تحدث وولي سوينكا، الكاتب النيجيري الحاصل على جائزة نوبل للآداب، عن حركة «المستقبلية الأفريقية»، أو ما يطلق عليها «أفروفيوتشريزم»، في مرحلة ما بعد الحداثة والأدب المعاصر، وكيف يمكن للأدب والشعر والفنون كسر الصورة النمطية المتداولة عن البلدان الأفريقية.
جاء ذلك خلال جلسة حوارية بعنوان «إعادة تصور الهوية والثقافة الأفريقية في الأدب المعاصر»، شارك فيها الشاعر السوداني عالم عباس محمد النور، وأدارها الروائي الموريتاني محمد ولد محمد سالم، وذلك ضمن فعاليات الدورة الـ42، من «معرض الشارقة الدولي للكتاب»، الذي يستمر في «مركز إكسبو الشارقة» حتى 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، تحت شعار «نتحدث كتباً» بحضور ومشاركة 2033 ناشراً من 109 دول.
الاحتفاء بالمرونة والحيوية الثقافية
وأشار سوينكا إلى أن حركة «المستقبلية الأفريقية» تشكل مزيجاً إبداعياً من الخيال العلمي والتاريخي والواقعية السحرية، كأداة لاستكشاف وإعادة تخيّل التجربة الأفريقية، «فمن خلال جمع عناصر متنوعة من التكنولوجيا والعادات والتقاليد الأصيلة والفخر والاعتزاز الثقافي، نجح كتّاب حركة (المستقبلية الأفريقية) في تشكيل مساحة إبداعية فريدة يتداخل فيها الماضي والحاضر والمستقبل بطرق جميلة ومبتكرة وأصيلة».
وأكد سوينكا أن كتّاب هذا النوع من الأدب يُقدّمون قصصاً تتحدى النظرة التقليدية للزمان والمكان أو «البُعد الزمكاني» مع الاحتفاء بثراء التراث الأفريقي، حيث يستخدم هؤلاء الروّاد الأكاديميون في أعمالهم مجموعة واسعة ومتنوعة من الميثولوجيا والفلكلور والابتكارات التكنولوجية المتطورة لبناء مشهد سردي يحتفي بالمرونة والحيوية الثقافية.
وشدّد سوينكا على أن النقاشات حول مسألة الذات والهوية، تعني أن كثيراً من الخطوات قد قطعتْ في مشوار التأكيد على الخصوصية الأفريقية، حيث إن «استكشاف الذات هو العملية الأساسية في حركة (المستقبلية الأفريقية) لأنها تتعمق في التفاصيل المعقدة لمعنى الوجود الأفريقي في عالم متغير، فمن خلال شخصياتهم الرئيسية، يستكشف هؤلاء الكتّاب مفاهيم عالمية، مثل النزوح والتطهير الثقافي والرحلة نحو اكتشاف الذات، مُوفّرين رؤية فريدة تساعد القرّاء على التفكير في الطبيعة المتنوعة للتجربة الأفريقية».
السرد القصصي… أداة للتحول الإيجابي
وتطرق الشاعر السوداني عالم عباس محمد النورق للحديث حول سطوة الغرب، وانجذاب الناس للثقافة الغالبة والطاغية، والقياس عليها، قائلاً: «يجب التقليل من سطوة الغرب علينا، بالتخلي عن الأفكار ما بعد الاستعمارية التي تعيق رؤيتنا لذاتنا، فلا نقدر على البناء للمستقبل».
وأشار إلى أن تأثير حركة «المستقبلية الأفريقية» لا يقتصر على مجال الأدب، وإنما يمتد إلى أشكال فنية متنوعة، حيث نجح إدخال العناصر الرئيسية لهذه الحركة في الجماليات الفنية الأفريقية بالمساهمة في النهضة العالمية، وتمكين الأفراد المنحدرين من أصول أفريقية في جميع أنحاء العالم، وتعزيز شعورهم بالفخر والاعتزاز والانتماء لجذورهم الثقافية.
ومما جاء في مداخلته: «تعد حركة (المستقبلية الأفريقية) شهادة حية على أهمية السرد القصصي وقدرته على تمكين الأفراد وصناعة التغيير الإيجابي وإحداث التحول الذي يصنع فرقاً، ومن خلال الإمكانات الكبيرة للمخيلة الإبداعية التي لا تعرف حدوداً، يواصل الكتّاب المتخصصون بهذا النوع الأدبي إعادة تقديم سرديات الهوية والثقافة الأفريقية، وتمهيد الطريق نحو مستقبل مشرق متطور تكنولوجياً، وفي الوقت نفسه مرتبط بجذور وجوهر التراث الأفريقي».