Skip to content

السفينة

alsafina.net

Primary Menu
  • الرئيسية
  • الأخبار
  • افتتاحية
  • حوارات
  • أدب وفن
  • مقالات رأي
  • منوعات
  • دراسات وبحوث
  • المجتمع المدني
  • الملف الكوردي
  • الأرشيف
  • Home
  • عن هدلة عناب: مصوّرة نساء نابلس والقرى المحيطة هاني حوراني…..…المصدر: ضفة ثالثة
  • أدب وفن

عن هدلة عناب: مصوّرة نساء نابلس والقرى المحيطة هاني حوراني…..…المصدر: ضفة ثالثة

khalil المحرر يونيو 13, 2025

عرفت مدينة نابلس، كبرى مدن الضفة الغربية، في النصف الثاني من خمسينيات القرن الماضي، ظهور أول مصورة فوتوغرافية محترفة، والأرجح أنها المصورة الوحيدة التي عرفتها الضفة الغربية، بل وضفتا الأردن حينذاك. ونقصد هنا هدلة عناب (1924-2015)، مالكة “ستوديو عناب”، الواقع في جادة تل كريم (المعروفة محليًا بدخلة كراج طولكرم)، وقد استمرت في هذا العمل لنحو ربع قرن من الزمن، حتى أواخر عام 1986 (1).
وعلى الرغم من أن “هدلة عناب” شكلت ظاهرة نادرة في مجالها، من حيث اشتغالها بمهنة “ذكورية”، في قلب واحد من أحياء نابلس القديمة، وأيضًا لكونها ابنة عائلة نابلسية مسلمة معروفة، تنتمي لوسط اجتماعي أقرب إلى المحافظة، لم يألف ممارسة النساء حرفة فنية تستدعي، وإن لم يكن دائمًا، التواصل مع الرجال – نقول رغم ذلك، فإن هدلة عناب لم تحظ باهتمام الصحافة أو الدوائر البحثية، ولا حتى الهيئات النسائية، رغم ريادتها في حقل نادر بالنسبة للمرأة العاملة الفلسطينية.
فمن هي هدلة عبد الرحمن عناب؟ وكيف صاغت لنفسها مسارًا نادرًا، حققت فيه نجاحًا مهنيًا استمر لعقدين ونصف العقد؟!
في الصفحات القليلة التالية، سوف نحاول التعريف بهذه المرأة الرائدة، بالاعتماد على الروايات الشفوية التي تمّ الحصول عليها من عدة مصادر عائلية، ومن أحد المصورين الذي عمل لصالحها عدة سنوات (2). وإذ لا تدعي هذه المقالة الإحاطة الكاملة بالمصورة هدلة عناب، إلا أنها تقدم عرضًا لسيرتها، قد يشجع آخرين على استكمال البحث والتقصي عن شخصيتها، وربما على تجميع إرثها المصور، والمبعثر في الألبومات العائلية لمئات وآلاف الأسر التي طرقت أبواب ستوديو عناب.
ولدت هدلة، واسمها الرسمي (كما في شهادة الميلاد) شفيقة (3)، في الفاتح من كانون الأول/ ديسمبر من عام 1924. والدها هو عبد الرحمن عبد الغني عناب، الذي التحق بقوة شرطة فلسطين إبان الانتداب البريطاني، ثم انضم إلى الجيش العربي الأردني، بعد الانسحاب البريطاني من فلسطين، في أيار/ مايو 1948. أما والدة هدلة، فهي شريفة سليمان، التي عرفت بكرمها وأدبها الجم وهدوئها الشديد، وحسب تعبير حفيدتها سوزان تيسير ناصر، “ما كان لها لسان يحكي”!

عبد الرحمن عناب بعد تقاعده من الجيش

كانت هدلة الابنة البكر للعائلة التي ضمت أربع بنات وولدين. وقد توفي أخواها الذكران برهان ومروان، مبكرًا، الأمر الذي زعزع والديها، وفرض عليها مسؤوليات مبكرة فيما بعد، تجاه شقيقاتها الأصغر: ميسر وفريدة وازدهار، وخاصة بعد وفاة والدتهن.
أصيبت هدلة في طفولتها إصابة خلقية بليغة في ساقها اليمنى ما أدى إلى إزالة “صابونة” الركبة، وهو ما تسبب لها بعرج دائم، اضطرها إلى استخدام العكاز في حركتها حتى وفاتها. وبسبب إصابتها هذه أمضت هدلة سنوات طفولة صعبة ومريرة وهي تتنقل ما بين المستشفيات للعلاج، حتى أنها لم تستطع إكمال دراستها للمرحلة الابتدائية، لبقائها أشهرًا طويلة أحيانًا في المستشفى، ما بين عمليات جراحية وعلاج. ولكثرة ترددها على مستشفى هداسا، في عين كارم، جنوب غرب القدس، وإقامتها فيها، فقد تعلمت قدرًا كبيرًا من العبرية، من خلال تعاملها الطويل مع الممرضات اليهوديات.
وحسب رواية سوسن مسعود، ابنة فريدة، شقيقة هدلة، فقد تسببت إصابة هدلة بالعرج بمرارة كبيرة لأبيها، وتضيف أنه صرف وقتًا طويلًا في التنقل بها للعلاج، والاعتناء بصحتها، وقد خضعت لثلاث عمليات جراحية، دونما نتيجة. وفيما بعد حاول مساعدتها على ممارسة مهنة تشغل فيها وقت فراغها الطويل، حيث مارست الخياطة، وأشغال الصوف، و”رتي (ترقيع) الجوارب” النسائية المصنوعة من النايلون، وقد قوبلت المهنة الأخيرة بطلب كبير، لارتفاع أثمان الجوارب النسائية في تلك الفترة. وعلى الرغم من تعطل دراستها النظامية بسبب مرضها، إلا أن هذا لم يمنعها من التعلم بنفسها، فأتقنت القراءة والكتابة وتنظيم حساباتها بنفسها.

هدلة عناب كمصورة

كيف اهتدت هدلة عناب إلى امتهان التصوير الفوتوغرافي، وهي ابنة بيئة اجتماعية تقليدية، وكيف استطاعت احترافها لعدة عقود، إلى أن أعياها المرض والتعب؟ لا تعرف بنات أخواتها القريبات منها جوابًا محددًا لهذه الأسئلة، لكن الدكتورة مي الطاهر، التي تجمعها مع هدلة صلة قرابة والدها، وكانت على تواصل متين معها خلال السنوات العشر الأخيرة من حياتها، تفسر احترافها هذه المهنة بإدراكها حاجة النساء المحجبات في مدينة نابلس وريفها إلى مصورة أنثى، يستطعن الكشف عن وجوههن أمامها أثناء التصوير، والتمتع بالحرية الكافية، وهن يتبرجن أو يصففن شعورهن قبل الجلوس أمام الكاميرا. وقد كانت هذه مشكلة جدية لسيدات نابلس والقرى المحيطة، كون المصورين في استوديوهات التصوير القائمة هم من الرجال حصرًا، مما كان يعيق إمكانية التقاط الفتيات والسيدات المحجبات صورًا فوتوغرافية لهن في الاستوديوهات، سواء كن طالبات أو عرائس، أو راغبات بالتقاط صور عائلية.
تروي سوزان تيسير ناصر، ابنة ازدهار، شقيقة هدلة، والتي عاشت مع خالتها وواكبت مسيرتها المهنية في نابلس منذ الطفولة: أن هدلة أخذت تتدرب على التصوير الفوتوغرافي في ستوديو معروف في نابلس، هو “ستوديو رماء”، لكنها لاحظت أن المصور لا يكشف لها كل “أسرار المهنة”، وأن ذكاءها وسرعة تعلمها أثارت مخاوفه من تحولها إلى منافسة له!؟
وتضيف سوزان أن خالتها لم تكتف بما حصلت عليه من خبرة على يد المصور النابلسي، فقررت الذهاب إلى بيروت، حيث أمضت بضعة أسابيع وتلقت دورة على مهارات التصوير على يد مصور أرمني قديم في هذا “الكار”. وعادت من بيروت، وقد اشترت كل ما يلزمها من معدات ومواد لمباشرة مهنتها الجديدة.

 

هدلة عناب تحتضن سوسن ابنة اختها

أما سوسن مسعود، ابنة فريدة شقيقة هدلة، فتقول إن والد هدلة، عبد الرحمن عناب، ساعدها على شراء كاميرا محترفة، وأجهزة الإضاءة، ومعدات المختبر، أو “الغرفة المعتمة” الخاصة بتحميض الصور وطباعتها.

ستوديو عناب

أقامت هدلة ستوديو التصوير الخاص بها في جزء من منزل والدها الذي كان قد ورثه عن أبيه. ويقول سليم نعيم الخفش، ابن عمة هدلة، إن ذلك البيت كان على مدخل “سوق التجار”، وقريبًا جدًا من دوار نابلس، مما سهل الوصول إليه من قبل الزبائن الوافدين من القرى، لا سيما من المحجبات والعرائس القرويات اللاتي أردن التقاط صور شخصية لهن… وكان ذلك الجزء من البيت مؤجرًا لآخرين. تقول سوزان ناصر إن هدلة، لشدة كبريائها، أصرت على دفع أجرة هذه الشقة لوالدها، حتى قبل أن يبدأ الستوديو بالعمل، ويصبح مدرًا للدخل، وذلك من باب الأمانة والتقدير لعطاء والدها.
بدأت هدلة بتجهيز الستوديو للعمل بأن خصصت غرفة لاستقبال العملاء وغرفة أخرى كاستوديو للتصوير، أعدت أيضًا عدة قطع ديكور خلفية، أحدها على شكل “درج” وآخر على شكل “عمود” وثالث على شكل “درابزين”، كخلفيات لزبائنها أثناء التصوير، كما جهزت طاولة ومرآة لضبط زينة الخاضعين للتصوير. وخصصت المطبخ ليكون بمثابة “الغرفة المعتمة” لغايات تظهير “تحميض” الأفلام السالبة وطباعة الصور. وقبل أن تفتتح أبواب الستوديو لزبائنها أجرت تجاربها الأولى في التصوير على أفراد العائلة.

أسرار نجاح ستوديو عناب

يفسر سليم الخفش نجاح “ستوديو عناب” في استقطاب زبائنه من فلاحي القرى وغيرهم من النساء، بموقعه القريب من دوار نابلس والعديد من المرافق التجارية ومواقف الباصات العاملة على الخطوط مع قلقيلية وطولكرم وغيرهما من البلدات والقرى المحيطة بنابلس.

 

عبد الرحمن عبد الغني عناب في ثياب الخدمة العسكرية

تقول سوزان، ابنة أخت هدلة، التي واكبت مسيرة ستوديو خالتها منذ طفولتها، إن نجاح ستوديو عناب فاق التصور، وأنه “أخذ يحقق دخلًا كبيرًا غير متوقع”. إذ لم يعد الستوديو يستقطب فقط نساء نابلس والقرى المحيطة بها، بل أصبح أيضًا يستقبل الرجال من أبناء قرى نابلس، ممن كانت لديهم معاملات حكومية تتطلب إرفاقها بصور شخصية لهم، وعليه فقد واظبت هدلة على فتح أبواب الستوديو منذ الساعة السادسة والنصف صباحًا، حتى يتمكن الزبائن من التقاط صورهم ومتابعة مراجعاتهم الحكومية في صباح نفس اليوم. وهكذا أخذت هدلة عناب تصور الرجال والنساء على حد سواء، مستعينة بأخواتها في الأعمال اليومية للستوديو.
ومن الطرائف التي تروى أن النساء اللاتي لم يحظين عند زواجهن بصور توثق هذا الزواج بسبب النزعة المحافظة التي تقضي بعدم “الانكشاف” على مصور رجل، أصبحن يحضرن إلى الستوديو مع أزواجهن وأولادهن، فتلتقط هدلة عناب أولًا صورة للزوجين بثياب الزفاف، ثم تلتقط للزوجين صورة أخرى مع أولادهما! ويذكر هنا أن الستوديو كان يحتفظ بعدة أثواب عرس نسائية، مع “الطرحة”، التي كانت توضع على رأس العروسة.

 

صورة عائلية: عبد الرحمن عناب وزوجته شريفة، وبناتهما الأربع. في الخلف (من اليمين): إزدهار، هدلة، ميسر وفريدة

وبالعودة إلى والد هدلة، عبد الرحمن عناب، فقد أصيب إصابة بليغة في ساقه جراء سقوطه عن حصانه قبل تقاعده من عمله، مما تسبب له بشيء من العرج، ولم يلبث أن تقاعد ولزم بيته في نابلس. وعليه فقد تولت ابنته الكبرى، هدلة، مسؤولية إعالة الأسرة. وفي آذار/ مارس من عام 1981 غادر عبد الرحمن عناب الحياة، ما جعل هدلة ربة الأسرة والمعيلة الرئيسية لشقيقاتها.

خصال شخصية

لم تتزوج هدلة عناب طيلة حياتها التي تجاوزت التسعين عامًا، وذلك رغم تمتعها بوجه وقوام جميل، كما تظهر ذلك الصور التي التقطت لها في مراحل مختلفة من عمرها. وقد ورثت عن والدها، الخيّال وعضو سلاح الفرسان، بنية متينة، وورثت عن أمها جمال وجهها.
هذا ويجمع كل من عرفها في حياتها على قوة شخصيتها وذكائها وحكمتها. لكن أكثر الأوصاف التي أغدقت عليها وأجمعت عليها عائلتها هو كرمها، إذ كانت تساعد عددًا من الأسر المعوزة من مالها الخاص، وقد خصصت دفترًا خاصًا بمواعيد الدفعات التي تمنحها لتلك الأسر وقيمة كل منها.
كما تروي بنات أخوات هدلة أمثلة عديدة على كرم خالتهن مع أفراد أسرتها، إذ يقلن إنها “كانت تعطي الآخرين بدون سؤال أو حساب، وبدون توقع رد ما تمنحه لهم”. كما يسردن قصصًا عديدة عن مساعداتها لأخواتها وأبناء وبنات أخواتها.

السنوات الأخيرة لستوديو عناب

يروي المصور المخضرم وائل شاهين (مواليد نابلس، عام 1954) الذي عمل لسنوات طويلة مع هدلة عناب، بعض ملامح السنوات الأخيرة لمزاولتها مهنة التصوير الفوتوغرافي، فيقول إنه بعد أن تعلم مهارات التصوير عند خاله عبد البصير شاهين، وعمل معه في “ستوديو الشرق” سنتي 1969 و1970، تعرف على هدلة التي كانت تبحث عن “مصور معلم” لمساعدتها في عملها، وهكذا اشتغل معها لعدة أعوام، قبل أن يغادر للعمل في ليبيا. ثم عاد للعمل معها بعد عودته من ليبيا في السنوات 1978-1986، بعد أن شعرت هدلة بالتعب والرغبة في التقاعد. وهكذا “تضمن” الستوديو حتى عام 1986.
ويصف وائل شاهين الذي ترك “ستوديو عناب” عشية الانتفاضة الأولى للعمل والإقامة في العاصمة الأردنية عمان، أن الستوديو الذي تضمنه لم يعد يحقق الدخل الذي كان يؤمنه قبل ذلك، ويفسر ذلك بالبوابات الحديدية التي وضعها جيش الاحتلال الإسرائيلي على مداخل البلدة القديمة قبل اندلاع الانتفاضة الأولى، مما جعل الوصول إلى الستوديو أكثر صعوبة على زبائنه المفترضين، من أبناء وبنات القرى المحيطة بنابلس.

 

صورة عائلية: عبد الرحمن عناب يتوسط زوجته شريفة (إلى اليسار) وزوجة أبيه (إلى اليمين) وفي الخلف ابنتاه هدلة (بالثوب الأسود) وازدهار

ويقول المصور وائل شاهين إن هدلة قامت بإغلاق “ستوديو عناب” عشية اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى، حيث انتقلت مع شقيقتها ازدهار وابنتها سوزان إلى عمان، فقد استقرت هدلة أول الأمر في شقة في شارع الرينبو، جبل عمان، إلى عام 1999، ثم اشترت منزلًا لها في بلدة ياجوز في الزرقاء، لتسكنه مع شقيقتها ازدهار، ولتكون قريبة من ابنة شقيقتها سوزان التي كانت قد قطنت في ياجوز قبل ذلك. وقد اعتنت الأخيرة بها إلى أن وافاها الأجل في 29 أيلول/ سبتمبر 2015 عن 91 عامًا.

أهمية هدلة عناب كمصورة فوتوغرافية

إلى جانب سبعة ستوديوهات تصوير معروفة في نابلس، يديرها جميعها مصورون ذكور، جاء “ستوديو عناب” ليملأ فراغًا كبيرًا لم يفلح أحد في ملئه من قبلها. أي تمكين نساء نابلس وقرى محافظتها، ولا سيما المحجبات منهن، من التقاط صور شخصية أو عائلية لهن.

وبالاطلاع على الصور القليلة التي تعود لستوديو عناب، وحصل عليها كاتب هذه السطور، وفي غياب ألبوم معروف لصورها، فإنه يمكن القول إنها كانت، دونما شك، تمتلك ناصية التصوير الداخلي، وأنها تمتعت بالمهارات المهنية لإنتاج صور شخصية وجماعية عالية الجودة.
وللأسف فإنه باستثناء صورة واحدة لسيدة غير معروفة من نابلس عليها ختم “ستوديو عناب”، لم يتضمن أرشيف المتحف الفلسطيني الرقمي The Palestinian Museum Digital Archives، أي صورة أخرى، أو معلومات إضافية عن الستوديو المذكور، ناهيك عن اسم صاحبته. وهذه هي حال الأراشيف الفلسطينية الأخرى، التي لم نستطع الوصول من خلالها إلى أية صور، أو وثائق عن هدلة عناب، أو الستوديو الذي كانت تمتلكه وتديره لعدة عقود.
لم تحظ هدلة عناب خلال حياتها المهنية بتغطية إعلامية لائقة، حيث سادت في العقود الماضية نظرة ترى في عمل ستوديوهات التصوير مجرد مهنة لا تختلف عن المهن الأخرى. وفضلًا عن ذلك فإن الحركات النسوية لم تتطرق إلى حالتها، كواحدة من النساء الرياديات في حقل بكر، لم تقتحمه نساء فلسطينيات أخريات، باستثناء كريمة عبود (1893-1940)، والتي كانت أول مصورة فلسطينية معروفة، وهي ابنة القس المسيحي الإنجيلي سعيد عبود، لكننا نجهل أي معلومات أخرى عن وجود مصورات أخريات (4).

هدلة تتلف أرشيف صورها

يبقى أن نشير إلى أن هدلة عناب قامت بإتلاف أرشيف الصور التي التقطتها في الستوديو العائد إليها، ففي تموز/ يوليو من عام 1996 عادت إلى نابلس لتفقد الستوديو الذي سبق وأن دُوهم من قبل الجيش الإسرائيلي عشية الانتفاضة الأولى وعبث بمحتوياته ومعداته. وخشية من إساءة استعمال مسودات الصور الفوتوغرافية التي كانت قد نجحت في إخفائها، وكان معظمها يعود لنساء من نابلس وجوارها، فقد قامت، مع ابنة أختها سوزان ناصر، بحرق وتمزيق مسودات الصور، الأمر الذي استغرق منهما شهرًا كاملًا، عادت هدلة وسوزان بعدها إلى عمان في 18 آب/ أغسطس 1996، وكانت هذه آخر زيارة لهدلة إلى نابلس (5).

 

فريدة عناب، أخت هدلة، على مدخل “ستوديو عناب”

ففي تلك الظروف الصعبة التي كانت تعيشها نابلس وعموم الأراضي الفلسطينية المحتلة، لم يكن لدى هدلة عناب أي خيار آخر سوى إتلاف النسخ السالبة للصور، خاصة وأنها لم تعد تقيم في نابلس، ولم يعد ستوديو عناب قائمًا، بعد رحيلها إلى العاصمة الأردنية. ولذا فقد خشيت أن تقع مسودات آلاف الصور الشخصية والعائلية في الأيدي الخطأ، واحترامًا لأصحابها فقد أتلفت أصول الصور بشكل كلي.
وكان يمكن لإرث “ستوديو عناب” من الصور الشخصية والعائلية أن يكون مصدرًا ثريًا لقراءة التاريخ الاجتماعي لمدينة نابلس ومحيطها القروي، خاصة وأن الستوديو استقطب مئات النساء والرجال والعائلات على مدار عمله منذ النصف الثاني من الخمسينيات وحتى أواسط الثمانينيات. ولعل إحدى المؤسسات العلمية، مثل جامعة النجاح، أو المتحف الفلسطيني، تجتهد في تنظيم حملة لإعادة تجميع الإرث المصور لهدلة عناب من مصادر فردية وعائلية لا تزال تحتفظ في ألبوماتها بصور تعود إليها.

*باحث وفنان بصري.

هوامش:

(1) تختلف المراجع التي عاد إليها كاتب هذا المقال حول تاريخ مباشرة هدلة عناب عملها في ستوديو التصوير العائد لها، فبعض المصادر تشير إلى أنها بدأت العمل في أواسط الخمسينيات، لكن مصادر أخرى، منها الإعلامية المعروفة زاهية عناب، تشير إلى أن بدايات “ستوديو عناب” كانت في أواخر الخمسينيات وأنها ووالدها كانا من أوائل من تصوروا لدى ستوديو عناب في عام 1960. ويذكر هنا أن عقد الإيجار المبرم بين هدلة عناب ووالدها عبد الرحمن عناب، مؤرخ بتاريخ محرم 1383، ما يقابل سنة 1963 ميلادية، وأن قيمة الإيجار كانت عشرين دينارًا سنويًا، تدفع على دفعتين، وأن قيمة المساحة المقتطعة للستوديو هي غرفتان ومنافع، أو 24 قيراطًا من أصل المساحة الكلية لبيت والدها، على أن الإعلامية زاهية عناب تعتقد بأن عقد الإيجار ربما أبرم بعد مباشرة هدلة عناب مهنة التصوير من منزل والدها.
(2) رجعت في هذه المقالة إلى كل من السيدة سوزان تيسير ناصر، ابنة ازدهار، شقيقة هدلة، والسيدة سوسن طارق مسعود، ابنة فريدة، الشقيقة الثانية لهدلة. وقد تمت مقابلة سوزان في منزلها في ياجوز، محافظة الزرقاء، في شباط/ فبراير 2025، الأردن، فيما تمت مقابلة سوسن في العاصمة الأردنية عمان، في كانون الثاني/ يناير 2025، أما سليم الخفش، ابن عمة هدلة عناب، فقد تمت مقابلته في منزله في آذار/ مارس 2025. كذلك تمت العودة إلى الإعلامية زاهية عناب بخصوص تاريخ مزاولة هدلة عناب لعملها في الستوديو الذي يحمل اسم عائلتها.
هذا ورجعت أيضًا إلى وائل شاهين، وهو المصور الذي تضمن “ستوديو عناب” بين عامي 1978 و1986، في آذار/ مارس 2025.
كما أفادتني في الوصول إلى خلفيات هدلة عناب الاجتماعية، وتأسيس ستوديو عناب، د. مي الطاهر، وهي التي كانت على علاقة متينة بهدلة عناب، ابنة خال والدها المرحوم د. عصام الطاهر.
(3) حملت كل من شفيقة وأختها فاتنة اسمي شهرة غير اسميهما الحقيقيين، فتسمت شفيقة باسم هدلة، فيما تسمت فاتنة باسم فريدة الذي عرفت به طيلة حياتها، كما لو كان اسمها الحقيقي.
(4) انظر مقالتي: كريمة عبود (1896/1940) أول مصورة محترفة في فلسطين، ضفة ثالثة، العدد الصادر في 27 أيلول/ سبتمبر 2017.
(5) واقعة إتلاف أرشيف صور ستوديو عناب مستمدة من رواية السيدة سوزان ناصر، التي شاركت خالتها هدلة في عملية حرق وتمزيق مسودات الصور.

شارك هذا المقال

Continue Reading

Previous: أولويات العدالة الانتقالية في اليمن… قراءة تحليلية لدراسة حديثة قضايا مصطفى ناجي…المصدر: العربي الجديد
Next: ألبوم “فرات” لبسمة جبر في ثلاث مدن إسبانية ميسون شقير…….…المصدر: ضفة ثالثة

قصص ذات الصلة

  • أدب وفن

“اتجاهات” في دمشق: الثقافة إذ تستعيد الفضاء العام فدوى العبود…..المصدر:ضفة ثالثة

khalil المحرر يونيو 25, 2025
  • أدب وفن

طلال حيدر… شاعر النقاء الرعوي والاستعارات المدهشة…شوقي بزيع….المصدر: الشرق الاوسط

khalil المحرر يونيو 25, 2025
  • أدب وفن

الواقع الذي وراء الواقع….. فوّاز حداد….المصدر :العربي الجديد

khalil المحرر يونيو 24, 2025

Recent Posts

  • وكلاء بلا غطاء: ارتدادات الضربة الأميركية على مشروع إيران الإقليمي. علي قاسم ….المصدر : العرب
  • نهاية وظيفة إيران… أميركيّا وإسرائيليا.المصدر : العرب … خيرالله خيرالله
  • ساطع نورالدين شتائم ترامب لنتنياهو..تدخل التاريخ أيضاً.المصدر: صفحة الكاتب
  • حول قراءة هرتزل في بيروت… يزيد صايغ……….المصدر:المدوّنة ديوان.مركز مالكوم كير– كارنيغي للشرق الأوسط
  • إعادة بناء الدولة السورية: انطباعات من الميدان… ماري فوريستييه…..المصدر:مؤسسة كارنيغي

Recent Comments

لا توجد تعليقات للعرض.

Archives

  • يونيو 2025
  • مايو 2025
  • أبريل 2025
  • مارس 2025
  • فبراير 2025
  • يناير 2025
  • ديسمبر 2024
  • نوفمبر 2024
  • أكتوبر 2024
  • سبتمبر 2024
  • أغسطس 2024
  • يوليو 2024
  • يونيو 2024
  • مايو 2024
  • أبريل 2024
  • مارس 2024
  • فبراير 2024
  • يناير 2024
  • ديسمبر 2023
  • نوفمبر 2023
  • أكتوبر 2023

Categories

  • أدب وفن
  • افتتاحية
  • الأخبار
  • المجتمع المدني
  • الملف الكوردي
  • حوارات
  • دراسات وبحوث
  • مقالات رأي
  • منوعات

أحدث المقالات

  • وكلاء بلا غطاء: ارتدادات الضربة الأميركية على مشروع إيران الإقليمي. علي قاسم ….المصدر : العرب
  • نهاية وظيفة إيران… أميركيّا وإسرائيليا.المصدر : العرب … خيرالله خيرالله
  • ساطع نورالدين شتائم ترامب لنتنياهو..تدخل التاريخ أيضاً.المصدر: صفحة الكاتب
  • حول قراءة هرتزل في بيروت… يزيد صايغ……….المصدر:المدوّنة ديوان.مركز مالكوم كير– كارنيغي للشرق الأوسط
  • إعادة بناء الدولة السورية: انطباعات من الميدان… ماري فوريستييه…..المصدر:مؤسسة كارنيغي

تصنيفات

أدب وفن افتتاحية الأخبار المجتمع المدني الملف الكوردي حوارات دراسات وبحوث مقالات رأي منوعات

منشورات سابقة

  • مقالات رأي

وكلاء بلا غطاء: ارتدادات الضربة الأميركية على مشروع إيران الإقليمي. علي قاسم ….المصدر : العرب

khalil المحرر يونيو 25, 2025
  • مقالات رأي

نهاية وظيفة إيران… أميركيّا وإسرائيليا.المصدر : العرب … خيرالله خيرالله

khalil المحرر يونيو 25, 2025
  • مقالات رأي

ساطع نورالدين شتائم ترامب لنتنياهو..تدخل التاريخ أيضاً.المصدر: صفحة الكاتب

khalil المحرر يونيو 25, 2025
  • مقالات رأي

حول قراءة هرتزل في بيروت… يزيد صايغ……….المصدر:المدوّنة ديوان.مركز مالكوم كير– كارنيغي للشرق الأوسط

khalil المحرر يونيو 25, 2025

اتصل بنا

  • Facebook
  • Instagram
  • Twitter
  • Youtube
  • Pinterest
  • Linkedin
  • الأرشيف
Copyright © All rights reserved. | MoreNews by AF themes.