Skip to content

السفينة

alsafina.net

Primary Menu
  • الرئيسية
  • الأخبار
  • افتتاحية
  • حوارات
  • أدب وفن
  • مقالات رأي
  • منوعات
  • دراسات وبحوث
  • المجتمع المدني
  • الملف الكوردي
  • الأرشيف
  • Home
  • أمام مشهد هدْم ترجمة وتقديم: حسونة المصباحي……المصدر: ضفة ثالثة
  • أدب وفن

أمام مشهد هدْم ترجمة وتقديم: حسونة المصباحي……المصدر: ضفة ثالثة

khalil المحرر مارس 29, 2025

جوزيف روث (1894-1939) كاتب نمساوي من أصول يهودية كان يُنْعَتُ بـ”التائه الأبدي”. وهناك صورة له وهو جالس على حقيبة في محطة للقطارات للترميز لذلك. وبين الحربين العالميتين عمل مراسلًا من باريس بعد أن غادر برلين عند صعود النازية عام 1933. وفي باريس أقام في فندق متواضع تمّ هدمه عام 1938. وكانت له عاداته الخاصة حيث كان يتردد على نفس الحانات ونفس المطاعم. ومرة كتب يقول: “هنا في باريس، الجميع يبتسمون لي، وكل النساء أيضًا”. وكانت له علاقات مع صاحب الفندق، ومع الحارس، ومع بائع الصحف. وكان يحب التردد على الحانات خصوصًا في الليل، إذ أنه كان مدمنًا على الشراب. وفي باريس توفي في سن الرابعة والأربعين وذلك عام 1939، مخلفًا العديد من الروايات والقصص.
في هذا النص الذي لا يختلف عن قصيدة شعرية، هو يرمز من خلال وصف هدم الفندق الذي كان يقيم فيه إلى ضياع الوطن الأول:

أمام الحانة التي أقضي فيها أيامي، هم يقومون الآن بهدم بيت قديم. وكان هذا البيت فندقًا فيه أقمت على مدى ستة عشر عامًا- باستثناء الأوقات التي كنت خلالها مسافرًا. أول أمس مساءً، لم يكن قد تبقّى منه سوى الجدار الخلفيّ الذي لم يعد ينتظر غير الليلة الأخيرة قبل أن يُهْدَمَ هو أيضًا. الجدران الثلاثة الأخرى التي تحوّلت إلى أنقاض، ترقد على الساحة نصف المغلقة بحاجز. وكم بدت لي هذه الساحة اليوم صغيرة مقارنة بالفندق القديم الذي كان ينتصب فيها قبل ذلك. ومن دون شك فإن السنوات الست عشرة التي باتت من الماضي، تبدو لي لذيذة، وثمينة، حدّ أنه من المستحيل أن أعتقد أنها مرت في ساحة لها أبعاد جد بائسة، وجد ضيّقة. ولأنه تمّ هدمه الآن، هو الذي فيه أمضيت السنوات التي كنت خلالها مقيمًا فيه، فإن هذا الفندق يبدو لي من خلال الذاكرة، أكبر بكثير ممّا كان عليه في الواقع. على الجدار المُتَبَقّي، تعرّفـتُ على ما كان يزيّنُ غرفتي وهو بساط أزرق سماوي، تتخلله خطوط ذهبية ناعمة. وأمس انتصبت إسقالة وعليها عاملان. وبمعْوَل ومطرقة، ضربا الحائط من خلال البساط. وحين تهدم الحائط وتشوه، قام العاملان بشده بحبال: كان قد تهيّأ لمنصّة الإعدام. والإسقالة انقلبت وعليها العاملان اللذان كانا يتأرجحان في الفراغ على حافتي الحائط هما اللذان كانا قد أوثقاه بحبل. وكل واحد منهما كان يجذب طرف الحبل. وفي فرْقَعة قوية وعنيفة، انهار الجدار، وغطت كل شيء سحابة كثيفة من الجير والإسمنت. ومن تلك السحابة، برز رجلان يلفهما غبار أبيض، وكانا شبيهين بطحّانين ببنية قوية، منشغلين بتفتيت الصخور. تقدما مني مثلما يفعلان كل يوم، بل مرات كثيرة في كل يوم. هما يعرفانني منذ أقمت هنا في هذا الفندق. الأصغر سنًّا، مشيرًا بسبابته إلى البساط على الحائط، قال لي: “ها أن بساطك قد رحل”.

“ليس علينا أن نتعوّد على الأطلال والخرائب، وعلى الجدران التي تحوّلت إلى غبار”

دعوتهما إلى شرب كأس برفقتي فكما لو أنني أردت أن أشكرهما على بناء جدار لي. مزحنا حول البساط، وحول الجدران، وحول سنواتي الجميلة. كانا متخصصين في الهدم. والهدم عملهما. أما البناء فليس من اختصاصهما: “تلك هي الحقيقة…”، قالا. لكل واحد مهنته. ولكل مهنة فضائلها. “هو ملك المتخصصين في الهدم”، قال الأصغر سنًا. وهكذا كان العاملان المتخصصان في الهدم رائقي المزاج، وأنا كنت كذلك أيضًا.
الآن أنا جالس قبالة الساحة الفارغة، مُنْصتًا إلى الساعات وهي تمر. نحن نفقد وطنًا بعد الآخر. قلت في نفسي. ولقد وضعت عصاي، عصا الحاجّ. قدماي منتفختان، وقلبي متعب، وعيناي جافّتان. والبؤس قابع إلى جانبي، وهو أشدّ قوة، وأكثر سخاء. والخوف يتقدم صاخبًا، لكنه لم يعد قادرًا على إخافتي. وهذا ما يؤسفني فعلًا.
ثمة شيء حدث ولا يمكن تصوره: اليد تظل هادئة، ولا ترتفع إلى الرأس. على يميني، مكتب البريد الصغير. منه خرج ساعي البريد الذي يضع الرسائل على طاولتي. وهي رسائل سيئة في أغلبها. أما الرسائل الجيدة فتعود إلى الزمن الذي كان فيه الفندق لا يزال منتصبًا في الساحة. تمر امرأة. هي سعيدة. أبتسم لها: انعكاس ابتسامة قديمة لم أعد أطمح لها. عجوز ببابوج يأتي وهو يكردح، وأنا أحسده على شيخوخته، وعلى حقه في أن يتحرك مُكرْدحًا. زبائن ثملون متجمّعون حول الكونتوار يتخاصمون من دون عنف بل بشيء من الانشراح، ويَعْرضُون وجهات نظر مُتَنَاقضة، وهم في الحقيقة من نفس العائلة. ووجهات النظر هي حول القَدّاحات، وحول خيول السباق، وحول الزوجات، وحول الراديو، وحول أنواع السيارات، وحول أشياء أخرى. وكل هذا يُساهم في جعل عقولهم أشدّ ثقلًا. يدخل سائق تاكسي. سيارة التاكسي تنتظر. السائق يشرب كأسًا. بعد قليل هو وحيد على الكونتوار أمام صاحبة الحانة. الجرسون يشدّ علبة فارغة إلى إحدى عجلات التاكسي. الزبائن يضحكون. وهم يفرضون عليّ أن أضحك معهم أيضًا. لمَ لا؟ أنهض وأضحك معهم. لكن قليلًا…
في الناحية الأخرى، بنوع من الانحراف، وأبيض مثل شمعة عسلية، يقف الحلاق أمام عتبة الباب. بعد قليل سيأتي الزبائن. هم يأتون بعد الانتهاء من عملهم، وعندما يأتي إليّ بائع الصحف بجرائد المساء التي تنشر أخبارًا عن مواجهات ساخنة، وعن أخرى يحضر فيها الدم البارد، والسيطرة على النفس. ومع ذلك، – مثل حمائم هائلة الحجم، يمكنكم ألّا تتصوروا ذلك- متعبة تأتي الجرائد لتحطّ بحفيف الأجنحة على طاولات رصيف المقهى. وهي حاملة لكل الرعب الذي يضرب العالم في يوم فظيع. لهذا هي متعبة. وحين تضاء الفوانيس الأولى، يمرّ أحيانًا رجل من دون عصا، رجل مطرود من بلاده، لكن كما لو أنه يريد أن يُشعر الآخرين أنه يتصرف كما لو أنه لا يزال هناك، في مسقط رأسه، وأنه يحسّ على أية حال أنه لم يتغيّر حتى وهو خارج بلاده، ويهمس لنفسه: هنا أنا أعرف أين يمكن أن أتناول طبقًا لذيذًا بثمن بخس. وحسنًا يفعل حين يمضي تحت الخيط الفضي للنور النازل من الفوانيس وأن لا يرى في الليل وهو يهبط، الجير الذي يصبح أزرق كامدًا في الساحة المقابلة. ليس علينا أن نتعود على الأطلال والخرائب، وعلى الجدران التي تحولت إلى غبار. الرجل من دون وطن تناول الصحف. سوف يقرأها في مطعم يقدّم أطباقًا بخسة الثمن. أمامي، الطاولة فارغة.
المترجم: حسونة المصباحي
شارك هذا المقال

Continue Reading

Previous: سورية ولبنان والتطبيع مع إسرائيل بشير البكر……..المصدر:العربي الجديد
Next: “الشهيد ظافر المصري”: سيرة مناضل تقدمي بمرحلة مرتبكة فلسطينيًا يوسف الشايب…..…المصدر: ضفة ثالثة

قصص ذات الصلة

  • أدب وفن

“كرنفال الثقافات” في برلين: في تعزيز ثقافة التنوع…….. سوسن جميل حسن…المصدر : ضفة ثالثة

khalil المحرر يونيو 8, 2025
  • أدب وفن

هايدن يموسق تجليات مايكل آنجلو في “الخليقة”…..إبراهيم العريس….المصدر :اندبندنت عربية

khalil المحرر يونيو 8, 2025
  • أدب وفن

كيف أعاد كتاب هندي حائز جائزة «بوكر» تعريف الترجمة؟.براغاتي كيه. بي المصدر: الشرق الاوسط…* خدمة «نيويورك تايمز»،

khalil المحرر يونيو 8, 2025

Recent Posts

  • ساطع نورالدين سلاح “الدرون” الذي يمنع الحرب ..أو يشعلها……المصدر :صفحة الكاتب
  • العلاقات المصرية-الإيرانية… تقدم حقيقي أم خلافات متجذرة؟.عمرو إمام……….المصدر : المجلة
  • سلام هشّ في جنوب آسيا ……… كاسوار كلاسرا……..المصدر : المجلة
  • “الحرب المؤجلة” بين ترمب وماسك… محطاتها وأسلحتها……طارق راشد…المصدر : المجلة
  • “كرنفال الثقافات” في برلين: في تعزيز ثقافة التنوع…….. سوسن جميل حسن…المصدر : ضفة ثالثة

Recent Comments

لا توجد تعليقات للعرض.

Archives

  • يونيو 2025
  • مايو 2025
  • أبريل 2025
  • مارس 2025
  • فبراير 2025
  • يناير 2025
  • ديسمبر 2024
  • نوفمبر 2024
  • أكتوبر 2024
  • سبتمبر 2024
  • أغسطس 2024
  • يوليو 2024
  • يونيو 2024
  • مايو 2024
  • أبريل 2024
  • مارس 2024
  • فبراير 2024
  • يناير 2024
  • ديسمبر 2023
  • نوفمبر 2023
  • أكتوبر 2023

Categories

  • أدب وفن
  • افتتاحية
  • الأخبار
  • المجتمع المدني
  • الملف الكوردي
  • حوارات
  • دراسات وبحوث
  • مقالات رأي
  • منوعات

أحدث المقالات

  • ساطع نورالدين سلاح “الدرون” الذي يمنع الحرب ..أو يشعلها……المصدر :صفحة الكاتب
  • العلاقات المصرية-الإيرانية… تقدم حقيقي أم خلافات متجذرة؟.عمرو إمام……….المصدر : المجلة
  • سلام هشّ في جنوب آسيا ……… كاسوار كلاسرا……..المصدر : المجلة
  • “الحرب المؤجلة” بين ترمب وماسك… محطاتها وأسلحتها……طارق راشد…المصدر : المجلة
  • “كرنفال الثقافات” في برلين: في تعزيز ثقافة التنوع…….. سوسن جميل حسن…المصدر : ضفة ثالثة

تصنيفات

أدب وفن افتتاحية الأخبار المجتمع المدني الملف الكوردي حوارات دراسات وبحوث مقالات رأي منوعات

منشورات سابقة

  • مقالات رأي

ساطع نورالدين سلاح “الدرون” الذي يمنع الحرب ..أو يشعلها……المصدر :صفحة الكاتب

khalil المحرر يونيو 8, 2025
  • مقالات رأي

العلاقات المصرية-الإيرانية… تقدم حقيقي أم خلافات متجذرة؟.عمرو إمام……….المصدر : المجلة

khalil المحرر يونيو 8, 2025
  • مقالات رأي

سلام هشّ في جنوب آسيا ……… كاسوار كلاسرا……..المصدر : المجلة

khalil المحرر يونيو 8, 2025
  • مقالات رأي

“الحرب المؤجلة” بين ترمب وماسك… محطاتها وأسلحتها……طارق راشد…المصدر : المجلة

khalil المحرر يونيو 8, 2025

اتصل بنا

  • Facebook
  • Instagram
  • Twitter
  • Youtube
  • Pinterest
  • Linkedin
  • الأرشيف
Copyright © All rights reserved. | MoreNews by AF themes.