المصدر: النهار العربي
علي حمادة
علي حمادة
وصلت المنطقة إلى حافة الحرب الشاملة. وبالرغم من قدوم الرئيس الأميركي إلى المنطقة كما أعلن في اليومين الماضيين، فإن الحملة البرية التي تحضر لها إسرائيل ستحدث. ربما لن تتم بالأسلوب التقليدي المتعارف عليه، لكنها ستحدث لأن لا خيار أمام إسرائيل إلا الهجوم البري على شمال غزة التي غادرها قسم كبير من ساكنيها إلى القسم الجنوبي الواقع تحت خط وادي غزة.
نقول إن إسرائيل لا تملك خياراً آخرَ غير الهجوم البري، حتى لو كلفها الأمر خسائر بشرية فادحة بين عناصر القوات المهاجمة، وقد تؤدي إلى فتح جبهتي لبنان والجولان. أي خيار آخر غير الهجوم البري على شمال غزة معناه إقرار إسرائيل وداعميها بحتمية نهايتها وزوالها من الوجود. والسبب أن فقدانها نهائياً قدرة الردع وهيبته سيقوّض الدولة العبرية إلى الأبد، وتبدأ معها رحلة التدحرج نزولاً.
من شأن هذا السيناريو الكارثي بالنسبة إلى الإسرائيليين أن يقلب المشهد الشرق – أوسطي رأساً على عقب مع بروز إيران كلاعب أول في المنطقة، وكناظم للاستقرار فيها. وإذا ما أضفنا إلى المشهد قرب حصول طهران على السلاح النووي، فإن صورة الانقلاب الكبير لمصلحة النفوذ الإيراني الإقليمي ستكتمل.
إذاً لا خيارات أمام تل أبيب سوى عملية برية ضخمة تحاول فيها خلال مرحلة أولى اقتلاع حركة “حماس” من نصف قطاع غزة. وإذا لزم الأمر فهي مستعدة لأن تدفع ثمناً باهظاً على الجبهة الشمالية مع لبنان وسوريا، خصوصاً أن قيام إيران بفتح جبهة لبنان بالتحديد سيجر الولايات المتحدة وشركاءها الرئيسيين في حلف شمال الأطلسي (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا) إلى التدخل المباشر ضد وكلاء إيران في لبنان (“حزب الله”) وفي سوريا (مختلف الميليشيات الإيرانية المنتشرة جنوبي العاصمة دمشق).
انطلاقاً مما تقدم، نحن نقترب من لحظة الحقيقة على المستوى العسكري، وبالنسبة إلى كل التهديدات التي أطلقها محور الممانعة الذي تقوده طهران.
لكن مع ارتفاع منسوب التوتر الميداني خارج غزة، تجدر الإشارة إلى أن الحركة الدبلوماسية الأميركية – الأوروبية – العربية ناشطة إلى أبعد الحدود من أجل تحقيق ثلاثة أهداف: الأول، وقف التدهور العسكري وبالتالي الأمني. الثاني، وضع حل أمني – سياسي على الطاولة لفتح أفق أمام الفلسطينيين في مرحلة ما بعد إنهاء دور “حماس” (إذا نجحت إسرائيل في تحقيق الهدف) بطرح مشروع سلام يستلهم بنوده الرئيسية من المبادرة العربية لعام 2002 أي الأرض مقابل السلام. وثالثاً، أن يترجم تحقيق الهدفين الأولين بانتزاع ورقة القضية الفلسطينية من يد إيران ووكلائها.
سوف تدفع المنطقة أثماناً باهظة إذا ما تجاهلت مستقبلاً القضية الفلسطينية، والمسارات السياسية التي من شأنها أن تمنح الفلسطينيين أملاً بالتحرر من الاحتلال الإسرائيلي. أما إسرائيل، فلم يعد بوسعها بعد عملية “طوفان الأقصى” أن تتجاهل حقيقة مفادها أن على الأرض المتنازع عليها شعباً له حقوق أصيلة، أقلها دولة على أرض 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. ما عدا ذلك نجزم أنه، حتى لو جرى شطب “حماس” من المعادلة اليوم ستولد في المستقبل حركات أكثر راديكالية منها، وأكثر خطورة على إسرائيل.
إداً بعد فترة ليست طويلة ستسكت المدافع، وسيعود الجميع إلى صوابه للتفكير بحلول واقعية ومنطقية. وإسرائيل قبل الفلسطينيين مدعوة إلى أن تفكر بعقل بارد وواقعي في عواقب القفز فوق الحقائق على الأرض.
الكلمات الدالة