كشف عضو لجنة صياغة مسودة الإعلان الدستوري في سوريا، إسماعيل الخلفان، أن “اللامركزية الإدراية مطروحة” ضمن المسودة، التي تتمسك بـ “النظام السياسي المركزي”.
وقال الخلفان في مقابلة خاصة مع رووداو، أجرتها نالين حسن، الجمعة (7 آذار 2025)، إن آلاف الكورد الذين جرّدهم النظام السابق من الجنسية “سيستعيدون حقّهم” ضمن قوانين الإعلان الدستوري، المتوقع أن تصدر مسودته خلال 10 أيام.
مطلع آذار الجاري، كلف الرئيس الانتقالي أحمد الشرع لجنة مكونة من 7 أعضاء، بينهم سيدتين، بمهمة صياغة مسودة الإعلان الدستوري.
وتتكون اللجنة من كل من عبد الحميد العواك، ياسر الحويش، إسماعيل الخلفان، ريعان كحيلان، محمد رضى جلكي، أحمد قربي، بهية مارديني.
وأدناه نص الحوار:
رووداو: بناءً على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني السوري، تشكلت لجنة الإعلان الدستوري التي ستتولى مهمة صياغة مسودة الإعلان الدستوري الذي سينظم المرحلة الانتقالية. للحديث حول عمل هذه اللجنة، معنا من محافظة حلب، إسماعيل الخلفان، عضو لجنة صياغة مسودة الإعلان الدستوري السوري. أهلاً وسهلاً بك ضيفاً على شاشة رووداو. سؤالي هو إلى أين وصلت أعمال لجنة إعداد مسودة الإعلان الدستوري؟
إسماعيل الخلفان: اللجنة ما زالت في طور المناقشات بين أعضائها حول بنود هذا الإعلان الدستوري، وقد قطعت شوطاً جيداً، لأن هناك مناقشات مكثفة بين أعضاء اللجنة منذ اليوم الأول لتشكيلها. فالآن قطعت شوطاً جيداً في هذه المناقشات وهي مستمرة في عملها. طبعاً المناقشات أساساً بين أعضاء اللجنة، وأيضاً أعضاء اللجنة يستمعون إلى مشورات من معارفهم وأشخاص آخرين، خبراء ومختصين، في الأمور القانونية والدستورية.
رووداو: على كم مادة تناقشتم إلى الآن؟
إسماعيل الخلفان: تناقشنا في العديد من المواد. لا نستطيع أن نكشف عددها، ولكنه عدد جيد من المواد.
رووداو: دكتور، ما هي أسس عمل هذه اللجنة؟
إسماعيل الخلفان: هذه اللجنة تستمد شرعيتها من القرار الصادر عن رئيس البلاد بتشكيلها، وهي تستند إلى إطلاعها على الدساتير السابقة، كون أعضاؤها كلهم خبراء دكاترة في القانون. اطلعت على الدساتير السابقة التي كانت مطبقة في سوريا، بالإضافة إلى تجارب الإعلان الدستوري التي حصلت في دول أخرى، وتطلع على مختلف هذه التجارب الدستورية لتحاول الوصول إلى أفضل صيغة ممكنة للإعلان الدستوري بما يناسب تطلعات الشعب السوري.
رووداو: إذاً، ما هي مهمة هذه اللجنة بالتحديد؟
إسماعيل الخلفان: مهمة اللجنة هي صياغة الإعلان الدستوري للمرحلة الانتقالية في سوريا. عندما تنهي هذه اللجنة عملها، فإنها سترفع هذه المسودة إلى رئيس الجمهورية ليصدر هذا الإعلان الدستوري. وعند اللجنة الضمانات بأن الصلاحيات لأعضائها هي صلاحيات مطلقة دون التدخل في عملهم. هم يتناقشون فيما بينهم، يتشاورون، يختلفون، بعد ذلك يتفقون على أفضل صياغة ممكنة للمواد. عندما تنتهي اللجنة من عملها، سترفع ما أعدته إلى الرئيس وسيقوم بإصداره،
رووداو: أي سوف تتم المصادقة على هذه المسودة من قبل الرئيس؟
إسماعيل الخلفان: نعم، تماماً.
رووداو: ومتى سيتم الإعلان عن هذه المسودة؟
إسماعيل الخلفان: في الحقيقة لا يمكننا أن نعطي وقتاً محدداً، ولكن لا أتصور بأن هذا الأمر سيطول، كون أن أعضاء اللجنة دخلوا في مناقشات من اليوم الأول واستغرقوا وقتاً طويلاً في المباحثات فيما بينهم حول مواد هذا الإعلان. كما قلت لكم، هم قد قطعوا شوطاً كبيراً. أتصور بضعة أيام ربما ينهون عملهم مبدئياً، بعد ذلك يعودون للنقاش حوله نقطة نقطة نظراً لحساسية هذا الموضوع وأهميته في المرحلة الجديدة في سوريا. بعد ذلك سيرفعونه إلى رئيس الجمهورية من أجل اعتماده وإصداره. لا أتصور أن الأمر سيطول، ولكن سابقاً قلت أسبوع في مقابلة أخرى، ولكن يبدو أن الأمر يستغرق أكثر من ذلك، يعني لن يكون الأمر طويلاً، لكن لا أستطيع أن أعطي مدة محددة، ربما أسبوع، عشرة أيام تقريباً من الآن.
رووداو: كيف سيكون هذا الإعلان الدستوري؟ هل سيكون بمثابة دستور مؤقت؟
إسماعيل الخلفان: نعم، هذا الإعلان الدستوري هو بمثابة دستور مؤقت لسوريا خلال الفترة الانتقالية.
رووداو: وهل سوف تحددون مدة الفترة الانتقالية في هذه المسودة؟
إسماعيل الخلفان: نعم، سيتم تحديد مدة الفترة الانتقالية في هذه المسودة، لأنه ليس من المناسب أن تترك بدون تحديد.
رووداو: وكم ستكون المدة؟ على ماذا تدور النقاشات في هذا الخصوص؟
إسماعيل الخلفان: بصراحة، النقاشات تدور بين ثلاث إلى خمس سنوات، لكن نفضل تحديد المدة حتى لا تكون الفترة الانتقالية دون تحديد.
رووداو: هل أعضاء لجنتكم جميعهم من المكون العربي؟
إسماعيل الخلفان: أعضاء اللجنة، هناك عضوة لجنة من المكون الكوردي وهي السيدة الدكتورة بهية مارديني، حسب معلوماتي.
رووداو: كيف تحددون نظام الدولة في هذا الإعلان؟
إسماعيل الخلفان: نظام الدولة في هذا الإعلان لن يخرج عما كان سابقاً، فالدولة السورية هي دولة موحدة مستقلة ذات سيادة كاملة على أراضيها.
رووداو: هل الفيدرالية مطروحة لديكم كنظام للدولة؟
إسماعيل الخلفان: بصراحة، حتى الآن لا، ليست مطروحة.
رووداو: هل أنتم مع الحفاظ على نظام مركزي في سوريا؟
إسماعيل الخلفان: نظام مركزي كشكل للدولة، نعم. إلى الآن نحن مع الحفاظ على نظام مركزي وبقاء سوريا موحدة.
رووداو: هل كل أعضاء اللجنة متفقين فيما بينهم حول النظام المركزي؟
إسماعيل الخلفان: نعم، حول هذه النقطة هناك إجماع بين أعضاء اللجنة.
رووداو: كما تعلم، الكورد هم ثاني أكبر قومية في سوريا ويعيشون على أرضهم منذ مئات السنين أيضاً. كيف سوف تتعاملون مع الحقوق القومية والإدارية للكورد؟
إسماعيل الخلفان: نحن سنتعامل على ضمان الحقوق لكل السوريين، والكورد كما ذكرتم هم مكون أساسي من مكونات الشعب السوري. فسنعمل في هذا الإعلان الدستوري ليس نظرياً كما كان يفعل النظام البائد، وإنما نظرياً وعملياً على ضمان المساواة بين جميع السوريين في حقوقهم وفي واجباتهم دون تمييز بين عربي وكوردي أو بين مسلم وغير مسلم. فستكون المساواة مطلقة بين السوريين دون أي تمييز، لا على أساس العرق ولا على أساس الطائفة ولا على أساس الدين، هذا الأمر هو همنا واهتمامنا ونعد به السوريين إن شاء الله.
رووداو: لكن كيف دكتور إسماعيل؟
إسماعيل الخلفان: سنضع هذا النص وستكون بعد ذلك هناك آليات من أجل المراقبة التطبيقية، وهناك ضمانات مقدمة من قبل رئاسة البلاد بأن كل ما سيكتب في هذا الإعلان الدستوري سيتم تطبيقه وسيكون موضع المتابعة والتطبيق.
رووداو: وكيف ستتعاملون مع الدروز، العلويين، المسيحيين، والكورد الإيزديين في سوريا في الدستور الجديد أو الإعلان الدستوري؟
إسماعيل الخلفان: كما تعلمون، سوريا بالفعل هي بلد متنوع، بلد متنوع فيه طوائف مختلفة، وفيه أعراق مختلفة، وفيه أديان مختلفة. فكما ذكرت لكم، مادة واحدة عندما تطبق فإنها ستضمن حقوق جميع السوريين وهي أن نطلق عليهم لفظ “المواطن”، فالمواطنون جميعاً هم متساوون في الحقوق دون أي تمييز فيما بينهم. عندما نطبق هذا النص فإننا لن نسمح بأي تمييز لا على أساس عرقي ولا على أساس ديني ولا على أساس طائفي. ونحن لا نفضل أن نشير إليهم بأسمائهم.
رووداو: لماذا؟
إسماعيل الخلفان: لأنني أعتبر أن الإشارة إليهم بأسمائهم تنطوي على نوع من التمييز. أما أنا أقول “السوريون” أو “المواطنون السوريون” دون أي تمييز فيما بينهم ليكونوا جميعاً متساوين في الحقوق.
رووداو: ولكن الأمم المتحدة والدول الأوروبية أيضاً تطالب باستمرار السلطة الجديدة في سوريا بحفظ الحقوق القومية والإدارية للشعب الكوردي. ألا تشكل تلك النقطة ما يتطلب رعايتها من قبل لجنتكم لكي يحظى عملكم بتأييد المجتمع الدولي أيضاً؟
إسماعيل الخلفان: في الحقيقة، نحن نعمل الدستور للسوريين ككل، ونحن نعتبر الكورد مكون أساسي من مكونات الشعب السوري. ربما الأمم المتحدة لها مبرراتها عندما تطلب هذا الأمر، ولكن نحن لا نجد مسوّغاً للتأكيد على نص خاص بالمكون الكوردي، وإنما نحن نؤكد بأن الكورد هم مواطنون سوريون لهم ما لهم وعليهم ما عليهم مثلهم مثل العرب ومثل بقية مكونات سوريا.
رووداو: وماذا عن حقوقهم القومية والإدارية والثقافية؟ لديهم لغة خاصة بهم، ثقافة خاصة بهم؟
إسماعيل الخلفان: الحقيقة هذا الأمر ما زال محل نقاش، ولكن نعمل أيضاً على حفظ المكونات الثقافية للشعب السوري على مختلف تنوعاته.
رووداو: كما تعلم، موضوع “الحزام العربي” في منطقة الجزيرة بكوردستان سوريا. هل سيتم إزالة الأضرار وتأثيرات الحزام العربي وعملية تعريب كوردستان سوريا من خلال مسودتكم الدستورية أو الإعلان الدستوري؟
إسماعيل الخلفان: هذا الموضوع لم يتم التطرق إليه نهائياً إلى الآن.
رووداو: وماذا عن الجنسية؟ هل هناك آلية واضحة في مسودة الإعلان الدستوري لضمان استعادة الجنسية للكورد الذين تم تجريدهم منها في عهد النظام البائد؟
إسماعيل الخلفان: في الحقيقة النظام البائد عندما جرد الكورد من جنسيتهم فإنه جردهم منها استناداً إلى قوانين. هذا الأمر ليس من مهمة الدستور. الدستور يضمن حصول جميع المواطنين السوريين على الجنسية السورية، وهذا الأمر يُفصَّل في القوانين وهو على رأس الأولويات لاحقاً، لأننا نعلم أن هناك – الرقم عندي لست متأكداً منه – حوالي 300 ألف كوردي في منطقة الجزيرة حرمهم النظام البائد من الجنسية. فهؤلاء سيستعيدون حقهم ولكن بموجب قوانين لاحقة تستند إلى الإعلان الدستوري.
رووداو: قلتم في أحد تصريحاتكم إنكم ستطلعون على بعض التجارب في دول واجهت ظروفاً مشابهة، ومن بينها العراق أيضاً. ما الذي ستأخذونه من تجربة العراق؟
إسماعيل الخلفان: الحقيقة لا يمكننا أن نفصل في هذه الجزئية. نحن اطلعنا على التجربة العراقية، اطلعنا على التجربة المصرية، اطلعنا على التجربة التونسية، يعني مختلف البلاد التي تغير فيها شكل النظام السياسي نتيجة ثورات أو نتيجة تغييرات. ونحن أخذنا منها بما يناسب الوضع في سوريا وبما يناسب التنوع الموجود لدى الشعب السوري، لكن لا يمكننا أن نقول بأننا سنأخذ مواد بحذافيرها كما هي، ولكن أكيد التجربة الدستورية في العراق أفادتنا، كما أفادتناالتجربتين التونسية والمصرية.
رووداو: هل سوف تأخذون مثال إقليم كوردستان العراق من الناحية الدستورية للتعامل مع الكورد في سوريا؟
إسماعيل الخلفان: الأمر غير مطروح حالياً، لأن تجربة إقليم كوردستان في العراق تؤدي إلى الانتقال في الدولة إلى اللامركزية. أما في سوريا، فإلى الآن نحن في إطار المركزية السياسية. ربما تكون هناك لامركزية إدارية، أما الدولة فإنها ستبقى دولة موحدة وسيكون هناك مركزية سياسية.
رووداو: يعني خيار اللامركزية الإدارية مطروح؟
إسماعيل الخلفان: اللامركزية الإدارية مطروحة، نعم، ولكن اللامركزية السياسية ليست مطروحة.
رووداو: كيف ستتعاملون مع حقوق المرأة في مسودة الإعلان الدستوري؟
إسماعيل الخلفان: طبعاً سيعمل الإعلان الدستوري على حفظ حقوق المرأة، وستكون هناك مواد خاصة بذلك لضمان حقوق المرأة وضمان أخذها لدورها كما ينبغي ولمكانتها الاجتماعية المطلوبة ضمن المجتمع السوري. هذا الأمر نلحظه باهتمام.
رووداو: ماذا عن حق التعليم، حق العمل؟
إسماعيل الخلفان: هذه الحقوق الأساسية كلها مصونة. سيكون هناك باب خاص بالحقوق والحريات وسيتم التطرق إلى كل هذه الحقوق.
رووداو: وحق التمثيل السياسي والحكومي؟
إسماعيل الخلفان: حق التمثيل السياسي والحكومي، سيكون هناك حديث عام عن موضوع الانتخابات، لأن هذا الأمر يفصله قانون الانتخابات الذي سيصدر لاحقاً، قانون آخر مختلف عن القانون السابق. كما تعلمون، الإعلان الدستوري يشير بشكل عام إلى الحقوق والحريات، وتتولى القوانين تفصيلها.