منذ 48 ساعة، بدأت الآليات العسكرية الإسرائيلية في اجتياح مدينة خان يونس جنوبغزة ، والتي تعد المنطقة الإنسانية التي أعلنت عنها إسرائيل في بداية الحرب وأمرت سكان محافظتي غزة والشمال بإخلاء منازلهم والتوجه إليها.
وتزامن هذا الاجتياح البري مع غارات جوية عنيفة وكثيفة نفذتها الطائرات ، وشنتها بعدما أسقطت منشورات على خان يونس تأمر فيها سكان الجنوب بإخلاء منازلهم.
عزل خان يونس
وبعد يومين من القتال، تمكنت إسرائيل من عزل مدينة خان يونس بشكل كامل عن باقي مدن القطاع، ونجح الجيش في فرض حصار مطبق على الجنوب، وذلك على غرار ما فعلته في محافظة غزة.
في الواقع، بعد انهيار الهدنة الإنسانية في الأول من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، نقلت إسرائيل ساحة القتال إلى جنوب غزة، واعتبرت مدينة خان يونس ارض المعركة ، وشنت عليها حملة عسكرية واسعة.
وفقاً لحديث المتحدث العسكري باسم الجيش الإسرائيلي بيتر ليرنر، فإن مدينة غزة تمثل “عقل حركة حماس”، ومحافظة خان يونس تعتبر قلب الفصيل الذي شن هجوماً على المدن الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة، لذلك تعمل القوات المسلحة على تنفيذ خطتها العسكرية في الجنوب.
قطع المدن عن بعضها
وبشكل مفاجئ توغلت القوات البرية الإسرائيلية في المدينة، وتركز تقدمها بالقرب من حدود المحافظة فقط، ما أدى إلى قطع الطريق الرئيس الذي يربط محافظات القطاع جميعها ببعضها وحرم السكان من التنقل بين الوسط والجنوب.
وبحسب علم الخرائط الجغرافية، يحد مدينة خان يونس من الشرق إسرائيل، ومن الغرب ساحل البحر الأبيض المتوسط، ومن الجنوب محافظة رفح، أما من الشمال تحدها المحافظة الوسطى ومدينة غزة.
وتأخذ خريطة غزة شكلاً مستطيلاً، يقع في الوسط شارع صلاح الدين، وهو الطريق الرئيس الذي يربط المحافظات ببعضها، يبدأ من مدينة رفح في أقصى الجنوب ويمتد إلى بيت حانون في أقصى الشمال.
ومع بدء اجتياح إسرائيل خان يونس، قطعت آلياتها العسكرية شارع صلاح الدين من الجنوب حيث مدينة رفح، ومن الشمال حيث المحافظة الوسطى، وتمركزت فيه، وهذا يعني فصل جميع المدن عن بعضها.
يقول الباحث في الطبوغرافيا العسكرية خليل أبو عجوة “تمكنت إسرائيل من قطع طريق صلاح الدين الذي يربطها بالمحافظة الوسطى، وكذلك فعلت بالشارع نفسه الذي يربطها بمدينة رفح أقصى الجنوب، وهكذا تكون قد أحكمت عزل المدينة عن باقي المحافظات”.
ويضيف “ما نفذته إسرائيل هو الخطة نفسها التي طبقتها عندما حاصرت مدينة غزة، إذ قطعت شارع صلاح الدين وأحكمت السيطرة على مدينة غزة وشمالها، وبحسب التفسير العسكرية يعني ذلك أنها تخطط لدخول جميع المناطق التي جرى عزلها”.
على الأرض، عزلت إسرائيل مدينة غزة بشكل كامل وأقامت حاجزاً عسكرياً، وفصل المحافظة الوسطى (المغازي والبريج ودير البلح) عن خان يونس التي طوقتها بشكل كامل، وهكذا تكون مدينة رفح فقد انفصلت تلقائياً عن باقي القطاع.
حصن “حماس” بات ساحة قتال
يكمل أبو عجوة “يعتقد الجيش الإسرائيلي أن محافظة خان يونس تمثل الحصن الأخير لقادة حركة حماس، وسياسة الفصل تمنح الجيش الإسرائيلي سلطات أوسع على سير تدفق المساعدات من المواد التموينية والوقود، وتزيد من التضييق على السكان، ما يدفعهم إلى المزيد من الرغبة في إخلاء قطاع غزة عند أول فرصة تتاح لهم، بما يحقق الهدف الرئيس المتمثل في الاستفراد العسكري بحركة حماس في كل محافظة على حدة، ما يسهل تحقيق أحد الأهداف المعلنة بالقضاء على حكم حماس في القطاع”.
ويشير الباحث في الطبوغرافيا العسكرية إلى أن الجيش الإسرائيلي يرى أن مهاجمة والقضاء على وسائل الحياة في خان يونس، التي تعتبر المحافظة الأكبر من حيث المساحة الجغرافية، تمثل الضربة القاصمة لقطاع غزة.
في المقابل، يقول المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري “منطقة خان يونس أصبحت ساحة قتال خطيرة، هذه المدينة قلعة أنشطة حماس ونحن مصممون على تدمير الجماعة المسلحة، لكن هناك ممراً لسكان الجنوب عليهم التوجه من خلاله إلى المدينة الوسطى”.
قطع المساعدات
وبحسب الجيش الإسرائيلي، لم تعد خان يونس منطقة إنسانية، وإنما نقلت إلى مدينة رفح أقصى الجنوب، وإلى المحافظة الوسطى في مدينة دير البلح، لكن ذلك أثار انتقاد المؤسسات الحكومية والدولية.
وترى الأمم المتحدة أن عزل المدينة عن باقي محافظات القطاع، يهدد بتوقف تسليم المساعدات الإنسانية التي تتدفق من معبر رفح في أقصى الجنوب ويجري توزيعها إلى باقي المحافظات.
ويقول مدير المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل ثوابتة “طيلة الفترة الماضية طلب من سكان شمال غزة أن ينتقلوا إلى الجنوب في مدينة خان يونس، إلا أنه بعد وصولهم نقلت إسرائيل ساحة القتال إلى ما تدعي أنها منطقة إنسانية”.
ويضيف المسؤول الحكومي “الذين فروا من القصف بحثاً عن الأمان في الجنوب لحقت بهم الغارات، أعتقد أنه لا يوجد مكان إنساني أو آمن في قطاع غزة وباتت جميع المناطق أهدافاً للطائرات التي لا ترحم، نحن نؤكد أن إسرائيل تتبع سياسة التجويع وتدمير المدنيين فقط”.