حينما ينأى به الجرحُ وتُغريه إشاراتٌ حزينه
حينما القبطانُ تنساه السفينه
ليس يبقى غير “أنكيدو” على باب المدينه
فافتحوا الباب له ثمّ احضنوه
بطلَ الأبطال سمّوه، وسمّوه شهيداً وادفنوه
(2)
الكورس يُنشد:
فتذكّر يا “أنكيدو”، ماذا قبل الموت فعلتْ
وتذكّر أيضاً ماذا بعد الموت فعلتْ
وارم أحجارك في بركة تاريخ مسكونْ
وانتظر الرحمه
وتسلّق أدراج العتمه
وتنبّأْ بالآتي الملعون
(3)
ويضيف الكورس مأخوذاً بالحكمة والأجداد:
ما صنعَ الحدّاد سيبقى يصنعه الحدّاد
ما أفسده دهر ملعون لا يُصلحه عطّار مجنون
ما كان قديماً سوف يظلّ يكون
(4)
خذنا، يا أنكيدو، تحت جناحك، أدخلنا أمكنة نائية شتّى، أشربْنا من لبن الآلهة المزغول
واخدعنا وامتدح الغول
(5)
على الجثامين الصغيرة يُقرأ القول الكبير
وفي نظرة عجلى إلى أولئك الذين ولدوا لتوّهم يكتشف التسعينيّ كيف عاش حياته المديدة وكيف عرف أنّ الأغاني توطئة للموت.
هكذا راح التسعينيّ يردّد فيما يحدّق بالأطفال:
وحين الأغاني
تصير ثواني
نغادر ما يزعم الساهرون
ونبحث عن زمن ليس فيه سوى النوم تحت الجفون
(6)
شاعراً كان من الجيل القديم
كتب الشعر قوافي… وتغنّى بالجحيم
(7)
وهل يقرأ الأنبياء؟
إنّهم يكتبون فحسب
لهذا فأقدس ما يفعلونه الغضب
وأجمل ما يفعلونه القصائد
(
مسرح الجريمة شرّع أبوابه كلّها
أسمّيك ماذا؟ أسمّيك دميه
وأركض تحت المطرْ
(9)
نحن متنا قبل ساعات ثلاث
كان الله مشغولاً برواية قصّة لم تحدث
والسامعون كانوا ملهوفين كي يعرفوا نهاية الحكاية. أمّا الحبكة والسرد فلم يستوقفا أحداً منهم.
الجميع راحوا يُسرعون ويبقون في أمكنتهم. كلّما أسرعوا أبطأوا
(10)
عالقاً في غرفة ضيّقة كتب وصيّته:
لست من عشّاق غيفارا
ولا أهوى سعاله بتاتاً
تعالوا بعد اليوم ننحت أشخاصنا بأيدينا
ونضحك على هؤلاء الذين نحتْناهم ثمّ نكسر الإزميل
(11)
فأنت أتيت وأنت رأيت وأنت ذهبت بعيداً… ويمكنك اليوم أن تدّعي ما تشاء:
“لم أولد أنثى
لم أولد ذكراً
لم أولد
هل أولد؟”
قلتْ
(12)
وجاءت قوافلهم في المغيبْ
تقول انتصرنا
وتفتح للكون عصراً كئيبْ