تعهد الحوثيون في اليمن المتحالفون مع إيران بالرد على الهجمات التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا، لكن الاحتمالات محدودة فيما يبدو أن تشعل هذه الهجمات الغربية حربا إقليمية حاليا في وقت تسعى فيه طهران إلى تجنب الاستدراج مباشرة إلى صراع شامل.
والضربات الأميركية البريطانية التي جاءت ردا على هجمات الحوثيين في البحر الأحمر أدت إلى تدويل الصراع الذي انتشر عبر المنطقة منذ أن اشتبكت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) وإسرائيل في الحرب ونفذ حلفاء لإيران هجمات أيضا انطلاقا من لبنان وسوريا والعراق.
وردت فصائل عراقية يتهديدات جديدة ضد المصالح الأميركية، وقالت واشنطن إن البحرين من بين الحلفاء الذين قدموا دعما للضربات الجوية، مما يثير مخاطر غضب الحوثيين الذين لديهم ترسانة قوية من الطائرات المسيرة والصواريخ.
وقال علي فايز، كبير محللي الشؤون الإيرانية في مجموعة الأزمات الدولية: “كان من المتوقع تماما أنه كلما طال أمد الحرب في غزة، زادت مخاطر التصعيد واشتعال الوضع في المنطقة”.
وأضاف: “لا يرجح دخول إيران المعركة مباشرة ما لم تتعرض لاستهداف مباشر على أراضيها”.
لكن الحوثيين قد يكثفون ضرباتهم.
وقال فارع المسلمي من المعهد الملكي للشؤون الدولية تشاتام هاوس في لندن: “الضربات لن تمنع الحوثيين من شن هجمات أخرى في البحر الأحمر، بل العكس هو الصحيح”.
ودعت السعودية، حليفة البحرين، إلى ضبط النفس و”تجنب التصعيد”، وقالت إنها تراقب الوضع بقلق شديد.
لا رغبة في حرب شاملة
ونفذ الحوثيون الذين يسيطرون على مناطق واسعة من اليمن هجماتهم على سفن تجارية يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إلى موانئها منذ تشرين الثاني (نوفمبر) وطالبوا بوقف الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة.
وبعد أن نفذت القوات الأميركية والبريطانية عشرات الضربات الجوية في أنحاء اليمن ليلا ردا على ذلك، توعد الحوثيون بالانتقام وقالوا إن خمسة من مقاتليهم لاقوا حتفهم.
وقالت وزارة الخارجية الإيرانية إن الهجمات ستؤدي إلى “انعدام الأمن وعدم الاستقرار”.
ومازالت إيران تدعم شبكة من الحلفاء، تمتد من البحر المتوسط إلى الخليج تعرف باسم “محور المقاومة”. وقال مصدران إيرانيان مطلعان إن طهران لا تريد التدخل المباشر.
وقال مصدر إيراني ثالث، وهو مسؤول كبير طلب عدم نشر اسمه، إن الحوثيين يتخذون قراراتهم بأنفسهم و”نحن ندعم قتالهم، لكن طهران لا تريد حربا شاملة في المنطقة”. وأضاف أن الأمر متروك لإسرائيل والولايات المتحدة لوقف “عدوانهما”.
وتقول الولايات المتحدة إنها تسعى إلى منع توسع نطاق الحرب في المنطقة، بما في ذلك الحدود الإسرائيلية اللبنانية، حيث يخوض “حزب الله” المدعوم من إيران صراعا مع إسرائيل هو الأسوأ بينهما منذ 17 عاما.
واتهمت الولايات المتحدة إيران بالضلوع في هجمات الحوثيين في البحر الأحمر. وتنفي إيران أي دور قائلة إن حلفاءها يتخذون قراراتهم بأنفسهم.
وقال غريغوري برو، المحلل في مجموعة أوراسيا الاستشارية، إن طهران ما زالت تخشى اتساع نطاق الصراع لأنها لا تريد “التعرض مباشرة لانتقام محتمل”.
وأضاف: “صحيح أنه من المحتمل أن تكون هناك ردود من عدد من وكلاء إيران في أماكن أخرى بالمنطقة، لكن لا يرجح أن تقدم إيران على تصعيد كبير ردا على هذه الضربات”.
التهديدات العراقية
وفي العراق الذي تطلق فيه القوات المدعومة من طهران النار على القوات الأميركية، قالت “حركة النجباء” إن مصالح الولايات المتحدة وأعضاء التحالف الآخرين لم تعد في مأمن منذ الآن.
وقال مسؤول في فصيل آخر وهو “كتائب حزب الله” العراقية إن الهجمات ستكون لها عواقب وخيمة على أمن المنطقة بأسرها، بما في ذلك الخليج وإن جميع المصالح الأميركية، ليس فقط في العراق وسوريا، لكن في المنطقة بأكملها، ستكون هدفا مشروعا للطائرات المسيرة والصواريخ لدى الكتائب.
وفي لبنان، قال مصدر مطلع إن الرد على الهجمات ليس من شأن “حزب الله” بل هو شأن الحوثيين.
وقالت الولايات المتحدة إن المراد من الهجمات لم يكن تصعيد التوترات. وذكرت وزارة الدفاع الأميركية أمس الجمعة أن لا خطط لإرسال قوات أميركية إضافية إلى المنطقة وإن الهجمات كان لها “تأثيرات جيدة”.
وتعزز نفوذ الحوثيين في اليمن منذ أن سيطرت الجماعة على العاصمة صنعاء في عام 2014.
وتمتع اليمن بأكثر من عام من الهدوء النسبي وسط جهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة.
وعبر أندريا كريغ من كينغز كوليدج في لندن عن شكوكه في مدى تأثير الضربات على عزيمة الحوثيين أو قدرتهم على شن هجمات، مستندا في شكوكه إلى اعتماد الجماعة على بنية تحتية تمتع بقدرة عالية على التنقل.