غادر بلاده سرا… ترحيب حار بالمخرج الإيراني رسولوف في “كان”
ملخص
محمد رسولوف، وهو من أبرز مخرجي إيران ويُعرف بتحديه الدائم لهيئات الرقابة، لم يأتِ إلى مهرجان كان منذ عام 2017. وفي 2020، مُنع من مغادرة إيران لاستلام جائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين عن فيلم There Is No Evil الذي يتطرق إلى عقوبة الإعدام.
حصل المخرج الإيراني محمد رسولوف، الذي نجح أخيراً في الهرب من إيران، الجمعة على ترحيب حار من الحاضرين في مهرجان كان السينمائي، إذ صفقوا له وقوفاً لمناسبة عرض فيلمه في المسابقة الرسمية للمهرجان.
وقد حضر المخرج الإيراني شخصياً إلى المهرجان لمواكبة عرض فيلمه “دانه انجر مقدس” (بالإنجليزية The Seed of the Sacred Fig أي “بذرة التين المقدس”) الذي يتنافس على السعفة الذهبية للدورة السابعة والسبعين من الحدث السينمائي، بعدما نجح في المغادرة “سراً” من بلاده.
وحمل رسولوف لدى وصوله للمشاركة في الحدث، بيديه صورة لبطلي فيلمه الجديد، الممثلة الإيرانية سهيلا غلستاني ومواطنها الممثل ميثاق زاره.
أمل رسولوف أن “يزول القمع” في إيران. وقال “آمل أن يزول جهاز القمع والديكتاتورية برمته في إيران”، متوجهاً بأفكاره إلى “جميع من أتاحوا تنفيذ هذا الفيلم، وجميع من هم هنا، وأيضاً جميع من منعوا من المجيء”.
دعم حرية التعبير
ويشكل حضور المخرج الملاحق من النظام الإيراني الذي حرمه من جواز سفره وحكم عليه بالسجن، رسالة قوية يريد من خلالها المهرجان الفرنسي تأكيد دعم حرية التعبير.
وقد اعتلى رسولوف سلالم المهرجان برفقة ابنته باران والممثلة الإيرانية غولشيفته فرحاني، التي تعيش في المنفى في فرنسا منذ نحو خمسة عشر عاماً.
وكان رسولوف قال خلال مشاركته في برنامج “سيتافو” “C a vous” التلفزيوني الفرنسي مساء الخميس، “عندما عبرتُ الحدود، استدرتُ، وألقيتُ نظرة أخيرة على موطني وقلتُ لنفسي سأعود إلى هنا”.
وشدد خلال أول ظهور علني له، إلى جانب الممثلة غولشيفته فرحاني “أعتقد أن جميع الإيرانيين الذين اضطُروا إلى المغادرة بسبب هذا النظام الشمولي، يحتفظون بحقائبهم جاهزة في المنزل، على أمل أن تتحسن الأمور”.
مُنع من مغادرة إيران
محمد رسولوف، وهو من أبرز مخرجي إيران ويُعرف بتحديه الدائم لهيئات الرقابة، لم يأتِ إلى مهرجان كان منذ عام 2017 حين حصل على جائزة فئة “نظرة ما” عن فيلمه A Man of Integrity (“لرد” بالنسخة الفارسية الأصلية)، وهو عمل يتمحور حول الفساد.
وفي عام 2020، مُنع رسولوف من مغادرة إيران لاستلام جائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين عن فيلم There Is No Evil (“شطان وجود ندارد” بالنسخة الفارسية الأصلية)، والذي يتطرق إلى عقوبة الإعدام.
ويعد فيلمه الجديد بمزيد من الإزعاج للسلطات الإيرانية، إذ يروي قصة قاضي تحقيق غارق في جنون العظمة، في وقت تندلع فيه مظاهرات ضخمة في العاصمة طهران.
ومن خلال الترحيب به شخصياً، يرسل المهرجان الفرنسي بنسخته السابعة والسبعين إشارة “إلى جميع الفنانين الذين يعانون في العالم من العنف والانتقام بسبب تعبيرهم عن فنهم”، على ما أكد المندوب العام للمهرجان تييري فريمو لوكالة الصحافة الفرنسية.
كما أن هذه الرسالة موجهة بصورة أوسع لمعارضي النظام القائم في إيران، حيث يستمر القمع في التزايد.
وتقول منظمة العفو الدولية إن إيران، التي اهتزت بسبب حركة احتجاجية نهاية عام 2022 بعد وفاة الشابة مهسا أميني، أعدمت 853 شخصاً في عام 2023، وهو أعلى رقم منذ 2015.
ويُتهم السينمائيون الإيرانيون بانتظام بالدعاية ضد النظام، في بلد يستحوذ المحافظون فيه على كامل مقاليد السلطة. ومن غير المرجح أن يتغير الوضع بعد وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي قبل أيام في حادث تحطم مروحية.
“اخترت المنفى”
وبعد تحدي الرقابة لسنوات، اضطُر رسولوف، الذي حُكم عليه عند الاستئناف بالسجن ثماني سنوات، خمس منها قابلة للتطبيق، إلى التسليم بقرار الفرار من البلاد.
وأوضح رسولوف “كان علي أن أختار بين السجن ومغادرة إيران، وبقلب مثقل، اخترت المنفى”. وكان هروبه سرياً، في رحلة محفوفة بالخطر استمرت ساعات عبر الجبال لاجتياز الحدود سيراً على الأقدام.
وأضاف رسولوف، الذي وصل بأمان إلى ألمانيا حيث وجد ملجأ له، أنه كان قادراً على الحفاظ على سرية “هوية الممثلين وطاقم العمل، بالإضافة إلى تفاصيل الحبكة والسيناريو”.
وأبدى ارتياحه لأن بعض الممثلين “تمكنوا من مغادرة إيران” في الوقت المناسب. لكن الكثير من أعضاء الفريق الآخرين ما زالوا هناك “وأجهزة المخابرات تمارس ضغوطاً عليهم. وقد خضعوا لاستجوابات طويلة. وجرى استدعاء عائلات بعضهم وتهديدهم”.
ضيوف دائمون
تُعتبر المهرجانات الدولية وما توفره من اهتمام إعلامي واسع، شكلاً مهماً من أشكال الاعتراف بالسينمائيين الإيرانيين الذين يكافحون ضد ممارسات النظام، مثل جعفر بناهي (“تاكسي طهران”) أو سعيد روستايي (“إخوة ليلى”)، وقد باتوا ضيوفاً دائمين في هذه الأحداث رغم القمع الذي يتعرضون له.
أعربت شخصيات سينمائية عدة عن دعمها لمحمد رسولوف في رسالة مفتوحة، من بينهم الممثلة الإيرانية التي لجأت إلى فرنسا زار أمير إبراهيمي، ونجمة فيلم Anatomy of a fall (“تشريح السقوط”)، ساندرا هولر، أو حتى صانعي الأفلام مثل فاتح أكين وأنيسكا هولاند، ولورا بويتراس، إضافة إلى اثنين من المتنافسين على جائزة السعفة الذهبية لعام 2024، وهما بايال كاباديا وشون بيكر.
بالإضافة إلى “بذرة التين المقدس”، تنظر لجنة تحكيم مهرجان كان برئاسة غريتا غيرويغ الجمعة أيضاً في آخر عمل من بين 22 عملاً في المسابقة، وهو “La plus precieuse des marchandises” (“أثمن السلع”) لميشال هازانافيسيوس (“ذي أرتيست”)، وتدور قصته حول محرقة اليهود (الهولوكوست).
ومن المنتظر الإعلان عن قائمة الفائزين بمهرجان كان السينمائي مساء السبت.