تعتبر تجربة الفنان التشكيلي “خليل حمسورك” من التجارب الفنية المتميزة، خاصة في مجال فن الحرق على الخشب، ولقد ساهمت عبر المراحل المتنوعة التي مرَّ بها في بناء شخصية فنية مستقلة، حملت أسلوبها الفني الخاص، وفتحت باب الأسئلة على مصراعيه، وهي تبحث عن كينونة الإنسان في هذا العالم. يأخذك في عالم الأحلام على مراقي قوس قزح، لتكتشف في بحثك المضني عن المغاير، العوالم الغريبة للمسكوت عنه.
موقع eRaqqa زار مرسم الفنان “خليل حمسورك” بتاريخ (8/7/2009)، وولج معه عوالم الفضاء التشكيلي، لينبش من الذاكرة الطفولة المعذبة التي أثرت شخصيته الفنية، ويبادرنا بالقول: «أنا أحمل على عاتقي أربعين عاماً من الحب، والتعب، ولكن الحياة عندي هي الأجمل من كل همومنا وطموحنا وحبنا».
أنا أحمل على عاتقي أربعين عاماً من الحب، والتعب، ولكن الحياة عندي هي الأجمل من كل همومنا وطموحنا وحبنا
وعن بداياته الفنية تحدث “حمسورك”، قائلاً: «ظهرت عندي موهبة الرسم، وأنا في الصف الثالث الابتدائي، في مدرسة “حطين” الابتدائية، القابعة ضمن حي متعب ومثقل بالهموم، وهناك تتلمذت على يدي الأستاذ الفنان “جورج شمعون”، وبدأت موهبتي تنمو وتكبر، وفي الصف السادس التحقت بمركز الفنون التشكيلية، الذي كان يشرف عليه الفنان “فواز اليونس”، وهناك بدأت أنمي موهبتي الفطرية بالمعلومات الأكاديمية، ولظروفي الخاصة انقطعت عن الدراسة في المعهد في عام /1987/.
ومع ظروف انقطاعي بقيت مواظباً على الرسم بولع شديد يزداد يوماً إثر يوم، مع ميل واهتمام كبير بفن الحرق على الخشب، تطور إلى حدِّ الإشباع، وانتهى بالإبداع في مقاربة لكبار الفنانين السوريين في هذا المجال».
وعن غنى تجربته في فن الحرق على الخشب، يضيف قائلاً: «امتدت تجربتي في مجال الحرق على الخشب قرابة /22/ عاماً، فقد مارسته دون انقطاع، وبمتعة كبيرة، أحس خلالها بنبض الخشب ورائحة أنفاسه الطيبة، إلى أن وصلت إلى هذه التقنية العالية، والحرفية المتميزة، وقد استهواني الحرق على الخشب، منطلقاً من صيغة التناقض التي تحملها النار إزاء الخشب، فالنار تحول الخشب إلى رماد، أما أنا فاهتديت إلى صيغة تصالح بينهما، وهو تصالح جمالي، هدفه الحصول على عمل فني يستحق منّا الوقوف أمامه.
وكان عملي شاقاً وبأدوات بدائية، فكنت أضع فوق النار أية أداة معدنية تقع بيدي، وما إن تصل إلى درجة الاحمرار لتلامس الخشب بحنان، وكان هذا العمل يرهقني جداً إلى حين إنجازه، لكنه أكسبني خبرة عظيمة بهذه التقنيات المتواضعة، التي بدأت تتطور شيئاً فشيئاً».
وعن فضاء اللوحة التشكيلية لديه، يقول “حمسورك”: «لا يتوقف فضاء اللوحة التشكيلية عند أهمية الصورة فقط، بل يتعداه إلى الواقع، حيث ينطلق منه الفنان بقراءة جديدة، وإعادة رسم ملامحه بصياغة مختلفة، وتشكيل مبدع، ليضعه ضمن إطار فني أمام المتلقي، وعن طريق هذه الصورة الفنية يجسد الفنانون رؤاهم الفكرية بكل أبعادها.
والرؤيا التي تتشكل ضمن إطار اللوحة، هي عبارة عن عصارة فكر وتجربة الفنان المتراكمة، وهي التي يستطيع من خلالها خلق فضاء مختلف، يميزه عن غيره من الفنانين، ويشكل لديه خصوصية مغايرة ببعدها الإنساني».
وعمل الفنان “خليل حمسورك” مع الأطفال إلى حد تخاله طفلاً بينهم، وعن ذلك يقول: «أنظر إلى الطفل العابث والمشاكس على أنه سيكون في المستقبل شخصاً ذا شأن، فإذا استطعت أن تراهن على هذا الطفل، يجب أن تجعل له قدوة حسنة، يعتمد من خلالها على أساسيات الجمال وخصوصية الإبداع، فكثير من الأطفال الذين يملكون خامة إبداعية، انتهت إبداعاتهم، نتيجة عدم وجود الأرضية المناسبة، والقدوة التي توصلهم إلى المراحل المتقدمة من الإبداع، وهذا ما يدفعني لأكون طفلاً دائماً.
أنظر إلى الأطفال على أنهم أشخاص كبار، وهذا يضيف إلى شخصيتي لغة جديدة، هي لغة الحوار والمكاشفة، والفضاء المرح، المليء بالضحك، والكلام الجميل، والحركة العبثية، التي تنطلق من عفوية صادقة، وهذه الحالة غايتها الوصول إلى جوانية الطفل، وملامسة مشاعره وأحاسيسه، ليستطيع أن يصل إلى إنتاج لوحة فنية ناجحة.
إذا كنت تريد أن تصبح شخصاً عميقاً بالمعنى الإنساني، وغير معقد، تعرَّف إلى الأطفال، وادخل إلى عوالمهم الخاصة، لتكتسب فلسفة الحياة بحق، ومن هذه الزاوية حققت مع الأطفال جوائز عديدة وشهادات في المجال الفني، أضافت لرصيد المحافظة حيزاً لافتاً في المشهد الفني عموماً».
وعن تجربته في العمل المسرحي، يقول “حمسورك”: «يعتمد المسرح على الصوت، والحركة (الإيماء الجسدي)، أما العمل التشكيلي، فيعتمد على الخيال وتقنيات الرسم، وبرأيي أعطاني الرسم البعد الحقيقي للمسرح.
المسرح وسع رؤيتي ومخيلتي تجاه الطبيعة والبشر، وما تحويانه من دلالات رمزية، اللوحة الفنية زمن صامت ودائم، أما المسرح فهو زمن مفتوح على المستقبل، لذا كان مسرح الأطفال الأقرب إلى نفسي».
#الرقة_الوثائقية