غرفة الأخبار ـ نورث برس
أزمة جديدة أطلت برأسها مؤخرًا بين تركيا وروسيا، ولكن هذه المرة من البوابة الاقتصادية بعد أن بدأت بنوك تركية في إغلاق حسابات شركات روسية وشددت المتطلبات على المواطنين الروس الذين يرغبون في الحصول على البطاقات البنكية.
هذا الأمر أشار إليه رجال أعمال ومستشارين ماليين وممثلي شركات تجارية روس ممن يمتلكون تعاملات تجارية ومالية مع تركيا.
وجاءت الإشارة إلى وجود هذه المشكلة على مستوى رسمي على لسان المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف.
وصرح المسؤول الروسي، مطلع الشهر الحالي، بأن بلاده على علم بالمشاكل التي تواجهها الشركات والمواطنين الروس مع البنوك التركية وأن موسكو على اتصال مع أنقره بهذا الخصوص.
إجراءات مفاجئة
وبدأت بنوك ومؤسسات مالية تركية في التوقف فجأة عن معالجة المدفوعات من روسيا في بداية العام الحالي.
وبحسب مصادر صحيفة روسية، فإن الحسابات لا تزال مجمدة، وأن حسابات شركات روسية أُغلقت في عام 2022، لكن الوتيرة تكثفت الآن.
وأشارت المصادر إلى أنه في السابق كان الأمر يتعلق في المقام الأول بالشركات الروسية الخاضعة للعقوبات، ولكن الآن أصبحت تتعلق بمؤسسات وشركات روسية أخرى ليست ضمن قائمة العقوبات.
وحتى وقت قريب، كان بإمكان البنوك الروسية فتح حسابات مراسلة في تركيا وبعملات مختلفة، بما في ذلك الليرة والدولار وغيرها.
ومع ذلك، فقد تم حرمانها مؤخرًا من هذه الخدمات. وعلى هذه الخلفية، برزت مشاكل في العلاقات التجارية وصعوبات في التحويلات المالية بين الشركات في البلدين.
ونتيجة لذلك، أصبح من الصعب جداً على المصدرين الأتراك تلقي المدفوعات من الأطراف المقابلة الروسية مع مطلع العام الحالي.
في هذه الأجواء، كان السكرتير الصحفي للرئيس الروسي دميتري بيسكوف صرح لوكالة “تاس” بأن الاستعدادات لعقد قمة بين الرئيسي الروسي والتركي مستمرة، وسيتم الاتفاق على المواعيد، لكنه في المقابل قال إنه لا يستطيع تأكيد ما زعمته مصادر تركية عن تأجيل الزيارة.
وبحسب الخبير الاقتصادي فيكتور لاشون، فإن تشديد القيود من جانب البنوك التركية جاء بعد مرسوم الرئيس الأمريكي جو بايدن في 22 كانون الأول/ ديسمبر 2023.
وسمح المرسوم لوزارة الخزانة الأميركية، باتخاذ تدابير ضد البنوك الأجنبية التي تساعد في إجراء المعاملات مع الأشخاص الخاضعين للعقوبات من روسيا أو تقوم بتسهيل توريد مواد ومعدات معينة إلى المجمع الصناعي العسكري الروسي.
أضرار متبادلة
ويضيف “لاشون” في حديث لنورث برس، بأن “تأثيرات هذا القرار في حل لم يأن معالجته ستترك تداعيات ملموسة على التعاون التجاري بين البلدي، ولا سيما على القطاع الخاص”.
ويعتبر أن الجانب التركي “سيتضرر بنفسه من هذا القرار على ضوء أن أنقرة مهتمة بأداء دور مركز السلع والنقل بين روسيا وأوروبا، بالإضافة إلى صادراتها نفسها إلى روسيا”.
ويصف “لاشون” الأزمة الجديدة بأنها “ضغوط غير مسبوقة وغير مقنعة وعدوانية على الإطلاق من جانب الولايات المتحدة”.
ويضيف: “لكنها يجب أن لا تتعارض مع تطوير التعاون والعلاقات الثنائية”.
أبعاد سياسية
أما الخبير في الشؤون الدولية، دميتري كيم، فإنه يعطي الأزمة بعدًا سياسيًا، بسبب ما يعتبره “دخولًأ للعلاقات في برود غير معلن”، وذلك لأسباب أخرى سبقت الأزمة مع البنوك التركية.
ولكن هذه الأزمة، بحسب “كيم”، قد تصبح أكثر وضوحَا في حال لم يتمكن الطرفان الروسي والتركي من إيجاد مخرج سريع وثابت لها.
ويشير “كيم”، في هذا السياق، إلى عودة التوتر وإن “بشكل ضمني” إلى العلاقات بين موسكو وأنقرة.
وتمثل هذا التوتر، من بين أمور أخرى في موقف تركيا من الحرب في أوكرانيا وكذلك حيال انضمام السويد إلى حلف الناتو، وهو ما يتعارض مع المصالح الروسية بشكل مباشر.
بالإضافة إلى اتخاذ أنقرة خطوات تتعارض مع الرؤية الروسية للحل السياسي في الملف السوري، والذي بدا جليًا في التصعيد التركي المفتوح في شمال شرقي سوريا وسط بقاء عوامل توسع رقعة النزاع قائمة، بحسب “كيم”.
ويرى أن الإجراءات التي تقوم بها بنوك تركية “سيكون لها تاثير سلبي على أجواء العلاقات بين البلدين، لا سيما أنها تأتي في وقت تسعى فيه واشنطن إلى تشديد حبل العقوبات على روسيا”.
وتشكل تلك الإجراءات خطوة من شأنها، في حال تفاعلت، أن تؤدي لإعادة العلاقات بين البلدين إلى المربع الأول، الشيء الذي سيترك تداعيات سلبية أخرى على ملفات أخرى، ثنائية وأقليمية، لطالما سعى الطرفان إلى التفاهم عليها.