تسابق القاهرة الزمن للتحضير لاستضافة «قمة مصر للسلام» المقرر انعقادها السبت المقبل، ووجهت دعوات موسعة لضمان تحقيق حضور إقليمي ودولي لفعالياتها، مستهدفة بحث الموقف الراهن في قطاع غزة، ومحاولة التوصل إلى «تهدئة وطرح أفق سياسي للقضية الفلسطينية».
وستُسبق القمة التي دعت إليها القاهرة بأخرى رباعية تستضيفها العاصمة الأردنية عمّان (الأربعاء) بمشاركة قادة مصر، والأردن، وفلسطين، وأميركا، وسط ترقب لما يُمكن أن تسفر عنه التحركات المتسارعة لوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
ووجهت مصر دعوة رسمية للعديد من القوى الإقليمية والدولية المعنية بالقضية الفلسطينية، من بينها الولايات المتحدة، والصين، وروسيا، والاتحاد الأوروبي، وتركيا، وعدد من الدول العربية، إضافة إلى دعوة السكرتير العام للأمم المتحدة، والأمين العام لجامعة الدول العربية، استجابة للطرح الذي أعلن عنه خلال اجتماع «مجلس الأمن القومي المصري» الأحد الماضي. في حين «لم يتضح ما إذا كانت الدعوة وجهت لدول مثل إسرائيل أو إيران»، حسب مصدر مصري مطلع.
كان البيت الأبيض أعلن في وقت متأخر من مساء الاثنين أن الرئيس الأميركي جو بايدن سيزور إسرائيل، الأربعاء، حيث يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي والمسؤولين في حكومته بتل أبيب، ثم يغادر إلى عمّان في اليوم نفسه، للقاء العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
يأتي ذلك وسط مساعٍ واتصالات مصرية وعربية مكثفة لفتح «ممرات آمنة» لإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، في ظل تفاقم معاناة سكان القطاع جراء قطع سلطات الاحتلال إمدادات المياه والكهرباء والوقود عن غالبية مناطق القطاع، إضافة إلى إجبار أكثر من مليون فلسطيني على النزوح نحو جنوب غزة.
وأعربت مصر مراراً عن رفضها القاطع لـ«تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وتخييرهم بين الموت أو النزوح نحو الحدود المصرية». وقال الرئيس المصري خلال استقباله وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في القاهرة (الأحد)، إن ردة الفعل الإسرائيلي «تتجاوز حق الدفاع عن النفس وتتحول إلى عقاب جماعي لقطاع غزة».
أفق سياسي وإنساني
ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير رخا أحمد حسن، أنه «لا تعارض بين انعقاد القمة الرباعية في عمان، ودعوة مصر لقمة إقليمية ودولية لمناقشة الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن مباحثات عمّان يمكن وضعها في إطار مناقشة الأفق السياسي الذي ستتناوله قمة القاهرة، خصوصاً أن الرئيس الأميركي قد يحدد في لقائه مع القادة العرب «حدود ما يمكن أن يكون مقبولاً أميركياً، وتضمن واشنطن تنفيذه».
وأعرب عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية» عن اعتقاده بأن البعد الإنساني ستكون له الأولوية في المشاورات المتسارعة في المنطقة، كما يمكن أن يكون لقمة القاهرة دور أبعد فيما يتعلق بإعادة إعمار غزة، في أعقاب الدمار الهائل الذي لحق بالقطاع جراء «القصف الوحشي» من جانب قوات الاحتلال.
ولفت إلى إمكانية أن تساهم «قمة القاهرة» في إعادة بعض من التوازن للمواقف الدولية وتغيير «الانحياز» في مواقف قوى دولية خلال الأيام الماضية، الذي يرى أنه «بدأ في التراجع تحت ضغط المشاهد المؤلمة جراء العدوان الإسرائيلي على القطاع».
دعم غربي
كانت دول غربية عدة، في مقدمتها الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا، أعلنت مساعدة إسرائيل في «الدفاع عن نفسها». وأعربت عن دعمها «الثابت والموحد» لتل أبيب، فيما وصف وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، حملة القصف الإسرائيلية بأنها «تجاوزت نطاق الدفاع عن النفس»، مؤكداً أن الاحتلال «يجب أن يوقف العقاب الجماعي لشعب غزة»، بينما وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحصار المشدد الذي تفرضه إسرائيل على غزة بأنه «مشابه للحصار الذي فرضته الجيوش الألمانية على لينينجراد خلال الحرب العالمية الثانية».
ويرى السياسي الفلسطيني وأستاذ العلوم والعلاقات الدولية الدكتور أسامة شعث، أن زيارة بايدن للمنطقة هدفها الرئيسي إخراج إسرائيل مما وصفه بـ«المأزق الراهن»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»، أن الدعوة المصرية لقمة إقليمية ودولية «تكتسب أهمية مضاعفة» في ظل التوقعات بأن تحاول الولايات المتحدة تقديم طرح يتضمن تعديلات طفيفة على ما سمي بـ«صفقة القرن»، مشيراً إلى أن المصالحات والمشاورات الإقليمية الراهنة «تعطي زخماً لقمة القاهرة».