مرّ أسبوع على سقوط الأسد وهروبه وبداية مرحلة تاريخية جديدة في سوريا، وأسبوع أيضاً على تسلم أحمد الشرع القرار في بلاد محررة لم يختبر أهلها الديموقراطية من قبل. ويومياً يطل الشرع وحكومته بقرارات تزيد من نسبة الثقة بالنسبة الى السوريين القلقين، خصوصاً أنهم لم يسبق لهم طوال عقود أن تمت ادارتهم من غير آل الأسد. ومن القرارات التي عبرّ عنها الشرع وارتاح لها السوريون القرار بوقف الخدمة الاجبارية وآخر بحلّ كل الفصائل المسلحة وحصر السلاح بيد الدولة، في وقت لا يزال البلد الديموقراطي المجاور لبنان يجري نقاشات في الغرف المغلقة حول كيفية تعاطي الجيش مع سلاح “حزب الله”، من دون ما يؤشر الى قرار لانهاء السلاح غير الشرعي في هذه الجمهورية، لكن المفيد أن رئيس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي حدد قيمة اعادة الاعمار بعد العدوان الذي شنته اسرائيل وهي 5 مليارات دولار.
إلى ذلك، مع بدء العد العكسي لجلسة 9 كانون الثاني، التي تقول أوساط رئيس مجلس النواب نبيه بري إنه مُصرّ على أن تكون جلسة مُنتجة رئاسياً، لوحظ نزول للثنائي الشيعي عن شجرة مواقفه، بحيث بدأت طبخة سحب ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، مترافقة مع تأكيد الثنائي عدم تعطيل النصاب في الجلسة المقبلة بدورات مفتوحة، كما قالت مصادره لموقع “لبنان الكبير”، مشيرة إلى أن بري دعا البعثات الديبلوماسية لا سيما سفراء “الخماسية” الدولية، وذلك بالتزامن مع جوجلة الأسماء، التي يتقدمها قائد الجيش جوزيف عون، فيما تستعد كتل نيابية لاعادة التموضع تماشياً مع الواقع الجديد.
وفيما يترقب العالم مستقبل سوريا، يضع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الجولان نصب عينيه، ليفرض سيطرة الكيان العبري بالكامل عليه، منتشياً بانتصاراته على “حماس” و”حزب الله” وضعف المحور الايراني، اذ أكد نتنياهو أن الضربات الجوية الأخيرة ضد المواقع العسكرية السورية “جاءت لضمان عدم استخدام الأسلحة ضد إسرائيل في المستقبل. كما ضربت إسرائيل طرق إمداد الأسلحة إلى حزب الله”.
وقال: “سوريا ليست سوريا نفسها”، مشيراً إلى أن “إسرائيل تغيّر الشرق الأوسط”.
وأضاف: “لبنان ليس لبنان نفسه، غزة ليست غزة نفسها، وزعيمة المحور، إيران، ليست إيران نفسها”.
إلا أن أحلام نتنياهو لن تكون من دون عقبات، فبعد ضعف “المحور الايراني” تتقدم المملكة العربية السعودية لصد التوسع الاسرائيلي الجديد، معربةً عن إدانتها واستنكارها قرار حكومة الاحتلال الاسرائيلي التوسع في الاستيطان بالجولان المحتل، ومواصلتها تخريب فرص استعادة سوريا لأمنها واستقرارها.
واذ جددت في بيان أصدرته وزارة خارجيتها، دعوتها المجتمع الدولي الى إدانة هذه الانتهاكات الاسرائيلية، أكدت ضرورة احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها، مشددة على أن “الجولان أرض عربية سورية محتلة”.
وللمرة الأولى منذ 12 عاماً، تزور بعثة ديبلوماسية فرنسية دمشق، غداً الثلاثاء، بحسب ما أعلن وزير الخارجية جان نويل بارو في تصريحات لاذاعة “فرانس إنتر” بالأمس. وقال: “ان هدف الديبلوماسيين الأربعة الذين سيتمّ إيفادهم إلى سوريا، سيكون استعادة ممتلكاتنا هناك وإقامة اتصالات أولية مع السلطات الجديدة وتقييم الاحتياجات العاجلة للسكان على المستوى الانساني”.
وأضاف: “سيعمل الوفد أيضاً على التحقق مما إذا كانت تصريحات هذه السلطة الجديدة المشجعة إلى حد ما والتي دعت إلى الهدوء، ويبدو أنها لم تتورط في انتهاكات، يتم تطبيقها بالفعل على الأرض”.
أما على صعيد مستقبل سوريا، فقد أعلن القائد العام لإدارة العمليات العسكرية في سوريا أحمد الشرع إلغاء التجنيد الإلزامي في الجيش السوري، مستثنياً بعض الاختصاصات ولفترات قصيرة، حسب وسائل إعلام سورية.
اما بشأن المهجرين، فأكد الشرع أن إعادتهم إلى سوريا وبناء المنازل المهدمة على رأس أولوياته، مشيراً الى أنه سيتم حل كل الفصائل ولن يكون هناك سلاح إلا بأيدي الدولة السورية.
وقال الشرع في تصريحات، إن ما حدث في بلاده ليس مصادفة بل تم التحضير له منذ سنوات، مؤكداً أنه لم يكن أمامه سوى الخيار العسكري على الرغم من تعقيده مع استحالة الحل السياسي. وأضاف: “أهدافنا واضحة وخططنا جاهزة للبناء والتطوير في سوريا، لدينا خطط منهجية لعلاج التدمير الممنهج الذي مارسه النظام”.
وفي عظة الأحد، تطرق البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي الى الأحداث التي جرت في سوريا في هذين الأسبوعين الأخيرين، موجهاً التحيّة “إلى مطارنة وأبناء أبرشيّاتنا المارونيّة الثلاث في كلّ من حلب ودمشق واللاذقيّة، وإلى سائر الكنائس الكاثوليكيّة والأرذوكسيّة والإصلاحيّة الزاهرة في سوريا”. واعتبر أن “سوريا هي مهد المسيحيّة المتجذّرة فيها منذ بدايتها. وبالتالي عاش المسيحيّيون فيها بإخلاص لها، وأعطوها من صميم قلوبهم لحماية العيش المشترك والعدالة والسلام والحريّة وحقوق الإنسان”، قائلاً: “اليوم، لا بدّ من مدّ اليد لجميع المكوّنات السوريّة للتعاون في بناء البلاد، مع التأكيد على أهميّة بناء سوريا على أساس من المواطنة والمساواة دونما تمييز دينيّ أو طائفيّ أو عرقيّ أو ثقافيّ. ولا بدّ من حثّ المسيحيّين على الإنخراط في العمل الوطنيّ والسياسيّ”.
وبينما سوريا تحاول بناء الدولة، يسعى لبنان الى ترميم ما دمره السلاح غير الشرعي، وأكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن “التنفيذ الشامل لتفاهم وقف اطلاق النار ووقف الانتهاكات الاسرائيلية له أمر بالغ الأهمية لحماية سيادة لبنان وسلامة أراضيه، وتسهيل العودة الآمنة للنازحين الى بلداتهم وقراهم، وهذه مسؤولية مباشرة على الدولتين اللتين رعتا هذا التفاهم وهي الولايات المتحدة وفرنسا “، مشدداً على “الحاجة الملحة لتأمين استقرار المؤسسات الدستورية في لبنان بدءاً بانتخاب رئيس جديد للجمهورية”.
وعن آثار الحرب، أشار ميقاتي الى أن “العدوان الاسرائيلي على لبنان، زاد معاناة شعبنا وأدى الى خسائر فادحة في الأرواح، كما ألحق أيضاً أضراراً جسيمة بالبنى التحتية والاقتصاد والاستقرار الاجتماعي. وأدى النزوح الجماعي لآلاف اللبنانيين إلى نشوء أزمة إنسانية غير مسبوقة، ما يستدعي اهتماماً ودعماً فوريين من المجتمع الدولي. ووفقاً لتقديرات البنك الدولي، سيحتاج لبنان إلى ما لا يقل عن خمسة مليارات دولار لدعم عملية إعادة الإعمار”.