كلمة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني اللامعة في قمة مصر لخصت ووصفت ببضع عبارات موقف الغرب من حرب حماس على إسرائيل ومن العرب والفلسطينيين. فقال بوضوح باللغة الانكليزية لكي يسمع جميع حلفائه مباشرة ان الرسالة التي يتلقاها العرب حالياً هي ان “حياة الفلسطينيين اقل أهمية من حياة الاسرائيليين، وان تطبيق القانون الدولي أمر اختياري وحقوق الانسان لها حدود تتوقف عند الاعراق والأديان وهي رسالة خطيرة ستكون كارثية على المنطقة”.
أما التحذير الآخر فقد أتى من صديق إسرائيل وواشنطن توم فريدمان المعلق الصحافي الاميركي في صحيفة “نيويورك تايمز” من أن احتلال غزة لتدمير حماس دون الالتزام الواضح بالسعي الى حل دولتين مع السلطة الفلسطينية وانهاء المستوطنات في عمق الضفة الغربية سوف يشكل خطأ فادحاً، وسيكون ذلك مدمراً للمصالح الإسرائيلية والمصالح الاميركية وقد يؤدي ذلك الى اشعال حريق عالمي وتفجير هيكل التحالف المؤيد لواشنطن الذي بنته الولايات المتحدة في المنطقة منذ ان هندس هنري كيسنجر نهاية حرب أكتوبر عام 1973.
وينقل فريدمان عن العسكريين الإسرائيليين انهم اكثر تشدداً من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. ومنذ بدء عملية “حماس” “طوفان الأقصى” رأينا الدول الغربية كلها بما فيها فرنسا تقف بقوة وعزم دفاعاً عن أمن إسرائيل بعدما تجاهلت لعقود حياة وامن الفلسطينيين ما أدى الى نشوء حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله.
نتنياهو يهدد بتدمير “حزب الله” ولبنان. ولكن ماذا بعدما يفعل ويدمر البلد؟. سبق وقام بمثل هذه الخطوة في 2006 ولم يقض على الحزب بل بالعكس اصبح الحزب اقوى حتى انه توسع الى القتال لحماية النظام السوري في 2011.
يراهن دبلوماسي غربي في تحليله لـ”النهار العربي” على ان ليس من مصلحة حزب الله ان يشارك في القتال مع حماس لتوسيع الحرب الى لبنان، ويرى ان الحزب هو صاحب القرارات الأساسية في البلد. فهو المقرر في الشاردة والواردة والمشارك في تهريب الكبتاغون ولديه ماله الخاص غير متأثر بانهيار القطاع المصرفي وهو المسيطر على مرافق البلد فلما يريد تغيير ذلك والدخول بحرب تدمر كل مكتسباته ببلد هو صانع القرار الحقيقي فيه؟. لكن هذا التحليل لا قيمة له اذا قرر النظام الإيراني أنه يجب الطلب من ذراعه في لبنان “حزب الله” الدخول في الحرب لأنه قد تكون لإيران استراتيجية تجعلها تحتاج الى دفع الحزب اللبناني الى توسيع الحرب وتمكينها من الدخول في التفاوض مع الولايات المتحدة اذا لم يتم تدميرها أيضاً.
يسود تخوف في صفوف اللبنانيين من مغامرة جديدة لحزب الله تدخل البلد في دوامة حرب لا يمكن أن يصمد فيها ولبنان حالياً على وشك الانهيار . فالرسائل الفرنسية التي وجهتها وزيرة الخارجية كاترين كولونا خلال زيارتها الى لبنان أنه اذا دخل حزب الله في الحرب سيدمر لبنان ولا احد يمكنه إنقاذه، والسفير الفرنسي في لبنان هيرفي ماغرو اعطى الرسالة نفسها مباشرة الى حزب الله، وذلك بسبب تخوف فرنسي حقيقي من توسع الحرب الإسرائيلية الى لبنان، خصوصا ان لدى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قناعة بان النظام الإيراني سيستمر في زعزعة استقرار لبنان والمنطقة.
ماكرون سيزور إسرائيل هذا الأسبوع للتعبير عن تضامنه معها والمرجح انه قد يوجه رسالة مماثلة للاسرائيليين لتجنب توسيع الحرب الى لبنان. ولكن السؤال هل إسرائيل وايران تسمعان له؟.
قال فريدمان ان الرئيس بايدن حاول اقناع الإسرائيليين بعدم ارتكاب الخطأ الذي ارتكبته اميركا بعد 11 ايلول (ٍسبتمبر) 2001 في حرب العراق، ولكن الإسرائيليين لم يسمعوا . فكيف يسمع الإسرائيليون من ماكرون اذا حذرهم من توسيع الحرب الى لبنان؟ يبقى للبنان الصلاة لله ان يجنبه كارثة جديدة .