رووداو ديجيتال
يكشف السياسي الكوردي عدنان المفتي في الحلقة 26 من البرنامج الحواري “ملفات عدنان المفتي” الذي يقدم حصرياً من خلال رووداو عربية عن ان مفتاح حل المشاكل بين بغداد واربيل “عندنا في اقليم كوردستان”، منبها الى اهمية حل المشاكل بين الاحزاب الكوردية وتوحيد مواقفها في بغداد، ومؤكدا على ان “هناك اطرافاً كثيرة في العاصمة استغلت ضعفنا بسبب مشاكلنا الداخلية وتعمل على الانتقام من اقليم كوردستان”.
وفي رده عن سؤال من ان القيادات الكوردية اقامت منذ ما بعد 2003 وحتى اليوم تحالفات مع الاحزاب الشيعية باعتبارها هي المسيطرة على الاوضاع، لكن تجاربهم في هذه التحالفات كانت نتائجها مخيبة لامال الكورد وللعراقيين جميعا. العراقيون يريدون للاوضاع ان تستقر في جميع انحاء العراق بما فيه اقليم كوردستان. فهل تعتقد ان القيادات الكوردية استفادت من دروس هذه التحالفات، بما فيها التحالف الاخير مع إدارة الدولة؟، قال: “انا شخصيا وبصراحة صُدمت بالواقع الذي شاهدته بعد 2003 لان نظرتنا او فهمنا في السابق للواقع العراقي هي غير ما عشناه بعد تغيير النظام، كنا ندرك ان العراقي بحاجة الى الديمقراطية وحقوق الانسان، وان هناك احزاباً وبرامج سياسية من الممكن ان نلتقي معها لكن الواقع الذي شهدناه غير ذلك خاصة بعد انتخابات 2005، اولاً لان غالبية العرب السنة قاطعوا الانتخابات، ثانياً بروز ظاهرة الارهاب وتنظيم القاعدة الارهابي التي تفشت في المجتمع العراقي الذي تسبب بايقاف عجلة التنمية والانجرار الى مواجهات دموية من خلال العمليات الانتحارية والتفجيرات والتصفيات الجسدية وهذا أثر سلبيا على نفسية الفرد العراقي بما فيهم الكوردي”.
واضاف: “لا تنسى باني واحد من ضحايا الارهاب” في إشارة الى حادث تفجير مقري الاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني في اربيل في عيد الاضحى، في الاول من شباط عام 2004، بحزامين ناسفين من قبل انتحاريين تابعين لتنظيم القاعدة، معتبرا ان هذه الوقائع “أججت النزعة الطائفية في المجتمع العراقي واستطاعت ان تغير الثقافة التسامحية المطلوبة لهذا المجتمع بعد تغيير النظام السابق والتي كانت مطلوبة حتى نقدر ان نتعايش وحلت مكانها روح الكراهية والنظرة الريبية (من الريب) والشك وسادت حالة عدم الثقة بالاخر. لهذا قلت انا مصدوم مثلما الآخرين الذين شعروا بخيبة الامل، بدل من ان نرى قوى ديمقراطية وطنية تقود العراق، حتى لو كانت مذهبية، المذهب غير الطائفة طبعا، تعمل على بناء المستقبل على اساس سيادة القانون وبناء مجتمع مدني مثلما كنا نتمنى وهذا لم يحصل للاسف”.
وتعليقاً على ملاحظتنا بأن القيادات الكوردية، بما فيهم انتم، عقدتم اتفاقات مع التحالفات والاحزاب الشيعية وكلها كانت خيبة امل وحتى اليوم، وخيبة الامل هذه لا اقول قاسية فحسب بل مؤذية للشعب الكوردي الذي سلبت الكثير من حقوقه من قبل بغداد وليس موضوع الرواتب اولها. وتاثير هذا على المواطن في اقليم كوردستان سلبيا ويزيد القطيعة بين المواطن الكوردي وبغداد، قال: ان “شعار (التحالف الشيعي الكوردي) الذي طُرح في ايام النظام السابق وبعد سقوطه لا اراه اليوم يعبر عن واقعه، وهو شعار عاطفي باعتبار ان الشيعة والكورد تعرضوا للاضطهاد، ولكن بذات الوقت ان الشعب العراقي كله تعرض للاضطهاد”.
نقول: لكن المعروف ان صدام حسين كان عادلا في الظلم؟ يجيب قائلا: “انا قلت قبل تغيير النظام ان صدام كشخص ليس عنصريا ولكنه دموي ودكتاتوري يعني حبه لذاته يتجاوز كل المفاهيم الاخرى وكان بمقدوره تدمير العراق من اجل بقائه، لكنه لم يكن عنده نوايا لتدمير الشعب الكوردي الا عندما شعر بان الثورة الكوردية تشكل خطرا عليه فحرق مئات القرى الكوردية وقتل عشرات الالاف من الكورد، وتنازل عن سيادة الاراضي العراقية وشط العرب لايران في اتفاقيته الجزائر عام 1975 مع شاه ايران حتى يدمر الثورة الكوردية عندما شعر ان بقاء نظامه مهدد”.
واضاف: “نحن لم نستطع بناء مجتمع ديمقراطي يقوم على اساس القانون، واقليم كوردستان منذ 2004 و2005 صعودا الى الان ضعيف واطراف كثيرة ببغداد يستغلون ضعف الاقليم ويريدون ان ينتقموا، ولكن ينتقموا مِن من ومن ماذا؟، هذا السؤال يجب ان يوجه لهم، ثم من هم حتى ينتقموا؟ تاريخيا لم يستطع اي منتقم ان يستمر ويبقى. للاسف ان الثقافة السائدة اليوم ببغداد هي ثقافة سلبية اتجاه الاقليم ويستغلون الوضع المعيشي لمواطني اقليم كوردستان الذي يمر بفترة صعبة منذ عام 2014، حيث المشاكل التي واجهتنا بسبب تنظيم داعش والارهاب وسقوط الموصل وتدهور اسعار النفط وحصار حيدر العبادي على الاقليم. ارجع واقول انهم بدلا من استغلال، واضع هنا كلمة (استغلال) بين قوسين، هذا الوضع وان ياتوا الينا لبناء الثقة على اساس القانون والالتزام بالدستور، لكن هذا لم يحدث”.
نسأل السياسي الكوردي عدنان المفتي: الا تعتقد ان استغلال اطراف ببغداد للاوضاع المعيشية للمواطن الكوردي، كما ذكرتم، مخطط له لكسر كبريائه؟، يرد قائلا: “انا لا أؤمن بنظرية المؤامرة. هذا الواقع موجود، عندما تصبح عندك مشكلة وجارك لا يحبك فيتسلل اليك ليسبب لك مشكلة اكبر. لولا وجود مشكلة بداخلنا وهو الصراع الكوردي الكوردي لماحدث ذلك، لو كنا قد نجحنا ببناء الشخصية الكوردية منذ 2003 بان يعتمد على ذاته وان تصل المصالحة الى درجة كاملة لنسيان المآسي التي حدثت في كوردستان ما كان رأينا ما نراه الآن، ما كنا نشاهد ناس في بغداد يشتكون للمحكمة الاتحادية”.
وتابع المفتي: “أنا لا الوم من يشتكي لأن المعيشة اهم شيء، والمواطن في راس الشهر ليس لديه راتباً حتى يطعم عائلته لا احد يستطيع ايقافه، لكن الذين لا يحبون الشعب الكوردي ولا يريدون الديمقراطية للبلد استغلوا هذه الامور للانتقاص من حقوق الشعب الكوردي المنصوص عليها في الدستور العراقي. هذه الاوضاع تم استغلالها من قبل بعض الاطراف في بغداد للتأثير سلبيا على الاقليم لتقليل صلاحياته وتحجيمه”.
في ضوء ذلك ماذا تتوقع صورة العلاقة بين بغداد واربيل على المدى القريب؟، يجيب قائلاً: “على المدى القريب اقول ان مفتاح حل المشاكل بين بغداد واربيل عندنا داخل اقليم كوردستان، يجب ان تكون العلاقات بين الاحزاب السياسية الكوردية متقدمة ومتطورة وان يحاولوا العمل على توحيد مواقفهم تجاه بغداد، وكذلك تجاه ايران وتركيا وتجاه التكوينات الاخرى وان لا يتحدثوا بلغتين او ثلاث لغات، اعني عندما يذهب طرف كوردي الى بغداد يتحدث بلهجة سلبية ضد الطرف الآخر وينسى قضيته الاساسية وهي المشاكل في الاقليم وهكذا مع الطرف الآخر”.
ويوضح المفتي أن “اي شخص لا يحب الشعب العراقي ولا يريد له التطور يستغل هذه الظروف عن طريق تأجيج الخلافات بين الاطراف الكوردية، وعلى بغداد ان تفكر بان القوة التي تشعر بها اليوم لن تستمر اذا لم تكن مدعومة من اقليم كوردستان وبقية المكونات الاخرى”، مشيرا الى ان “التجربة العراقية طويلة، منذ ان تاسست الدولة العراقية لم تشهد اي استقرار باستثناء سنوات قليلة، احد اسباب عدم الاستقرار هو عدم الاستجابة لمطالب الشعب الكوردي وهذا استنزف العراق عسكريا وامنيا واقتصاديا ونفسيا واجتماعيا. لا بغداد ولا كوردستان تستفيد من هذا ومن الافضل ان تكون هذه الرؤية واضحة امام كل المسؤولين العراقيين”.
نسأل المفتي: باعتقادك وبعيدا عن الطائفية، من هم الاقرب للكورد. الاحزاب السياسية الشيعية ام السنية؟ يجيب قائلا: “كأحزاب لا استطيع ان اعطي رأياً ثابت بهم لان مواقفهم قابلة للتغيير، فنحن مثلا في اجتماعاتنا مع قادة بعض الاحزاب السياسية، شيعية او سنية، يقولون شيئاً في الاجتماع ثم يخرجون يتحدثون عن شيء آخر للاعلام لارضاء جمهورهم، مثلا يقولون لنا ان الفيدرالية امر جيد وفي خطابهم لجمهورهم يقولون هذا انفصال! الحقيقة انا استغرب مثل هذه الاساليب، المفروض ان تكون عندهم قناعة ويؤمنون ما يطرحونه في الاجتماعات مع الاحزاب الاخرى، او ان لا تلتزم باي امر لا تقتنع به او يقتنع به جمهورك”.
وأضاف أن “السنة اليوم ليسوا بالحكم حتى نبني على مواقفهم رأياً ثابتاً لأن قسماً منهم يعتبر نفسه مضطهداً والموجودين منهم في بغداد هم على تناغم مع الشيعة وليست عندهم مشاكل، لكن عن اي سنة نتحدث؟، والشيعة ايضا منقسمين، هناك التيار الصدري وهناك الاطار التنسيقي، فعن اي شيعة نتحدث؟ المهم عندما يكون في السلطة، سواء كان شيعيا ام سنيا عند ذاك نستطيع ان نعرف حقيقة موقفهم من الكورد، وما هو جوهره هل يتصرف بطريقة فوقية ويعتبر نفسه مواطناً من الدرجة الأولى ونحن درجة ثانية؟ هذا موجود في دواخلهم وليس في تصريحاتهم وهذه اكبر مشكلة تواجههم وتواجهنا”.