أكدت وكالة “رويترز” أن وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، سيلتقي في وقت لاحق اليوم الثلاثاء مع مسؤولين كبار في وزارة الخارجية الأميركية، لبحث ملف العقوبات المفروضة على سوريا.
ونقلت الوكالة عن مصدرين مطّلعين قولهما إن الشيباني سيجتمع مع مسؤولين كبار بوزارة الخارجية الأميركية في نيويورك، وسيطلب من واشنطن تقديم خارطة طريق واضحة لتخفيف العقوبات بشكل دائم على سوريا.
ويُعدّ هذا اللقاء الأول بين وزير الخارجية السوري ومسؤولين أميركيين على الأراضي الأميركية، حيث يجري الشيباني زيارة للولايات المتحدة لحضور اجتماعات في الأمم المتحدة في نيويورك.
وفي نيويورك، رفع الشيباني العلم السوري الجديد أمام مبنى الأمم المتحدة باعتباره العلم الرسمي للبلاد، وشارك في اجتماعات الجمعية العامة ومجلس الأمن، كما عقد عدة لقاءات مع مسؤولين ودبلوماسيين عرب وغربيين.
ويأتي هذا اللقاء بعد أن ردّت سوريا، في وقت سابق من الشهر الجاري، على قائمة الشروط التي وضعتها الولايات المتحدة مقابل تخفيف جزئي للعقوبات.
وفي 18 آذار الماضي، عقدت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون بلاد الشام وسوريا، ناتاشا فرانشيسكي، اجتماعاً شخصياً مع الشيباني على هامش مؤتمر المانحين لسوريا في بروكسل، وخلاله تسلّم قائمة الشروط الأميركية لرفع العقوبات.
الشيباني: الاعتداءات الإسرائيلية قد تُفجّر نزاعات أوسع والعقوبات تهدّد الاستقرار
وكان ذلك اللقاء أول اتصال مباشر رفيع المستوى بين واشنطن ودمشق منذ تولّي الرئيس الأميركي دونالد ترامب منصبه في 20 كانون الثاني، ولم يُكشف عنه أو عن فحوى القائمة من قبل.
الشروط الأميركية لرفع العقوبات عن سوريا
بحسب مسؤولَين أميركيين، ومصدر سوري، ودبلوماسي إقليمي، ومصدرين في واشنطن، فإن الشروط الأميركية شملت تدمير أي مخزونات متبقية من الأسلحة الكيميائية، والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب.
كما تضمنت المطالب منع تعيين مقاتلين أجانب في مواقع قيادية، في ضوء تعيينات سابقة أثارت قلقاً دولياً، شملت مقاتلين أويغور وأردنيين وأتراك في وزارة الدفاع السورية.
وطالبت واشنطن أيضاً بتعيين جهة اتصال سورية لمساعدة جهودها في العثور على الصحفي الأميركي أوستن تايس، المفقود في سوريا منذ أكثر من عقد.
وأكدت المصادر الست أن تنفيذ هذه الشروط سيقابل بتخفيف بعض العقوبات، دون توضيح طبيعة هذا التخفيف أو الإطار الزمني لتنفيذ الشروط.
رد سوريا على الشروط الأميركية
أفادت مصادر خاصة لتلفزيون سوريا، في 13 نيسان الجاري، بأن الحكومة السورية سلّمت الإدارة الأميركية ردّها الرسمي على قائمة الشروط التي وضعتها واشنطن كمتطلبات أساسية لتخفيف جزئي للعقوبات المفروضة على سوريا، دون الخوض في تفاصيل الرد.
وفي 26 من الشهر الجاري، نقلت وكالة “رويترز” عن متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية أن واشنطن تلقت رداً من السلطات السورية على طلب أميركي باتخاذ “تدابير محددة ومفصلة لبناء الثقة”، مضيفاً: “نحن الآن بصدد تقييم الرد”.
ووفق الوكالة، فقد تعهدت سوريا في ردها بإنشاء مكتب اتصال في وزارة الخارجية للعثور على الصحفي الأميركي المفقود أوستن تايس، وأفصحت عن آلية تعاملها مع مخزونات الأسلحة الكيميائية، بما في ذلك تعزيز التعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
ولم يتناول الرد، الذي جاء على شكل رسالة مؤلفة من أربع صفحات، بشكل مفصل مطالب رئيسية أخرى، بما في ذلك إبعاد المقاتلين الأجانب ومنح الولايات المتحدة الإذن بشن ضربات في سوريا لمكافحة الإرهاب.
وجاء في الرسالة أن مسؤولين سوريين ناقشوا قضية المقاتلين الأجانب مع المبعوث الأميركي السابق دانييل روبنشتاين، لكن القضية “تتطلب جلسة تشاورية أوسع”.
وفيما يتعلق بطلب الولايات المتحدة الخاص بالتنسيق في مسائل “مكافحة الإرهاب وتنفيذ ضربات على أهداف إرهابية”، جاء في الرسالة أن “الأمر يتطلب تفاهمات متبادلة”.
في المقابل، تعهدت الحكومة السورية بعدم التسامح مع أي تهديدات للمصالح الأميركية أو الغربية في سوريا، مع التأكيد على اتخاذ “التدابير القانونية المناسبة”، دون الخوض في التفاصيل.
أما فيما يتعلق بالفصائل الفلسطينية، فقد أوضحت الرسالة أن الرئيس السوري أحمد الشرع شكّل لجنة “لمراقبة أنشطة الفصائل الفلسطينية”، وأنه لن يُسمح للفصائل المسلحة الخارجة عن سيطرة الدولة بالعمل داخل الأراضي السورية.
وأضافت الرسالة: “بينما يمكن أن تستمر المناقشات حول هذه المسألة، فإن الموقف الشامل هو أننا لن نسمح لسوريا بأن تصبح مصدر تهديد لأي طرف، بما في ذلك إسرائيل”.
وأكد مسؤول سوري ومصدر أميركي مطّلعان على الرسالة أن وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، سيناقش محتوى الرسالة مع مسؤولين أميركيين خلال زيارته إلى نيويورك.
تلفزيون سوريا يكشف تفاصيل جديدة عن رد دمشق
حصل تلفزيون سوريا على تفاصيل جديدة عن الرد الذي أرسلته الحكومة السورية إلى الولايات المتحدة الأميركية، بخصوص الشروط التي وضعتها لتقييد العقوبات المفروضة على البلاد.
وأفادت مصادر مطلعة لتلفزيون سوريا أن دمشق ردت على الشرط المتعلق بشكل العلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي، والانضمام إلى ما يعرف بـ”اتفاقات أبراهام” التي أبرمتها الإمارات والبحرين مع إسرائيل برعاية أميركية قبل أعوام.
اقرأ أيضاً
جانب من لقاء الشرع وكوري ميلز – الرئاسة السورية
العلاقة مع إسرائيل وملفات شائكة أخرى.. كوري ميلز يكشف فحوى اجتماعه مع الشرع
ووفقاً للمصادر، فإن الحكومة السورية رفضت في الرسالة الموجهة إلى الولايات المتحدة الانضمام إلى تلك الاتفاقات، مشيرة إلى أن هذه الاتفاقات كانت مع دول لا تحتل إسرائيل أراضيها، ولا يمكن لسوريا أن تكون جزءاً منها.
ورغم رفض الحكومة السورية الانضمام إلى تلك الاتفاقات، أكدت في الرسالة عزمها على المضي قدماً في بناء سوريا لا تسعى لأن تكون تهديداً لأي طرف.
وأشارت المصادر إلى أن المحور الشائك الآخر في الرسالة كان الموقف من المقاتلين الأجانب، إذ تطالب الولايات المتحدة بإبعادهم ومنحها الإذن بشن ضربات في سوريا. وردت الحكومة السورية بأن هذا الملف يحتاج إلى جلسات تشاورية واسعة مع واشنطن.
وقالت الحكومة السورية في ردها إنه يجب التمييز بين المقاتلين الأجانب عموماً وبين المقاتلين الذين يشكلون تهديداً لأمن الولايات المتحدة، بحسب المصادر.