تصريحات أوجلان تعكس استعدادا لحوار سياسي مع السلطات التركية يفتح الباب لاختراق بعد سنوات من الجمود السياسي.
تطورات الملف السوري تقلب جميع المعطيات
لندن- مدت تطورات الأزمة السورية الأكراد بعناصر تفاوض إضافية ومهمة تتيح لهم تحريكها فعليا والإعلاء من سقف أيّ نتائج يمكن تحقيقها.
وبعد تلميحات وإشارات متوالية عن مواقف جديدة يعلن عنها الأكراد، بادر الزعيم التاريخي لأكراد تركيا عبدالله أوجلان وأعلن استعدادا لا يبدو مشروطا لحوار سياسي مع السلطات التركية يفتح الباب لاختراق بعد سنوات من الجمود السياسي ومن وضع أوجلان في سجن انفرادي بعزلة شبه كاملة.
ونقل بيان عن حزب “المساواة وديمقراطية الشعوب” المؤيد للأكراد الأحد عن أوجلان قوله إن “إعادة تعزيز الأخوة التركية الكردية ليس مسؤولية تاريخية فحسب.. لكن أيضا (مسألة) عاجلة لكل الشعوب،” مما يؤكد أن الصيغة التوافقية مع الأكراد كانت قد أعدّت سلفا وأن الرغبة بالإعلان عنها كانت بعد زيارة نائبين تركيين من الأكراد لأوجلان، وأن الباب قد صار مفتوحا لرمي الأكراد سلاحهم والدخول في مفاوضات سلام شاملة مع حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان.
أوجلان: التطورات في سوريا أظهرت أن التدخل الخارجي لن يؤدي إلا إلى تعقيد المشكلة، وأن الحل لم يعد من الممكن تأجيله
وتأتي مبادرة الحكومة التركية حيال أوجلان بعد سقوط الرئيس السوري بشار الأسد في 8 ديسمبر إثر هجوم غير مسبوق للفصائل المعارضة. وتستهدف تركيا بانتظام المقاتلين الأكراد في شمال سوريا والعراق.
من جهته، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن السبت إنّه “لا يمكن السماح لمنظمة حزب العمال الكردستاني/وحدات حماية الشعب الإرهابية بالاحتماء في سوريا،” بحسب ما أعلنت أنقرة.
وبحسب بيان الحزب، اعتبر أوجلان أن التطورات في سوريا أظهرت أن التدخل الخارجي لن يؤدي إلا إلى تعقيد المشكلة، وأن الحل لم يعد من الممكن تأجيله.
أتى ذلك غداة قيام اثنين من أعضاء حزب “المساواة وديمقراطية الشعوب” المؤيد للأكراد، بزيارة مؤسس حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان الذي يمضي عقوبة السجن مدى الحياة.
وكانت وزارة العدل التركية وافقت الجمعة على طلب تقدّم به حزب “المساواة وديمقراطية الشعوب” بهذا الشأن. وكانت الزيارة الأولى من نوعها منذ 10 سنوات لأوجلان الموقوف منذ العام 1999.
وأتت الزيارة بعد شهرين من قيام دولت بهجلي، زعيم حزب الحركة القومية التركية اليميني المتشدد والمعادي لحزب العمال والمنضوي في الائتلاف الحاكم، بدعوة أوجلان للحضور إلى البرلمان لإعلان حل الحزب الذي تصنّفه أنقرة “إرهابيا”، مقابل إطلاق سراحه. وتلقى الخطوة دعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ونقل البيان عن أوجلان قوله “لديّ الأهلية والتصميم للقيام بمساهمة إيجابية في المثال الجديد الذي أطلقه السيد بهجلي والسيد أردوغان.”
وقال الزعيم الكردي إن الوفد الذي زاره سينقل موقفه إلى الدولة التركية والسياسيين الآخرين، مضيفا “في ضوء ذلك، أنا مستعد لاتخاذ الخطوات الإيجابية الضرورية.”
من جهته، اعتبر الرئيس المشارك لحزب “المساواة وديمقراطية الشعوب” تونجر باكيرهان نداء أوجلان “فرصة تاريخية لبناء مستقبل مشترك،” وذلك في منشور على منصة إكس.
وأكد “نحن على أعتاب تحول ديمقراطي محتمل في تركيا والمنطقة. والآن هو الوقت المناسب للشجاعة والاستبصار من أجل سلام مشرف.”
pp
ورأى أوجلان أن الجهود المبذولة “ستأخذ البلاد إلى المستوى الذي تستحقه” وستصبح “دليلا قيما للغاية للتحول الديمقراطي.” وأكد “حان الوقت لتركيا والمنطقة لتنعم بالسلام والديمقراطية والأخوة.”
وحزب العمال الكردستاني مصنّف منظمة إرهابية في تركيا وفي الدول الغربية الحليفة لها، بما فيها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وأوقف أوجلان في 15 فبراير 1999 في نيروبي إثر عملية لقوات الأمن التركية بعدما أمضى سنوات هاربا. ونقل إلى تركيا حيث جرت محاكمته وصدر حكم بإعدامه.
ورغم عدم تنفيذ الحكم بحقه بعدما ألغت تركيا عقوبة الإعدام عام 2004، أمضى بقية حياته في عزلة داخل زنزانة في سجن جزيرة إمرالي في بحر مرمرة جنوب إسطنبول. والعديد من الأكراد يرونه بطلا.
وأسس أوجلان (75 عاما) حزب العمال الكردستاني الذي قاد تمردا أودى بعشرات الآلاف من الأشخاص في ظل سعيه لنيل الاستقلال.
وانخرط لسنوات حتى العام 2015، في محادثات مع السلطات، عندما دعا أردوغان، وكان آنذاك رئيسا للوزراء، إلى إيجاد حل لما يُطلق عليه غالبا “المشكلة الكردية” في تركيا.
وانهارت عملية السلام والهدنة في العام 2015 ما أدى إلى تجدد العنف، خصوصا في جنوب شرق البلاد ذي الغالبية الكردية.