بصورة جذرية ومفاجئة فقد أزال أداة تأثير مهمة وأظهر قدراً من اللامبالاة لن يمر مرور الكرام. وبينما يشاهد أصدقاء البلاد ذلك برعب، في حين يترقبه خصومها بفرح، تحولت الولايات المتحدة من دولة لا غنى عنها إلى دولة لا تُطاق.

في الواقع، تُعد التجربة الأميركية للهيمنة على النظام الدولي حالة شاذة تاريخياً، لأنها لم تدفع الآخرين إلى اتخاذ خطوات لحماية نفسها. عادة، تخلق القوة الصاعدة حوافز لدى الدول الأخرى لموازنة نفوذها وتكوين تكتلات مضادة: ففي القرن الخامس قبل الميلاد، تسبب صعود أثينا في سعي الدول المجاورة إلى طلب الحماية من إسبرطة، وفي حرب الشمال العظمى في أوائل القرن الـ18، أثارت طموحات ملك السويد تشارلز الـ12 تحالفاً معادياً للسويد، وبعد نحو قرن من الزمن، أسهمت القوة المتصاعدة لفرنسا في تشكيل التحالف الذي هزم نابليون في النهاية. لكن النظام الدولي الذي أنشأته الولايات المتحدة وحلفاؤها من رماد الحرب العالمية الثانية حال دون هذه النتيجة التي بدت حتمية. فقواعده المتفق عليها، ومشاركة الدول الطوعية فيه، عززت تأثير الدول الصغيرة والمتوسطة التي استفادت من الأمان الذي توفره القوة الأميركية. وقد كبحت الولايات المتحدة جماح نفسها طواعية لتشجيع التعاون. ونتيجة لذلك، كان النظام الأميركي فعّالاً من حيث الكلفة بصورة ملحوظة، لأن قواعده نادراً ما تطلبت التنفيذ بالقوة. وفي الحقيقة، لم تحظَ أية قوة مهيمنة في التاريخ بمثل هذا القدر من المساعدة من الآخرين في الحفاظ على هيمنتها.

لكن هذا النظام ينهار الآن. فلدى ترمب قناعة أيديولوجية راسخة بأن الحلفاء عبء. وتقوم تكتيكاته التفاوضية على استغلال نفوذ الولايات المتحدة لانتزاع تنازلات من جميع الأطراف في جميع الأوقات. لكن هذا النهج يتجاهل كيف يمكن للتعاون أن يعمل كمضاعِف للقوة. لنأخذ حالة إيران على سبيل المثال. لقد فرضت الولايات المتحدة عقوبات قاسية على الجمهورية الإسلامية منذ عام 1979. ومع ذلك، لم يكن الضغط الأميركي وحده كافياَ لإجبار طهران على الجلوس إلى طاولة المفاوضات في شأن برنامجها النووي. لقد تطلب الأمر انضمام الصين وروسيا وحلفاء واشنطن الأوروبيين إلى نظام العقوبات.

وتقدّم الحرب في أوكرانيا مثالاً آخر. ففي سبيل إنهاء الحرب، قد تختار إدارة ترمب تخفيف العقوبات على روسيا أو إجبار أوكرانيا على الاستسلام أمام العدوان الروسي. لكن تعافي الاقتصاد الروسي يحتاج إلى موافقة الأوروبيين الذين بإمكانهم مواصلة دعم أوكرانيا من دون مساعدة أميركية. ومع ذلك، بدلاً من كسب تعاون الحلفاء الأوروبيين في المفاوضات، عمد ترمب إلى استبعادهم وتهميشهم. وعلى نحو مماثل، ترغب الولايات المتحدة في تقييد وصول الصين إلى بعض أنواع التكنولوجيا المتقدمة، مثل الأدوات والمكونات الضرورية لصناعة أشباه الموصلات. لكن من دون امتثال الدول المصنعة لهذه التقنيات، بما في ذلك اليابان وهولندا، لن تُجدي القيود الأميركية نفعاً. كذلك فإن التهديدات بإخراج الدول من السوق الأميركية أو حرمانها من استخدام الدولار الأميركي لن تكون فعالة إذا كانت واشنطن ستحرمها من الوصول إلى السوق على أية حال [بغض النظر عن سلوكها]، أو إذا فقد الدولار مركزيته في الاقتصاد العالمي.

نهج ترمب هو تفكير انعزالي أناني يتستر بعباءة الإستراتيجية

لكن إدارة ترمب لم تكن الوحيدة التي أسهمت في تآكل النظام الدولي الذي يصب في مصلحة الولايات المتحدة. فقد دأبت واشنطن على استغلال الاعتماد الاقتصادي المتبادل كسلاح على مدى عقود، ونتيجة لاعتقاد واسع الانتشار بين الناخبين الأميركيين بأن التجارة الحرة أضرت بالصناعة الأميركية وخلخلت الاقتصاد الأميركي من الداخل، تبنت الإدارات الرئاسية الثلاث الأخيرة موقفاً عدائياً تجاه توفير فرص الوصول إلى السوق، حتى لأقرب الشركاء التجاريين الذين تُعدّ مساهماتهم ضرورية للإنتاج الأميركي.

وعلى مدى أعوام عدة، كان حلفاء الولايات المتحدة – خصوصاً في آسيا – ممن يتخوفون من تعاظم قوة الصين، يناشدون واشنطن بأن تنتهج إستراتيجية اقتصادية تتيح لهم تقليل اعتمادهم على الصين. وخلال الولاية الثانية للرئيس باراك أوباما، تفاوضت إدارته على اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ، التي كانت ستوفر طريقاً تعاونياً للمضي قدماً. لقد كان الاتفاق سيربط بين 12 اقتصاداً، ويستفيد من ديناميكية آسيا الاقتصادية، ويستخدم وعد الوصول إلى الأسواق الأميركية كأداة لفرض معايير أعلى للبيئة والعمل، مما سيجعل الإنتاج الأميركي أكثر تنافسية. لكن إدارة أوباما تركت الاتفاقي يتعثر بدلاً من الدفع نحو تصديق الكونغرس عليه. وتنصّل مرشحا الحزبين الرئيسين في انتخابات 2016 من الاتفاق، وانسحب ترمب من المفاوضات عام 2017، واختار جو بايدن عدم الانضمام إلى الاتفاق بعد تولّيه الرئاسة عام 2021.

لكن عندما يتعلق الأمر بقطع الجسور وتقويض العلاقات، لا شيء يضاهي سرعة سياسات ترمب خلال الأشهر الأخيرة والدمار الذي تخلّفه. ووفقاً لاستبيان حديث أجراه معهد استطلاعات الرأي “كلاستر-17” ومجلة “لو غراند كونتيننت”، فإن 51 في المئة من الأوروبيين “يعتبرون ترمب عدواً لأوروبا”. وهذا الشعور هو الأقوى في الدول التي كانت في السابق الأكثر دعماً للولايات المتحدة، مثل الدنمارك وألمانيا. وفي سياق متصل، قال المستشار الألماني الحالي، فريدريش ميرتس، بعد فوز حزبه اليميني الوسطي في انتخابات فبراير (شباط) الماضي: “الأميركيون، في الأقل هذه الشريحة منهم، وهذه الإدارة، غير مبالين إطلاقاً بمصير أوروبا”. وأضاف: “أولويتي المطلقة ستكون تعزيز أوروبا بأسرع وقت ممكن، حتى نتمكن، خطوة بخطوة، من تحقيق الاستقلال الحقيقي عن الولايات المتحدة”. لقد لخصت كلماته ما كان يُعتبر رأياً هامشياً غير مألوف قبل عقد من الزمان، ولكنه أصبح اليوم الرأي السائد في أوروبا.

أميركا وحدها

في الأعوام الأخيرة، كثّف خصوم الولايات المتحدة، بما في ذلك الصين وإيران وكوريا الشمالية وروسيا، تعاونهم في مواجهة مساعي واشنطن الرامية إلى عزلهم، فساعدوا بعضهم بعضاً في الالتفاف على العقوبات، وتسليح جيوشهم، وارتكاب مختلف أعمال العدوان. وهذا ليس مفاجئاً، فصناع القرار الأميركيون يتمتعون بخبرة واسعة في التعامل مع مؤامرات مماثلة. إلا أن ما ينقصهم هو خبرة في عالم يبدأ فيه حلفاء أميركا التقليديون والدول الأكثر حيادية بالعمل معاً، ولكن ضد الولايات المتحدة.

قد تبدو أولى بوادر هذا المسار مجرد احتجاجات رمزية، بينما تسعى الدول والمؤسسات إلى إيجاد سبل لتجريد واشنطن من سلطتها التقليدية في عقد الاجتماعات وجمع الأطراف. قد يتجنب رؤساء الدول اجتماعات المكتب البيضاوي، وقد لا يكون المسؤولون الأجانب متاحين لتنسيق السياسات مع نظرائهم الأميركيين عبر المكالمات الهاتفية، وقد لا ينظّم رؤساء المنظمات الدولية قمماً تمنح المسؤولين الأميركيين مكانة مرموقة وتسمح لهم بتحديد جدول الأعمال والاجتماع بعدد من قادة العالم في آن واحد. ومن باب الخشية من أن تُخطط واشنطن لسحب القوات الأميركية المتمركزة في أوروبا، قد يُلغي الأمين العام لحلف الناتو القمة السنوية للحلف من أجل تجنب منح الرئيس الأميركي منبراً للإعلان عن هذه الخطوة، وقد يختار الأمين العام للأمم المتحدة عدم تلبية طلبات واشنطن لجدولة اجتماعات مجلس الأمن أو يرفض منح ممثلي الولايات المتحدة فرصة للمناقشة وعرض حججهم. وعلى رغم أن مثل هذه الأفعال قد تبدو تافهة، فإنها ستُقوّض قدرة واشنطن على ضمان أن تُشكل مقترحاتها السياسية أساساً للنقاش والعمل الدوليين.

 

وسيبدأ الابتعاد العالمي عن واشنطن سريعاً في إحداث آثار ملموسة، إذ سيؤثر سلباً في الاقتصاد الأميركي. قد تختار الدول عدم الاستثمار في سندات الخزانة الأميركية، أو قد تشتريها فقط بأسعار فائدة أعلى، مما يفرض كلفاً أكبر على واشنطن لخدمة ديونها الوطنية. فالولايات المتحدة لا تستطيع تحمل الإسراف المذهل في ديونها الوطنية إلا لأن المستثمرين يعتبرون الدولار الأميركي ملاذاً آمناً. لكن ترمب وحلفاءه الجمهوريين في الكونغرس يُدمرون هذا الامتياز الذي اكتسبوه بشق الأنفس من خلال رسوم جمركية وميزانية ستدفع مستويات الدين إلى مستويات غير مسبوقة. (لم يكن من المفاجئ أن تخفض وكالة “موديز” التصنيف الائتماني للولايات المتحدة في مايو “أيار” الماضي). مع مرور الوقت، قد تعاني الولايات المتحدة هرباً للمستثمرين، الذين لا يبحثون عن النمو الذي اعتادوا توقعه من الأسواق الأميركية وحسب، بل أيضاً عن الاستقرار وسيادة القانون واستقلالية الهيئات التنظيمية التي يقوم عليها الاقتصاد الأميركي. في غضون ذلك، قد تبدأ الحكومات الأجنبية في فرض قواعد تنظيمية ومنح مساعدات حكومية لإنشاء سلاسل توريد تتجنب المكونات الأميركية الصنع.

إذا استمرت واشنطن في وضع حواجز كبيرة أمام السلع الأجنبية، فسيسعى شركاؤها التجاريون إلى أسواق أخرى، مما يزيد من التكامل في ما بينهم على حساب الشركات الأميركية. في مارس (آذار)، عقدت اليابان وكوريا الجنوبية، الحليفان الآسيويان الأكثر اعتماداً على الولايات المتحدة، قمة تجارية مع الصين، أعلنت بعدها الدول الثلاث بشكل مشترك عن خطة للسعي إلى اتفاقية تجارة حرة ثلاثية جديدة، وتعهدت العمل معاً لتطوير “بيئة تجارية واستثمارية مستقرة” في المنطقة. تحتاج واشنطن إلى طوكيو وسيول إلى جانبها لتحقيق علاقات اقتصادية كبيرة نسبياً وتجاوز سلاسل التوريد الصينية. فاليابان وكوريا الجنوبية هما الركيزتان الأساسيتان للديناميكية الاقتصادية الآسيوية، ومن دونهما، فإن الجهود الأميركية الرامية إلى تهميش الصين لا يمكن أن تنجح.

واستطراداً، فإن ازدراء ترمب للتعددية يُعرّض صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للخطر أيضاً. فعلى مدى عقود، أسهما في تشكيل الاقتصاد العالمي بما يخدم مصالح واشنطن. لكن إدارة ترمب اتهمتهما بـ”التقصير” وطالبتهما بمواءمة أجنداتهما مع أجندة الرئيس، مما أثار مخاوف من احتمال انسحاب واشنطن منهما، أو حرمانهما من الدعم، مثلما فعلت مع منظمة التجارة العالمية.

خذ حذرك

سيعاني الأمن القومي الأميركي أيضاً إذا بدأت الدول في الانفصال عن واشنطن. لنأخذ على سبيل المثال تبادل المعلومات الاستخباراتية، وهو مجال آخر يمكن لواشنطن أن تتوقع فيه تراجعاً في التعاون. وهذا النوع من التعاون يتطلب من شركاء الولايات المتحدة أن يثقوا في أن أية معلومات يشاركونها مع واشنطن لن تُستخدم للإضرار بهم، وأن المصادر والأساليب التي تُجمع من خلالها هذه المعلومات ستظل سرية. في ولاية ترمب الأولى، أدرك حلفاء الولايات المتحدة سريعاً أن الرئيس يتعامل باستخفاف ولا مبالاة مع المعلومات السرية. في مايو 2017، أفادت صحيفة “نيويورك تايمز” بأن ترمب قابل مسؤولين روساً يزورون البيت الأبيض وناقش معهم بشكل عرضي معلومات سرية عن مؤامرة إرهابية، كانت إسرائيل قد زودت الولايات المتحدة بها. وقد ازدادت الأسباب التي تسترعي هذا القلق في ولايته الثانية. ففي مارس الماضي استخدم عدد من مسؤولي حكومة ترمب تطبيق “سيغنال”، وهو تطبيق تجاري غير سري للهواتف المحمولة، لمشاركة ومناقشة تفاصيل سرية عن ضربة أميركية وشيكة ضد الحوثيين المسلّحين في اليمن. مثل هذا الإهمال قد يدفع دولاً أخرى إلى أن تصبح أكثر حذراً في ما تشاركه مع واشنطن، وكذلك في كيف ومتى تشاركه.

 

النصر الغريب لأميركا المتصدعة
واستكمالاً، فإن نهج ترمب في إدارة الجيش الأميركي قد يُسهم أيضاً في ابتعاد الدول عن القيادة الأميركية. بعض الوحدات الأكثر تدريباً في الجيش الأميركي تُستخدم حالياً للمساعدة في إنفاذ قوانين الهجرة على الحدود مع المكسيك، بدلاً من الخضوع للاستعدادات القتالية المكثفة في مركز التدريب الوطني التابع للجيش. وفي سعيها وراء أولويات رئاسية كهذه، ستفقد القوات المسلحة الأميركية كفاءتها القتالية، مما يجعلها شريكاً أقل قيمة وأقل توافراً. وقد يختار الحلفاء تجنب الحصول على أسلحة أميركية الصنع خشية أن ترفض واشنطن أو إحدى شركاتها منحهم الإذن لاستخدامها في أوقات الأزمات، تماماً مثلما رفض ماسك منح أوكرانيا القدرة على استخدام شبكة اتصالات “ستارلينك” الخاصة به لشن هجوم على القوات الروسية في شبه جزيرة القرم عام 2022. وقد يخلق هذا التجنب بدوره مشكلات في القدرة على التعاون والتشغيل المتكامل. إذ إن جعل الجيوش تعمل بصورة متناسقة أمراً صعباً أصلاً حتى عند استخدام معدات متوافقة، وستؤدي زيادة درجة الصعوبة إلى تقويض إحدى المزايا الأساسية التي تتمتع بها واشنطن وحلفاؤها أمام خصومها المحتملين.

في الواقع، تعتمد قدرة الجيش الأميركي على إبراز قوته في جميع أنحاء العالم على الشركاء والحلفاء. ولا يستطيع البنتاغون إرسال عدد كبير من القوات إلى الشرق الأوسط من دون استخدام موانئ في بلجيكا وألمانيا، أو نقل قوات عبر المحيط الهادئ (ناهيك بخوض عمليات قتالية ضد الصين) من دون استخدام قواعد في اليابان والفيليبين. كما أن الولايات المتحدة لا يمكنها تنفيذ ضربات جوية على الإرهابيين في أفغانستان من دون الحصول على إذن بعبور المجال الجوي الباكستاني، واستطراداً، كان يمكن أن يسقط عدد أكبر من القتلى الأميركيين في حروب أفغانستان والعراق لولا حيازة الجيش الأميركي حق استخدام قاعدة رامشتاين الجوية ومستشفى لاندشتول في ألمانيا. ولا يمكن لواشنطن تنفيذ خططها الحربية بالسرعة اللازمة من دون امتلاك أفضلية المرور عبر قناتي بنما والسويس. فالقوة العسكرية الأميركية ليست مكتفية بذاتها، بل تعتمد على الآخرين. لكن تزايد العداء تجاه السياسات الأميركية سينفّر الرأي العام في دول أخرى، ويصعّب على حكوماتها تقديم الدعم للعمليات العسكرية الأميركية، فضلاً عن المشاركة فيها. تخيل لو نفذ إرهابيون هجوماً ضخماً على الولايات المتحدة، ولم يهرع الحلفاء لمساعدتها، مثلما فعلوا بعد هجمات الـ11 من سبتمبر (أيلول)، حين دعموا القوات الأميركية في أفغانستان.

علاوة على ذلك، فإن شبكة التحالفات والشراكات الكثيفة التي تربط الولايات المتحدة بالعالم تتيح أيضاً ما يُعرف بـ”الردع الموسّع”، الذي يحمي أصدقاء واشنطن من أعدائهم. لكن ترمب قد أضعف بالفعل هذا الركن من أركان نظام ما بعد الحرب الباردة. عام 2019، على سبيل المثال، بعد هجوم جماعات موالية لإيران على منشآت حيوية لمعالجة النفط في السعودية، أخذ حلفاء واشنطن في الاعتبار أن ترمب اختار عدم الرد.

يبدو أن إدارة ترمب تعتقد أن إجبار الحلفاء على الاعتماد على أنفسهم سيجعلهم يتخذون قرارات تخدم مصلحة الولايات المتحدة. ولكن من غير المرجح أن يكون هذا صحيحاً. فعلى رغم أن معظم حلفاء واشنطن يمتلكون جيوشاً أقوى من جيوش خصومهم المحتملين، فإنهم يفتقرون في الغالب إلى الثقة الكافية لاستخدام هذه القوة. لا شك في أن حلفاء واشنطن الأوروبيين قادرون على هزيمة الجيش الروسي في حرب تقليدية غير نووية. وربما تستطيع فنلندا وحدها هزيمة روسيا في مثل هذه الحرب إذا كانت مدعومة بضمانات أمنية من أحد حلفائها المسلحين نووياً، مثل فرنسا أو المملكة المتحدة.

ترمب لم يكن الوحيد الذي أسهم في تآكل النظام الذي تقوده الولايات المتحدة

لكن حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا يفتقرون إلى الثقة في قدراتهم. وإذا تخلت الولايات المتحدة عنهم، فمن المرجح أن يقدّموا تنازلات للمعتدين تضر بمصالحهم ومصالح واشنطن. هذا ما فعلته فرنسا وألمانيا بالضبط بعد غزو روسيا لأوكرانيا عام 2014، ولم تُبدِ إدارة أوباما أي رد فعل يُذكر. وقد ضغطت القوى الأوروبية على أوكرانيا للقبول بما يُعرف باتفاقات مينسك، التي أرست منطقة عازلة خاضعة للاحتلال الروسي داخل الأراضي الأوكرانية. لكن ذلك لم يوقف القتال، بل عززت روسيا مواقعها، وانتهكت الاتفاقات، وغزت مرة أخرى عام 2022.

وفي الأعوام المقبلة، قد يؤدي توغلٌ روسي في أراضي إحدى دول البلطيق الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، مصحوباً بتهديدات باستخدام الأسلحة النووية في حال رد “الناتو”، إلى تمزيق وحدة الغرب. وقد ترفض إدارة ترمب التضحية بنيويورك من أجل تالين [عاصمة أستونيا] وقد تتراجع فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة أيضاً. وأوروبا الغارقة في مثل هذه الهواجس الأمنية لن تكون متحمسة لمساعدة واشنطن في التصدي للعدوان العسكري والتجاري الصيني، أو في تقييد البرنامج النووي الإيراني.

ويشكك ترمب باستمرار في موثوقية الضمانات الأمنية الأميركية من خلال إظهار لا مبالاته بأمن الحلفاء لا ينفقون على الدفاع ما يعتبره هو النسبة الصحيحة والمناسبة. ومن الجدير بالذكر أن الطريقة المخزية التي يساوي فيها بين عدوان روسيا ضد أوكرانيا ودفاع تلك الأخيرة البطولي عن سيادتها، قد قوضت صورة المبادئ الأخلاقية الأميركية الأساسية التي، على رغم أنها كانت غير مثالية ومتقلبة، كانت تجذب التعاون من الدول ذات الفكر المشابه. إذا أصبحت سياسات الولايات المتحدة غير أخلاقية بصورة واضحة، ومن ثم لا يمكن تمييزها عن سياسات الصين وروسيا، فقد تختار دول أخرى الوقوف إلى جانب هاتين القوتين، مراهِنةً على أن يكون سلوكهما على الأقل أكثر انتظاماً.

رهان خاسر

ربما تراهن إدارة ترمب على كراهية حلفاء الولايات المتحدة تجاه الأيديولوجيات التي توجه خصوم أميركا مثل الصين، وإيران، وكوريا الشمالية، وروسيا. ووفقاً لهذا المنطق، حتى لو لم يُعجَب شركاء الولايات المتحدة ببعض ممارسات واشنطن، فإنهم في نهاية المطاف سيظلون إلى جانب واشنطن بدافع شعورهم بالتضامن الديمقراطي المشترك. لكن في الواقع، تجاوز حلفاء واشنطن بسهولة أية اعتراضات أيديولوجية كانت لديهم، وواصلوا التعامل التجاري مع روسيا بعد غزو أوكرانيا عام 2014، وكذلك مع الصين على رغم قمعها الأويغور وتشديد قبضتها في هونغ كونغ في الأعوام الأخيرة. علاوة على ذلك، فإن إدارة ترمب نفسها لا تعتبر الاختلافات الأيديولوجية عائقاً أمام التعاون. فالتباين في القيم بين أميركا وروسيا لم يمنع ترمب من الوقوف إلى جانب موسكو في حرب أوكرانيا. إذا كانت واشنطن لا تتصرف وكأن الأيديولوجيا تهمّ، فلا ينبغي لها أن تتوقع من الآخرين أن يفعلوا ذلك.

قد يعتقد ترمب وفريقه أيضاً أن التقارب بين القوى الصينية والإيرانية والكورية الشمالية والروسية وصل إلى مستوى يجعل أية مقاومة أوروبية غير مجدية من دون الثقل الأميركي. ومن هذا المنطلق، فمن الأفضل إحياء ممارسات القوى العظمى في القرن الـ19 التي قسمت العالم في ما بينها. لكن القيام بذلك سيعني التنازل عن أوروبا لروسيا، وعن آسيا للصين، وهو ما سيمثل خسارة فادحة. علاوة على ذلك، لا يوجد ما يشير إلى أن مثل هذه التنازلات سترضي طموحات الصين وروسيا: فاستثمارات بكين الضخمة في أميركا اللاتينية، ومحاولاتها للتأثير في النظام السياسي الكندي، تُظهر نياتها الواضحة.

هناك تفسير آخر محتمل لنهج إدارة ترمب، وهو أنها ترى أن معظم أشكال إدارة التحالفات ليست سوى تشتيت للانتباه، أو عائق أمام الفوز في التنافس مع الصين. وعلى رغم أن مسؤولي إدارة ترمب قد يرفضون هذا التشبيه، فإن هذا الموقف في جوهره يُكمل حجة إدارة بايدن، التي ترى أن الأهم بالنسبة إلى الولايات المتحدة هو أن تعزز قوتها في الداخل، من خلال امتلاك أقوى اقتصاد، وأحدث تكنولوجيا، وأعتى جيش.

وبحسب هذا المنطق، فإن التفوق في هذه الجوانب سيجذب الدعم العالمي، لأن الناس يحبون أن يكونوا في صف المنتصر. لكن هذا لن يتحقق إذا حُرِم الآخرون من الوصول إلى السوق الأميركية، أو إذا اعتبروا التكنولوجيا الأميركية تهديداً لهم، أو شعروا أن الجيش الأميركي لا يوفر لهم حماية حقيقية. بالطبع ينبغي على الولايات المتحدة أن تُعزز قوتها الذاتية. لكن عندما تفعل ذلك من دون أن تعود بالفائدة على الآخرين، فسيسعون إلى حماية أنفسهم والحد من تعرضهم للنفوذ الأميركي.

وإذا كان ترمب يسعى فعلاً إلى تقوية البلاد خارجياً من خلال تعزيزها داخلياً، فهو يفعل ذلك بطريقة غريبة. فالتعريفات الجمركية غير المدروسة التي تفرضها إدارته تزيد من تقلبات الأسواق وتجعل تخطيط الأعمال مستحيلاً عملياً. كذلك فإن التشريعات الجمهورية التي يدعمها ترمب من المرجح أن تؤدي إلى تفاقم العجز وزيادة التضخم. أما ارتباط عمالقة التكنولوجيا الأميركيين بهجوم الإدارة على المؤسسات الحكومية وعلى سيادة القانون، فهو يُلحق الضرر بسمعتهم وعلاماتهم التجارية ويهدد قيمتهم السوقية ومعدلات اعتماد منتجاتهم [مؤشر يُستخدم لقياس مدى سرعة أو انتشار استخدام شيء جديد، مثل تطبيق جديد أو نظام تكنولوجي]. ووفقاً للمحلل العسكري تود هاريسون، فإن مشروع الميزانية الذي يروج له ترمب سيؤدي إلى خفض الإنفاق الدفاعي بمقدار 31.5 مليار دولار عام 2026 مقارنة بما توقعته إدارة بايدن لذلك العام، وهو مبلغ كان أساساً غير كافٍ لمواجهة التحديات الأمنية التي تواجه البلاد. وهذه ليست أجندة قوة، بل أجندة ضعف.

هيبة ضائعة ومحبة غائبة

ترمب وفريقه يدمّرون كل ما يجعل من الولايات المتحدة شريكاً جذّاباً، لأنهم عاجزون عن تخيّل مدى سوء نظام عالمي معادٍ للمصالح الأميركية. إن مكانة الولايات المتحدة كقوة لا غنى عنها لم تكن أمراً حتمياً. ففي عالم ما بعد الحرب الباردة، أصبحت البلاد لا غنى عنها من خلال تحمّلها مسؤولية أمن وازدهار الدول التي وافقت على التزام القواعد التي وضعتها واشنطن وطبقتها. وإذا تخلّت الولايات المتحدة عن هذه القواعد وعن النظام الذي أنشأته، فسيصبح الاستغناء عنها جائزاً تماماً.

إن الانهيار الذاتي للقوة الأميركية في عهد ترمب قد يحيّر المؤرخين في المستقبل. ففي الحقبة التي تلت الحرب الباردة، حققت الولايات المتحدة هيمنة غير مسبوقة، وكان الحفاظ عليها أمراً سهلاً وغير مكلف نسبياً. وجميع الرؤساء الذين سبقوا ترمب خلال تلك الفترة، ارتكبوا أخطاء، بعضها قلّل بصورة كبيرة من النفوذ الأميركي، وساعد خصوم البلاد، وقيّد قدرة واشنطن على تحفيز التعاون أو فرض التزام الدول الأخرى. لكن لم يقصد أي من هؤلاء الرؤساء الوصول إلى تلك النتائج. أما ترمب، فهو يريد عالماً لا تُشكّل فيه الولايات المتحدة النظام العالمي بما يخدم مصالحها، على رغم ثرائها وقوتها. إنه يفضّل قيادة دولة تُخشى بدلاً من أن تُحب. لكن نهجه لن يفضي على الأرجح إلى أي من هذين الشعورين. فإذا استمرت الولايات المتحدة في السير على هذا الطريق الذي بدأه ترمب، فإنها تخاطر بأن تصبح قاسية جداً لتحظى بالحب، ولكن شديدة الضعف لتُخشى.

في الأعوام المقبلة، ستبدأ التحالفات التي استغرق بناؤها عقوداً طويلة في التهاوي، وسيسارع خصوم واشنطن لملء الفراغ الناجم عن ذلك. قد ينتظر بعض شركاء الولايات المتحدة فترة من الزمن، على أمل أن يعود أصدقاؤهم الأميركيون إلى رشدهم ويحاولوا إعادة إحياء ما يشبه الدور القيادي الأميركي التقليدي. لكن لا مجال لعودة الأحوال إلى سابق عهدها، فقد تضرر إيمانهم وثقتهم بشكل لا يُمكن إصلاحه ولن ينتظروا طويلاً، حتى لو عادت أميركا بصورة جزئية إلى دورها السابق. قريباً، سيمضون قدماً، وكذلك سيفعل بقية العالم.

 

كوري شايك زميلةٌ بارزة ومديرة دراسات السياسة الخارجية والدفاعية في “معهد أميركان إنتربرايز” American Enterprise Institute، وصاحبة كتاب “ممر آمن: الانتقال من الهيمنة البريطانية إلى الهيمنة الأميركية” Safe Passage: The Transition From British to American Hegemony. عملت في “مجلس الأمن القومي” الأميركي، وفي وزارة الخارجية الأميركية في إدارة جورج دبليو بوش.

مترجم عن “فورين أفيرز”، نُشر في الـ24 من يونيو (حزيران) 2025

 

Continue Reading

Previous: تنويعات على موسيقى الشرق الأوسط القديم…رفيق خوري…..المصدر : اندبندنت عربية
Next: هل ينجو قلب لندن التجاري إذا قضى الذكاء الاصطناعي على وظائف المبتدئين؟.جيمس مور..المصدر : اندبندنت عربية

قصص ذات الصلة

  • مقالات رأي

الموت وأعوانه… مايكل يونغ…..مركز مالكوم كير– كارنيغي للشرق الأوسط……المصدر :المدوّنة ديوان

khalil المحرر يوليو 5, 2025
  • مقالات رأي

الأردن… تغييرات ما بعد السبات الصيفي التعديل الحكومي صار وشيكا مالك العثامنة….المصدر : المجلة

khalil المحرر يوليو 5, 2025
  • مقالات رأي

التصدي لوكلاء إيران… الدور الإقليمي.. جيمس جيفري….المصدر : المجلة

khalil المحرر يوليو 5, 2025

Recent Posts

  • الموت وأعوانه… مايكل يونغ…..مركز مالكوم كير– كارنيغي للشرق الأوسط……المصدر :المدوّنة ديوان
  • سرديات الحروب والنزاعات: عن كتابة الواقع روائيًّا ..فدوى العبود……المصدر :ضفة ثالثة
  • الأردن… تغييرات ما بعد السبات الصيفي التعديل الحكومي صار وشيكا مالك العثامنة….المصدر : المجلة
  • التصدي لوكلاء إيران… الدور الإقليمي.. جيمس جيفري….المصدر : المجلة
  • “المجلة” تنشر نص “اتفاق ترمب” بين إسرائيل و”حماس”….المصدر :لندن. المجلة

Recent Comments

لا توجد تعليقات للعرض.

Archives

  • يوليو 2025
  • يونيو 2025
  • مايو 2025
  • أبريل 2025
  • مارس 2025
  • فبراير 2025
  • يناير 2025
  • ديسمبر 2024
  • نوفمبر 2024
  • أكتوبر 2024
  • سبتمبر 2024
  • أغسطس 2024
  • يوليو 2024
  • يونيو 2024
  • مايو 2024
  • أبريل 2024
  • مارس 2024
  • فبراير 2024
  • يناير 2024
  • ديسمبر 2023
  • نوفمبر 2023
  • أكتوبر 2023

Categories

  • أدب وفن
  • افتتاحية
  • الأخبار
  • المجتمع المدني
  • الملف الكوردي
  • حوارات
  • دراسات وبحوث
  • مقالات رأي
  • منوعات

أحدث المقالات

  • الموت وأعوانه… مايكل يونغ…..مركز مالكوم كير– كارنيغي للشرق الأوسط……المصدر :المدوّنة ديوان
  • سرديات الحروب والنزاعات: عن كتابة الواقع روائيًّا ..فدوى العبود……المصدر :ضفة ثالثة
  • الأردن… تغييرات ما بعد السبات الصيفي التعديل الحكومي صار وشيكا مالك العثامنة….المصدر : المجلة
  • التصدي لوكلاء إيران… الدور الإقليمي.. جيمس جيفري….المصدر : المجلة
  • “المجلة” تنشر نص “اتفاق ترمب” بين إسرائيل و”حماس”….المصدر :لندن. المجلة

تصنيفات

أدب وفن افتتاحية الأخبار المجتمع المدني الملف الكوردي حوارات دراسات وبحوث مقالات رأي منوعات

منشورات سابقة

  • مقالات رأي

الموت وأعوانه… مايكل يونغ…..مركز مالكوم كير– كارنيغي للشرق الأوسط……المصدر :المدوّنة ديوان

khalil المحرر يوليو 5, 2025
  • أدب وفن

سرديات الحروب والنزاعات: عن كتابة الواقع روائيًّا ..فدوى العبود……المصدر :ضفة ثالثة

khalil المحرر يوليو 5, 2025
  • مقالات رأي

الأردن… تغييرات ما بعد السبات الصيفي التعديل الحكومي صار وشيكا مالك العثامنة….المصدر : المجلة

khalil المحرر يوليو 5, 2025
  • مقالات رأي

التصدي لوكلاء إيران… الدور الإقليمي.. جيمس جيفري….المصدر : المجلة

khalil المحرر يوليو 5, 2025

اتصل بنا

  • Facebook
  • Instagram
  • Twitter
  • Youtube
  • Pinterest
  • Linkedin
  • الأرشيف
Copyright © All rights reserved. | MoreNews by AF themes.