دخل الصراع بين إسرائيل وإيران أسبوعه الثاني، وتحول إلى اختبارات جدية لقدرات الطرفين العسكرية، وخصوصاً الجوية منها. فبينما أطلقت طهران صواريخ متوسطة المدى على مدن إسرائيلية، ردّت تل أبيب بهجمات جوية مركّزة على منشآت في قلب العاصمة.
وعلى الرغم من أن إيران تتفوّق عددياً من حيث عدد الجنود (610 آلاف جندي نظامي و350 ألف احتياط)، إلا أن إسرائيل التي تمتلك 170 ألف جندي و465 ألفاً في الاحتياط، تتمتع بتفوّق نوعي، لا سيما في سلاح الجو الذي يمثل العمود الفقري لعقيدتها القتالية، خصوصاً في ظل ميزانية دفاعية تتجاوز ضعف الميزانية الايرانية (30 مليار دولار مقابل 15 ملياراً).
يمتلك سلاح الجو الاسرائيلي نحو 611 طائرة، منها 240 مقاتلة من أجيال متقدمة، أبرزها:
F-35I Adir: طائرة شبحية هجومية من الجيل الخامس، تُعد رأس الحربة في عمليات الاختراق والضربات الدقيقة.
F-15I Ra’am: مقاتلة بعيدة المدى، قادرة على حمل الذخائر الثقيلة، مثالية للهجمات على العمق الايراني.
F-16I Sufa: مقاتلات متعددة المهام، مطوّرة خصيصاً بقدرات إلكترونية متقدمة.
بالاضافة إلى طائرات قيادة وسيطرة واستخبارات مثل G550 Nachshon وطائرات تزود بالوقود جواً، ما يمنح إسرائيل عمقاً استراتيجياً ضارباً.
في المقابل، يضم سلاح الجو الايراني 551 طائرة، بينها 188 مقاتلة، معظمها من طرازات قديمة تعود إلى ما قبل الثورة الاسلامية عام 1979، مثل:
– F-4 Phantom وF-5 Tiger وF-14 Tomcat: أميركية الصنع، تعاني من تآكل وتراجع في الفعالية.
– MiG-29 وSu-24 وSu-22: سوفياتية من الثمانينيات تعتمد على رادارات قديمة يسهل التشويش عليها.
– J-7 الصينية وMirage F1: محدودة القدرة، تستخدم غالباً لأغراض تدريبية أو دفاعية هامشية.
وعلى الرغم من محاولات التحديث وتطوير صواريخ مثل “فاکور 90″، إلا أن قدرات الاشتباك الجوي الايراني تبقى متواضعة، خصوصاً أمام مقاتلات الجيل الرابع والخامس الغربية، التي تمتلكها إسرائيل بكثافة.
غير أن سلاح الجو الايراني، على الرغم من محدوديته، لا يمكن استبعاده من المعادلة، إذ يمتلك ما يكفي من الطائرات والقواعد لتشتيت الهجوم الاسرائيلي، ويُجبر سلاح الجو الاسرائيلي على توزيع جهوده واستنزاف موارده في ضرب أهداف متعددة على مساحة جغرافية شاسعة.
وتضاف إلى هذا التحدي منظومة الصواريخ الايرانية، التي تُعتبر الأكبر في الشرق الأوسط بعد إسرائيل. فإيران تمتلك أكثر من 3000 صاروخ، تمتد مدياتها من بضع مئات إلى أربعة آلاف كيلومتر. ومن بين هذه الصواريخ ما يمكنه استهداف العمق الإسرائيلي، مثل:
سجيل (2000 كم).
خرمشهر (2000 كم).
قدر -F (1950 كم).
خيبر شكن-2 (1800 كم).
الحاج قاسم (1400 كم).
رضوان (1400 كم).
مع تطوّر لافت في استخدام الوقود الصلب الذي يعزّز الجاهزية وسرعة الاطلاق.
فيما تعتمد إسرائيل على شبكة دفاع جوي متعددة الطبقات تتضمن:
القبة الحديدية للصواريخ القصيرة.
مقلاع داوود للمتوسطة.
آرو 2 و3 للصواريخ الباليستية بعيدة المدى.
إضافة إلى دعم أميركي مباشر بمنظومات بحرية وجوية في المنطقة.
لكن هذه الشبكة، على الرغم من فعاليتها، تواجه تحديات مالية ولوجيستية. إذ تُقدّر تكلفة الدفاع الصاروخي بمليار شيكل (نحو ٢٨٠ مليون دولار) في الليلة، ومع استمرار الهجمات، بدأ الجيش الاسرائيلي بتقنين استخدام صواريخ الاعتراض، مفضلاً حماية المراكز الحيوية والمكتظة سكانياً. وقد حذّرت تقارير أميركية من نفاد صواريخ “آرو” في حال استمر القصف الايراني بالوتيرة الحالية، ما قد يجبر إسرائيل قريباً على “الاختيار” بين ما يجب اعتراضه وما يمكن تحمّله.
في المجمل، يُظهر توازن القوى بين سلاحَي الجو الايراني والاسرائيلي تبايناً عميقاً في العقيدة والتكتيك. إسرائيل تسعى إلى حسم الحرب بضربات جوية ساحقة ودقيقة، فيما تراهن إيران على “الكم”، وتعدد الجبهات، وقدرتها على امتصاص الضربات والرد بصواريخ متعددة الاتجاهات. لكن سماء الشرق الأوسط لا تزال مفتوحة على مفاجآت، في صراع لا يحدّه إلا سقف الانهيار أو عودة الديبلوماسية.