الانتقام دافع آخر للنزوح
لندن – تفتح تصريحات وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الباب لمنح تركيا نفسها صفة الحامي للأقليات في بلد مازال يواجه صراعات طائفية أو بين أقليات عرقية، وهو ما يفرض وضعا استثنائيا تستفيد منه أنقرة في تعزيز نفوذها شبه المطلق على سوريا.
وبررت تركيا تدخلها ومنح نفسها دور الوصاية بالحديث عن الأقليات؛ لأنها -حسب مراقبين- تتوجس من إمكانية أن يواجه العلويون، الذين ينتمون إلى طائفة الرئيس السابق بشار الأسد، مصيرا يدفعهم إلى التمرد أو الهجرة إلى تركيا ليحتموا بأقلية علوية كبيرة في تركيا، وهو أمر يزيد قلق الأتراك من تطورات الوضع في سوريا.
وقال فيدان إن تركيا ستكون حامية لأي أغلبية أو أقلية تشعر بأنها في مشكلة خلال المرحلة الجديدة التي تشهدها سوريا.
وأضاف في مؤتمر صحفي مع نظيره البلجيكي برنارد كوينتين في العاصمة التركية أنقرة “إذا كانت هناك أغلبية أو أقلية تشعر بأنها في مشكلة خلال المرحلة الجديدة (في سوريا) فإن تركيا حامية لها بغض النظر عمن تكون.”
الموقف التركي يتزامن مع تعرض العلويين لانتهاكات تبرر عبورهم إلى تركيا، وهو ما تخشاه السلطات التركية
وأشار إلى أن الملايين من السوريين نزحوا خلال فترة قمع نظام الأسد، وأن الملايين اضطروا للذهاب إلى تركيا وبلدان أخرى. ولفت فيدان إلى أن تركيا لم تتردد في قبول من لجأ إليها هربا من ظلم نظام الأسد.
وأردف فيدان “نبذل قصارى جهدنا لمنع هؤلاء (الجهات التي تشعر بالقلق) من مواجهة مشكلات في سوريا، كما أن الإدارة السورية الجديدة حساسة للغاية في هذا الخصوص.”
وتابع “إن شاء الله لن يحدث أي شيء لأحد، ولكن في حالة حدوث مشكلة ما، فإن رئيسنا (رجب طيب أردوغان) حساس للغاية بشأن هذه القضية ومبادئه واضحة.”
وقال فيدان “سنقف إلى جانب المظلوم الذي يتعرض للظلم، وسنتضامن معه. لذلك نحن ننظر إلى ما يحدث، وليس مع من.” ويأتي الموقف التركي متزامنا مع تعرض العلويين لانتهاكات خلال الفترة الماضية تبرر عبورهم إلى تركيا، وهو ما تخشاه السلطات التركية.
وقال سكان ومقاتلون الثلاثاء إنه تم إجلاء عائلات ضباط جيش من العلويين خدموا في عهد الأسد من مساكنهم المدعومة داخل تجمع سكني لإفساح المكان لأفراد من المعارضة المنتصرة وعائلاتهم.
ويعد تجمع معضمية الشام، الذي يؤوي مئات الأشخاص داخل أكثر من 12 مبنى، واحدا من عدة تجمعات خُصصت للضباط في عهد الأسد.
اقرأ أيضا:
تعهدات السلطة بحماية الحريات في سوريا الجديدة بحاجة إلى اختبار
ومع إعادة هيكلة الجيش بالقوات التي كانت من المعارضة، وتسريح الضباط الذين خدموا في عهد الأسد، لا تشكل عمليات إخلاء مساكن الضباط أي مفاجأة.
لكن إحلال مقاتلين قضوا سنوات في أراض ريفية فقيرة كانت تسيطر عليها المعارضة محل ضباط الأسد سريعا يظهر التحول المفاجئ في حظوظ مؤيدي كل جانب في الصراع.
وكُتبت أسماء فصائل المعارضة التابعة لهيئة تحرير الشام، التي استولت على العاصمة دمشق في الثامن من ديسمبر الماضي، بالطلاء على مداخل المباني التي يبدو أنها ستصبح من نصيب مقاتلي كل فصيل.
والأسبوع الماضي تظاهر آلاف السوريين من أبناء الأقلية العلوية في عدد من المدن بعد تداول مقطع فيديو يظهر اعتداء مفترضا على مقام للطائفة في حلب، وقد أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل متظاهر في حمص.
وفي موازاة ذلك قُتل 14 شخصا في اشتباكات بمحافظة طرطوس (غرب) بعد أن حاولت قوات الأمن اعتقال ضابط عسكري تولى مناصب في عهد الأسد مرتبطة بسجن صيدنايا، وفق المرصد.
وقد كانت التظاهرات هي الأولى التي يقوم بها العلويون منذ أن أطاح تحالف فصائل معارضة بقيادة هيئة تحرير الشام الإسلامية بالأسد ودخل دمشق في الثامن من ديسمبر الماضي عقب هجوم خاطف استمر 11 يوما وسيطر خلاله على قسم كبير من البلاد.
TeilenWhatsApp