عرف طة حسين طوال حياته بكونه ثائراً متمرداً لا يخشى السباحة ضد التيار ولا ينضب معينه من افكار تفند المألوف وتدحضه، مما جعله طرفاً في عديد من المعاركالثقافية ، لا سيما عندما صدر كتابه “في الشعر الجاهلي”، عام 1926، إضافة إلى معاركه مع مصطفى صادق الرافعي وزكي مبارك وعباس محمود العقاد. وعلى رغم احتدام الخصومة في بعض تلك المعارك، فإنها أفادت الأدب العربي كثيراً. والمفارقة اللافتة أنه على رغم رحيل الكاتب، منذ نصف قرن من الزمان، فإنه لا يزال طرفاً في كثير من المعارك، من بينها الأزمة التي اندلعت أخيراً، حين ترددت أنباء حول هدم مقبرته، بهدف توسيع طرق، وربط محاور مرورية، مما أثار جدلاً كبيراً، وردود فعل غاضبة في الوسط الثقافي المصري. أما تراثه الفكري، واستعادته، وإعادة نشره، فكان محور أزمة أخرى، بلغت منذ سنوات أروقة القضاء، بعدما اندلعت بين ورثته و”دار المعارف”، التي كانت صاحبة الحق الحصري في نشر مؤلفاته. ومنذ أيام قليلة حلت الذكرى الـ50 على رحيل عميد الأدب العربي، ومع حلولها سقطت مؤلفاته في الملك العام. وانتهت حقوق ملكيتها الفكرية، ليعلن كثير من دور النشر الخاصة، والحكومية – فيما يشبه التنافس المحموم- عزمها استعادة طه حسين، وإعادة نشر أعماله.
من أجل التنوير
يقول رئيس اتحاد الناشرين العرب رئيس مجلس إدارة “الدار المصرية اللبنانية” محمد رشاد لـ”اندبندنت عربية”، “إن نشر أعمال طه حسين، أمر بالغ الأهمية، لا سيما أن الراحل خاض عديداً من المعارك الأدبية، عبر هذه الأعمال من أجل التنوير”، مؤكداً أن الأجيال الحالية، تستحق أن تعرف تراثه الأدبي، والنقدي، والفكري. ويضيف “إن القطاع الخاص يمكنه توظيف إمكاناته، في إنتاج كتاب أفضل، من حيث الشكل والإخراج، وأيضاً في الانتشار بصورة أكبر، والوجود في كل المعارض العربية، وعبر الوكلاء في كثير من الدول، وهذا ما سيضيء، ولا شك، بشكل أفضل، مؤلفات طه حسين”. ويردف: “ربما تعرف الأجيال الجديدة من مؤلفات طه حسين، ما تم تحويله إلى أعمال درامية وسينمائية، مثل (الأيام) و(دعاء الكروان) و(الحب الضائع)، لكن هناك أعمالاً أخرى شديدة الأهمية، تتنوع بين تاريخية، ودراسات نقدية، وروايات. وقد آن الأوان أن نسلط عليها الضوء، بخاصة أن شريحة القراء الأكثر قراءة في مصر والعالم العربي، تراوح بين 18 و40 عاماً”. وهذه الأجيال – وفقاً لرشاد – لم يتسن لها الاطلاع بشكل جيد على أعمال عميد الأدب العربي. ويؤكد رشاد أنه قام بالتعاقد مع كل ورثة الدكتور طه حسين عام 2017، لطباعة ونشر عشرة من أعماله، غير أنه رأى تأجيل الطبع الورقي، وباعها ككتب صوتية. ويشير إلى أن الدار قامت بطرح عديد من أعمال طه حسين في الأسواق، فور انتهاء مدة حماية الملكية الفكرية.
المنافسة والتميز
ويؤكد رشاد أن مؤسسته ستضمن تفرد ما تنتجه من طبعات لأعمال طه حسين من خلال منهجية اعتمدتها في سلسلة “الكلاسيكيات” التي بدأتها عام 2012 وأطلقها جابر عصفور وصلاح فضل والشاعر صلاح شوشة والوزير السابق حلمي النمنم، والتي تعمد إلى تقديم دراسة كاملة عن المؤلف من جميع النواحي، فتشمل نشأته، تعليمه، كتبه، الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي كان يعيشها. ويشير إلى أن هذه الدراسة أجراها الدكتور عبدالرشيد محمودي، أكثر من قام بدراسة طه حسين، وله مؤلفات كثيرة عنه. أما الأمر الثاني الذي تحرص عليه الدار – كما يوضح – فيتصل بالنص، إذ تعمل على التحقق منه، والوصول للطبعة الأولى، والأصلية. ويشدد على عدم التدخل في المحتوى بأي صورة، والحرص على أن يرفق به شرح للكلمات الصعبة، التي قد تستشكل على القراء، وذلك بالاستعانة بكبار الأكاديميين، والمراجعين. ويرى رشاد أنه بعد مرور 50 عاماً على وفاة طه حسين، ومع إتاحة حق النشر لكل الدور، ستحتم المنافسة ضرورة التميز، وما سيميز ناشراً عن آخر، هو المنتج المقدم ومدى جودته من مختلف الزوايا. وأوضح رشاد أنه قدم مقترحاً لتغليظ عقوبة الاعتداء على الملكية الفكرية، وتمديد فترة الحماية إلى 70 عاماً، مثل بعض الدول الأوروبية. ويقول “لا يجوز أن يحمي الغرب إنتاجه 70 عاماً، ويستولي على إنتاجنا بعد 50 عاماً فقط، سواء كانت كتباً، أو مؤلفات موسيقية، لأن ذلك سيضر بنا جميعاً، كدولة منتجة للثقافة”.
مدة الحماية
على رغم أن إتاحة نشر أعمال عميد الأدب العربي بلا قيود أو حقوق ملكية، كان نبأً ساراً لكل دور النشر، فإنه لا بد لم يكن كذلك لـ”دار المعارف”، صاحبة الحق الحصري في النشر، منذ نحو ربع قرن، والتي لا تزال تخوض نزاعاً مع ورثة طه حسين، أمام القضاء المصري، بسبب حقوق النشر لكل من الطرفين. يقول رئيس مجلس إدارة “دار المعارف”، والذي يشغل في الوقت نفسه منصب رئيس اتحاد الناشرين المصريين، سعيد عبده: “منذ نحو أربع سنوات، اكتشفنا أن بعض الناشرين قد حصلوا على حقوق النشر من الورثة، من دون الرجوع لنا، ولا يزال الموضوع منظوراً أمام القضاء”. وأعلن عبده نية الدار الانسحاب من هذه القضايا، لا سيما بعد انتهاء المدة القانونية للملكية الفكرية، إذا ما تم التواصل مع الورثة، والاتفاق على ذلك. وأبدى تحفظه على سقوط حقوق الملكية الفكرية في مصر بعد 50 عاماً على وفاة المؤلف، مشيراً إلى أنها تصل في الغرب إلى 70 عاماً، وتصل في “ديزني” إلى120 عاماً. وأوضح عبده في تصريح لـ”اندبندنت عربية” أنه قدم مشروع قانون للبرلمان المصري، يهدف إلى تعديل مدة الحماية لتصل إلى 70 عاماً. وأضاف “على رغم أن تعديل القانون مستقبلاً، لن يطبق على مؤلفات طه حسين، فإنه سيحمي تراثا آخر لكتاب مهمين، مثل يوسف السباعي، ويوسف إدريس وغيرهم”. وأكد أنه ليس هناك أية إيجابيات لسقوط حقوق ملكية الكتاب، بعد فترة 50 عاماً، التي يعدها قصيرة، وتؤثر سلباً في القوة الناعمة المصرية، وتنتقص عبر إتاحة طبع ونشر المؤلفات في كل بقعة من العالم دون قيد، من حق ورثة الكاتب، وحق الدولة، ودخلها القومي، لا سيما أن الكتب تكون متاحة بالفعل، ومتوفرة، لدى ناشرها الحصري، مشيراً إلى أن “دار المعارف”، طرحت طبعة جديدة من مؤلفات طه حسين في الدورة الماضية من معرض القاهرة الدولي للكتاب بأسعار مخفضة.
خطر داهم
وحول موقف “دار المعارف “بعد انتهاء حقوق الملكية الفكرية لتراث طه حسين، يقول عبده: “سنواصل النشر، ولن نترك الساحة، حتى وإن كثر المنافسون”. وأشار إلى “خطر داهم”، قد يزامن إتاحة النشر للجميع، وهو مشكلة تغيير المحتوى، مدللاً بما حدث في بعض مؤلفات العقاد على سبيل المثال. وذكر أن إعادة الطبع والنشر، تحتم التزام الأصل، فلا يملك أحد – بحد قوله – أن يضيف كلمة أو يقتطع كلمة، لأن المحتوى ملك المؤلف وحده، ولا يمكن المساس به. وشدد على ضرورة تعديل قوانين الملكية الفكرية، لتكون أكثر حسماً، وتشمل مدة زمنية أطول.
أما المحامي حسام لطفي وكيل ورثة طه حسين فيشير في تصريح لـ”اندبندنت عربية” إلى أن قانون 82 لسنة 2002، كان ينص على أن تكون مدة الحماية 70 سنة، بعد وفاة المؤلف، لكن مجلس الشعب (البرلمان) لم يوافق عليه، على رغم أن هذه المدة، هي المعمول بها في أوروبا، والولايات المتحدة الأميركية، وبعض الدول العربية. وأكد لطفي احترام أسرة طه حسين للقانون، والتزامها ما نص عليه، من انتهاء حقوق الملكية الفكرية، وإتاحة النشر للجميع، وفي الوقت نفسه إصرارها على متابعة ما ينشر، وضمان حقها الأدبي، وهو حق لا ينقضي، ويهدف إلى عدم تحريف، أو تغيير أي نص، أو التعديل فيه بأي صورة من الصور. أما بالنسبة إلى الخلاف بين الورثة وبين “دار المعارف”، فيؤكد لطفي أن الدار “تستغل مصنفات طه حسين منذ سنوات، ولم تقم بتسديد المستحقات المالية للورثة”. وأشار إلى أن سقوط المصنف في الملك العام، لا يمنع تسديد الحقوق المالية السابقة للورثة، والتي ربما تستخدمها الأسرة، في التأسيس لجائزة أدبية، تخلد ذكرى طه حسين، وتفتح آفاقاً لمبدعين، مضوا على طريق التنوير ذاته. وأوضح أن الطبعات الجديدة، التي تعتزم دور النشر إنجازها، ستكون منقحة، ومصحوبة بتعقيبات، ودراسات، وهو ما يعود بالنفع على القارئ، ويعرفه بكاتب عظيم ملء السمع والبصر.
النشر الرقمي
لم تقتصر المنافسة في إعادة طباعة أعمال طه حسين، على النشر الورقي، وإنما دخلت غمارها مؤسسات للنشر الإلكتروني، مثل “مؤسسة هنداوي” يقول عمرو نور الدين رئيس قسم التحرير في هذه المؤسسة: “كان التعاقد مع أسرة طه حسين عام 2013 لنشر أعماله إلكترونياً، أول ما قامت به المؤسسة في مشروعها لإحياء التراث. وقد أبدت الأسرة حينها رغبة كبيرة في التعاون معنا، ولم تتقاض أية أموال مقابل حقوق النشر، لا سيما عندما علموا أننا سنتيح هذه المؤلفات بالمجان، ولم يتعارض ذلك مع حقوق النشر الممنوحة للآخرين، إذ لم يشمل التعاقد سوى الصورة الإلكترونية فقط”. وأرجع نور الدين التنافس الشديد بين دور النشر على إعادة طباعة أعمال طه حسين، إلى استمرار إقبال القارئ العربي على قراءتها، مؤكداً أن هذه الأعمال لا تتقادم، وأنها لا تزال تقرأ، لا سيما وقد بنيت عليها مشاريع فكرية أخرى. ويدلل بكتاب “في الشعر الجاهلي”، الذي بنيت عليه كتب مهمة، لمحمد أحمد خلف الله، ونصر حامد أبو زيد. وأكد نور الدين لـ”اندبندنت عربية” أن “مؤسسة هنداوي” نشرت الأعمال في صيغ إلكترونية متعددة، بلغ متوسط تحميلها السنوي، نحو 62 ألف عملية. وأضاف أن المؤسسة بصدد دراسة طباعة بعض هذه الأعمال ورقياً، بعد أن أصبحت ملكية عامة. وأوضح أن كتابي “الأيام” و”الفتنة الكبرى” كانا الأكثر تحميلاً. ونفى أن يؤثر النشر الإلكتروني على مبيعات الكتب الورقية بالسلب، مشيراً إلى أن التجربة أثبتت أن كلا النوعين يتكاملان، بل على العكس، يروج النشر الإلكتروني في كثير من الأحيان، للطبعة الورقية.
مكمن الخطر
ومن جانبه علق الباحث في شؤون النشر خالد عزب لـ”اندبندنت عربية” على ما نشر بالفعل من أعمال طه حسين قائلاً “من المهم أن ندرك أن الأعمال الكاملة لطه حسين لم تنشر بعد، وإن كانت هناك محاولة تمت في دار الكتاب اللبناني قبل وفاته. وبمرور 50 عاماً على الوفاة، آلت كل مؤلفاته إلى المشاع العام”. وأثنى عزب على جهد “مؤسسة هنداوي” في النشر الرقمي، الذي أتاح أدب طه حسين وفكره لكل مريد. ولفت إلى أهمية مشروع “الدار المصرية اللبنانية”، التي تقدم أول مشروع متكامل لنشر كل ما كتبه طه حسين، مع دراسة مرفقة، تبين ماهيته، وظروف تأليفه ونشره، وهو ما يتوافق مع ما أكدته دراسة عمار علي حسن التي صدرت أخيراً في كتاب عنوانه “بصيرة حاضرة”، من أن هناك حاجة ماسة لإعادة اكتشاف طه حسين، لا سيما أن كثيراً من القضايا التي اشتبك معها ما زالت مثارة. وأشار عزب إلى أن فكرة حدوث تغيير أو تحريف في النص، تنتفي مع القواعد الصارمة التي تتبعها دور النشر الكبرى، والتي لا تسمح بالتلاعب، أو بتغيير النص، أما الدور التي لا تلتزم هذه القواعد، فربما تتدخل بالحذف، وهنا تكمن الخطورة.
جامعة القاهرة
يرى الأستاذ في كلية الآداب في جامعة القاهرة خيري دومة، أنه أمر جيد وطبيعي، أن تتهافت دور النشر على إعادة طباعة أعمال مفكر بقدر وقيمة طه حسين، وأن ذلك يحدث عادة في مختلف أنحاء العالم، مع الكتاب الكبار، الذين تفرض قيمتهم إعادة نشر أعمالهم مرات عديدة. ويؤكد أن دور النشر في ظل هذا التنافس، ستحاول التميز والاختلاف فيما بينها، مدللاً بما قامت به الهيئة المصرية العامة للكتاب، من إتاحة مقدمات جديدة، لأعمال طه حسين التي أعادت نشرها، وهو ما يعد إضاءة ومكسباً جديداً لطه حسين بعد 50 عاماً على رحيله.
وعما إذا كانت هناك خطط لجامعة القاهرة، للاستفادة من انتهاء حقوق الملكية الفكرية لأعمال طه حسين، ومحاولة استعادته، وإحيائه بشكل أو بآخر، لا سيما أنه كان ابناً لها، وعلماً من أعلامها، قال دومة لـ”اندبندنت عربية” إن جامعة القاهرة وعلى رغم امتلاكها مطبعة، ليست مؤسسة تقوم بالنشر، على خلاف كثير من جامعات العالم، التي تعمل على نشر كتب كتابها المؤثرين. ويرى أنه كان يصح أن تقوم جامعة القاهرة بهذا الأمر، أو تتعاون مع دار نشر كبيرة، لنشر أعماله، كي يظل عميد الأدب العربي لصيقاً بالجامعة المصرية، التي كان أحد أعلامها.
وأوضح أنه على رغم أن الجامعة تدرس طه حسين طوال الوقت، فليس هناك برنامج مخصص له، يدرسه من جوانب مختلفة، ولكنه يتوقع حدوث ذلك في المستقبل المنظور.
“إلى المبصر دائماً طه حسين”… هذه العبارة كانت الإهداء، الذي استهل به الكاتب صبحي موسى كتابه الصادر هذا العام تحت عنوان “تحولات الثقافة في مصر”. وكان دافع هذا الإهداء – كما يؤكد موسى – هو معرفة طه حسين، بمشكلات الواقع المصري كافة. وعلى رغم سعادته بالإقبال الكبير على إعادة نشر أعمال كبار الكتاب، يبدي صبحي في تصريح لـ”اندبندنت عربية” بعض التعجب، فوفقاً له، لم تكن هناك أية مشكلة في إعادة نشر أعمال طه حسين، وهي موجودة، ومتوفرة بالفعل، وهذا ما يدفعه لتفسير هذا الإقبال المتزايد، على إعادة طبع تلك الأعمال، بمحاولة استثمار شهرة كاتبها، وتحويلها إلى أرباح مادية! وتساءل: “لماذا لا تهتم هذه الدور بأعمال نصر حامد أبو زيد، وأمين الخولي، وغيرهما ممن تقتصر شهرتهم على أوساط النخبة؟”. ويؤكد أن نظرية التوزيع، وقوانين الربح، هي التي لا تزال مسيطرة على واقع النشر.
ولا يرى صاحب رواية “أساطير رجل الثلاثاء” ضرورة لجمع مقالات طه حسين في كتب، معللاً ذلك بأن تلك المقالات – على أهميتها – لا تؤسس مشروعاً ثقافياً كبيراً، إذ كتبها الراحل للمجلات والصحف، ولم يفكر في وضع مشروع فكري من خلالها.
ويقول موسى الذي تولى سابقاً منصب مدير النشر في الهيئة العامة لقصور الثقافة: “كنت أتمنى أن نستثمر مرور 50 عاماً على رحيل طه حسين في أمر أكثر أهمية، كطرح سؤال عن كيفية تجاوزه، وتجاوز فكره، ومرحلته، وأسئلته ككل، لا أن نكرس للحلقة المفرغة نفسها، التي ندور فيها، ونسعى إلى تجميد الوعي والفكر، عند حدود عبادة وتقديس طه حسين، وخلق شعور عام بأن إعادة نشر أعماله، هي قمة الإنجاز والوعي”. ويضيف “كنت أتمنى أن تحتفي دور النشر بمن انتهج طريق طه حسين، وتعيد نشر الأعمال التي سارت على دربه، أن نحتفى بأن طه لم يمت، وأن روحه ووعيه تدبان فيمن خلفه”. ويرى موسى كذلك أن ما يحدث هو “نوع من البروباغندا، والتجارة في رفات الأسلاف، وهذا يعني أننا أمة لن تفارق مكانها قط”. الإشكالية الثانية التي يطرحها صبحي موسى تتعلق بأن ما يطبع لا يكون في متناول الطبقة التي تنتج الثقافة، من الفقراء القادمين من القرى، والأحياء الشعبية، ولديها حاجة حقيقية إلى القراءة، والثقافة، وصناعة وعي جاد. ويؤكد أن هؤلاء لا يمكنهم شراء أعمال طه حسين، ولا نجيب محفوظ، ولا جمال حمدان، ولا نصر حامد أبو زيد، ولا حتى إبراهيم أصلان، لأن أسعارها تفوق قدرتهم على الحياة، وليس الشراء والقراءة، ولا توجد دار نشر من التي أقدمت على طباعة هذه الأعمال تتيح طبعة شعبية في متناول البسطاء.