الموقف المستجد بمثابة ضربة جديدة للعلاقات الأميركية – الأوكرانية ونقطة تسجّل بصالح روسيا في مفاوضات إنهاء الحرب، بعد سلسلة ضربات منها ما هو مرتبط باستثناء كييف من مفاوضات موسكو وواشنطن ومطالبتها بتسديد أثمان الدعم الأميركي، لكن ومن منظار أوسع، فإنّه نموذج للتحوّل الذي تشهده العلاقات السياسة الخارجية الأميركية.
مفاجأة جديدة فجّرها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في مسلسل مفاجآته التي باتت تتخذ موعداً يومياً، مع تحميله القيادة الأوكرانية مسؤولية “استمرار حرب لم يكن ينبغي لها أن تحدث أبداً”، معتبراً أن “وقتاً طويلاً مر منذ إجراء انتخابات” في أوكرانيا، ومشيراً إلى أن هذه القضية “ليست شأناً روسياً”، في تصريحات تتماهى مع تشكيك روسيا بشرعية الرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي.
الموقف المستجد بمثابة ضربة جديدة للعلاقات الأميركية – الأوكرانية ونقطة تسجّل بصالح روسيا في مفاوضات إنهاء الحرب، بعد سلسلة ضربات منها ما هو مرتبط باستثناء كييف من مفاوضات موسكو وواشنطن ومطالبتها بتسديد أثمان الدعم الأميركي، لكن ومن منظار أوسع، فإنّه نموذج للتحوّل الذي تشهده العلاقات السياسة الخارجية الأميركية.
أستاذ العلاقات الدولية نبيل الخوري يتحدّث لـ”النهار” عن “الانعطافة” التي تشهدها السياسة الأميركية والتي تنعكس “خللاً” بالسياسة الخارجية وسيكون لها تبعاتها على العلاقات الدولية، لأن أهم المبادئ التي تقوم عليها هذه العلاقات هي “الثبات على السياسات الاستراتيجية والانسجام مع السياسات السابقة والاستمرار بالعمل بها، ما يخلق ثقة بين المكونات”.
لكن الاستدارة التي يقوم بها ترامب من شأنها تأدية دور سلبي، وبتقدير الخوري، فإن سياسة الرئيس الأميركي “قد تقلّل من منسوب الثقة بين الولايات المتحدة وحلفائها، ومن مصداقية واشنطن أمام المجتمع الدولي، ما سينعكس إرباكاً على السياسة الخارجية”، وهذا هو الواقع الذي يظهر عند محاولة رصد السياسات الخارجية لحلفاء أميركا التقليديين، وعلى رأسهم أوروبا.
هذه التصريحات يمكن ربطها بعملية “ابتزاز” يقودها ترامب لتحقيق مكاسب مالية من أوكرانيا وأوروبا، وتستكمل مواقف سابقة مرتبطة بدفع أوكرانيا ثمن الدعم الأميركي بمعادن نادرة تبلغ قيمتها 500 مليار دولار، وبرأي الخوري، فإن تيار ترامب هو “التيار الذي يفضّل الصفقات على حساب مصالح الدول الصديقة”، ولا يستبعد محاولة ترامب عقد صفقة محدّدة.
قد يحاول ترامب تهديد أوكرانيا تارةً باحتلالها من قبل روسيا وطوراً بتغيير قيادتها من خلال انتخابات، معتمداً على سياسة العصا والجزرة، أي التهديد بالخطر الوجودي أو حمايتها مقابل منحها مكاسب مادية، وفي هذا السياق، يقول الخوري إن ترامب “يلعب لعبة المقايضة، ويطرح شروطاً تعجيزية مقابل تحقيق مكاسب مرتبطة بإعادة الإعمار والاستفادة من الثروات الطبيعية”.
ومن خلف الصفقات يريد ترامب أيضاً تغيير منظومة العمل الدولي، وبحسب الخوري، فإنّ الرئيس الأميركي يرغب بعلاقات “وثيقة مع أوروبا لكنه يريد منها تغيير سياساتها”، وفي هذا السياق، يطالبها برفع إنفاقها الدفاعي وتخفيض تعرفاتها الجمركية، “ولا يريد لروسيا أن تصبح حليفةً للولايات المتحدة، لكن عقد تفاهمات وصفقات معها”، وإبعادها عن المعسكر الصيني.
في المحصّلة، فإن ترامب يبدّل منظومة القيم الدولية ويحدث تغييرات جوهرية بالمعايير التقليدية التي كانت الولايات المتحدة تتبعها، ويرسي نهجاً “ترامبياً” جديداً ذا معايير قائمة على مبدأ “الصفقات والأعمال”، وسيدفع حلفاء أميركا التقليديون الأثمان الأكبر للسياسات الجديدة، وقد يكون الثمن الأول، تغيير القيادة الأوكرانية الحالية.