تقلّ كمية تساقط الثلوج في جبال الألب بنحو الثلث عما كانت عليه قبل 100 عام، وتصل في بعض البلدان التي تمرّ بها سلسلة الجبال هذه إلى النصف، كما يقول ميشال بوزولي، المتخصصب بالشؤون المناخية في جامعة تورتنو الكندية.
فقد رصد الباحثون بيانات المتساقطات الثلجية بين عامي 1920 و2020 في 46 موقعاً في سلسلة جبال الألب بين سويسرا وسلوفينيا، مستندين إلى سجلات توثيقية، بعضها مكتوب باليد، وبعضها حديث مدعّم بالذكاء الاصطناعي. وبناء عليها، وجدوا التراجع في كمية المتساقطات قد وصل إلى 34% في غضون 100 عام بشكل وسطي، بين 23% في شمال الألب ونحو 50% في جنوبه، بتواتر 4.9% كل 10 أعوام. وفقدت جبال الألب السويسرية 6% من أنهارها الجليدية بين عامي 2021 و2023، كما سجل خبراء المناخ “صفر درجة مئوية” على ارتفاع 5000 متر، وهذا حدث أول مرة قبل نحو سبعة عقود.
لا شكّ في أن الاحتباس الحراري هو المسؤول عن هذا التراجع، خصوصاً بعد عام 1980 الذي شهد ارتفاعاً كبيراً في متوسط حرارة الأرض، وترافق ذلك مع تساقط المطر بدلاً من تراكم الثلج على علو مخفوض في جبال الألب، خصوصاً في الجزء الجنوبي منها، وهذا أمر ينذر بأخطار عدة، خصوصاً أن التراكم الثلجي وحده يرفد الآبار الجوفية بمخزونها المائي، وهذا يرفع منسوب البحيرات. وهذا التراكم يمثل رافعة أساسية في اقتصادات أوروبية عدة، تعتمد على السياحة التزلجية الوافدة من كل العالم. ومن دونه، يرتفع منسوب البطالة وتتراجع ميزانيات عدة.
بعيداً قليلاً عن الألب، كان الجليد البحري في القطب الشمالي عام 2023 أقل من متوسط الأعوام بين 1991 و2020، وهذا ما حصل أيضاً للجليد البحري في القطب الجنوبي.
المطلوب عمل فوري لإبقاء الاحترار المناخي تحت عتبة 1.5 درجة مئوية حتى عام 2100، بالحدّ من الانبعاثات بنسبة 7% سنوياً حتى عام 2030، وفقاً لمقررات المنتدى الاقتصادي العالمي، وإلا! فإن بعد ذوبان هذا الثلج، لن يبين المرج… إنما هو طريق البشرية إلى قحطٍ ينذر بأخطار تهدد الأجيال المقبلة، لا رادّ لها على المدى البعيد. فالإنسان ينسى دائماً أن الغد يبدأ اليوم.