تعرّضت بعض القواعد العسكرية الأميركية في سورية والعراق إلى هجمات في الأيام الأخيرة، يعتقد أن مليشيات مدعومة من إيران تقف خلفها. ورغم أن هذه الهجمات ليست جديدة، لكن يُعتقد هذه المرة أنها مرتبطة بالحرب الإسرائيلية على غزة، في إطار رد “محور المقاومة” على الدعم الأميركي المفتوح لإسرائيل في هذه الحرب.

وقد دوت انفجارات   حول  حقل النفطي  النفطي الذي تتخذه القوات الأميركية قاعدة لها بريف دير الزور شرقي سورية، وفق ما نقلت وكالة “سانا” التابعة للنظام السوري عن مصادر محلية.

وقد أكدت هذا الأمر مصادر إخبارية في المنطقة، بينها موقع “نهر ميديا” وشبكة “فرات بوست”، مشيرة إلى أن أصوات انفجارات وإطلاق نار سمعت داخل قاعدة التحالف الدولي في حقل العمر، يرجح أن مصدرها قذائف أطلقتها المليشيات الإيرانية، في حين قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن أصوات الانفجارات ناجمة عن تدريبات عسكرية مشتركة مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في القاعدة.

أبو عمر البوكمالي: القوات الأميركية عزّزت قاعدتها في الشدادي

كما فجر مجهولون، مساء الخميس الماضي، خط الغاز الواصل بين معمل “كونيكو” وبادية أبو خشب بريف دير الزور شمال شرقي سورية. وقالت وكالة “سانا” إن الأنبوب تستخدمه القوات الأميركية و”قسد” لـ”سرقة الغاز من معمل كونيكو”.

هجوم بالهاون على “كونيكو”

وفي وقت سابق من أمس الأول، تعرّضت قاعدة التحالف في معمل “غاز كونيكو” في دير الزور لهجوم بخمس قذائف هاون مصدرها المليشيات الإيرانية في الضفة الجنوبية من الفرات، وفقاً لمصادر محلية.

كما تعرضت قاعدة قوات التحالف في منطقة التنف، على المثلث الحدودي بين سورية والعراق والأردن، أيضاً لهجوم بطائرتين مسيرتين، أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” الجنرال بات رايدر، في مؤتمر صحافي الخميس الماضي، أنها أسفرت عن إصابات طفيفة في صفوف عناصر الجيش الأميركي.

وأضاف أن القوات الأميركية اشتبكت مع طائرة مسيرة ودمرتها، بينما اصطدمت الطائرة الأخرى بالقاعدة ما أدى إلى إصابة بعض جنود قوات التحالف. وأضاف رايدر، أنه في صباح اليوم نفسه، أشارت أنظمة الإنذار المبكر في  إلى وجود تهديد محتمل، ودخل الجنود إلى الملاجئ كإجراء وقائي، ولم يحدث أي هجوم، بينما أصيب موظف مدني بأزمة قلبية وتوفي.

وتبنى فصيل عراقي موالٍ لإيران، يُطلق على نفسه اسم “المقاومة الإسلامية في العراق”، مساء الخميس الماضي، الهجوم بالمسيرات على قاعدة التنف، وكذلك، قائلاً إنه استهدفها برشقة صاروخية.

تعزيزات واستنفار أميركي

وتفيد معلومات بأن القواعد الأميركية في الحسكة ، بعد الهجمات على القواعد الأميركية الأخرى في حقل غاز كونيكو في دير الزور، وقاعدة التنف.

وقال الناشط أبو عمر البوكمالي، لـ”العربي الجديد”، إن القواعد الأميركية في الشدادي ورميلان والقحطانية واليعربية شمال شرق الحسكة تشهد حالة استنفار، تزامناً مع تراجع حركة المروحيات، التي كانت تحلّق بشكل شبه يومي في الأجواء، إضافة إلى غياب الدوريات الأميركية التي كانت تجوب المناطق الحدودية مع تركيا والعراق.

رشيد حوراني: الهجمات تندرج ضمن سياق الخطوط الحمر التي لن تسمح أميركا بتجاوزها

وأوضح البوكمالي القوات عززت  ، قاعدتها في مدينة الشدادي بريف الحسكة الجنوبي، بعشرات الآليات العسكرية التي تحمل مواد مغطاة بشكل محكم. وأشار إلى أن الولايات المتحدة زوّدت خلال الأيام الأخيرة قواتها في محافظتي الحسكة ودير الزور بمنظومة رادار، حيث جلبت السبت الماضي، 4 منظومات رادار من العراق إلى قاعدتها بمنطقة الشدادي بمحافظة الحسكة، عبر بوابة الوليد الحدودية. كما نشرت القوات الأميركية منظومات رادار أيضاً في حقلي العمر النفطي و”كونيكو” للغاز بريف دير الزور، وذلك للرد على أي هجمات للجماعات الموالية لإيران غرب نهر الفرات.

وفي وقت سابق، عززت واشنطن قواتها في سورية بـ4 راجمات صواريخ من نوع “هيمارس”، و15 بطارية مدفعية، و5 مدرعات و5 دبابات و45 مركبة محملة بالذخائر، وصلت لقاعدتها في الشدادي بريف الحسكة. ووفق تقارير أميركية وغربية، فإن الولايات المتحدة تخشى من امتداد التصعيد المرتبط بالحرب الإسرائيلية على غزة إلى مناطق انتشار قواتها في سورية والعراق.

ورأى مراقبون أن إيران قد تعمد خلال الأيام المقبلة إلىالمنتشرة في سورية والعراق في محاولة لإظهار أن “محور المقاومة” الذي تقوده لا يتخلى عن قطاع غزة، لكن دون تجاوز الخطوط الحمر الأميركية في المنطقة.

الهجمات في إطار الخطوط الحمر الأميركية

وقال الباحث في مركز “جسور للدراسات” النقيب رشيد حوراني، لـ”العربي الجديد”، إن قراءة الهجمات على القواعد الأميركية في سورية والعراق تندرج ضمن سياق الخطوط الحمر التي لن تسمح  وتساءل عما “إذا كان الرد الأميركي على المليشيات الإيرانية سيشكل رادعاً لعدم تكرار هذه الهجمات”.

ورأى حوراني أنه من الناحية العسكرية “لا يمكن لهذه المليشيات مواجهة الجانب الأميركي، خصوصاً مع تسليحه قواعده، ووجود قوات محلية في مناطق انتشاره في سورية، مستعدة لمواجهة هذه المليشيات كجيش سورية الحرة في التنف، ناهيك عن التنسيق لضرب أهدافها مع إسرائيل عبر الضربات الجوية”.

رسائل سياسية

من جهته، اعتبر المحلل السياسي فاضل العبدلله أن ما يجري في شرق سورية، وحتى في جنوب لبنان، لا يتعدى الرسائل السياسية حتى الآن، ولا يرتقي إلى مستوى العمل العسكري الذي قد يتدحرج إلى انخراط جدي في صراع مسلح، سواء مع إسرائيل أو القوات الأميركية في سورية والعراق.

وأضاف العبدلله، لـ”العربي الجديد”، إن علاقة إيران مع الولايات المتحدة تقوم تاريخياً على المقايضة، وتسمح هذه العلاقة لإيران بقدر من حرية الحركة على الصعيد السياسي والإعلام، وحتى العسكري، للتجيير ضد الولايات المتحدة، خصوصاً في وقت الأزمات الكبيرة في المنطقة، ومن غير المحتمل أن يتجاوز الأمر هذه المرة الحدود المرسومة ضمناً للعلاقة بين الجانبين.