بعد ساعات من شن هجوم على حدود أربيل بواسطة طائرتين مسيّرتين، وصل اليوم الاثنين وفد أمني من بغداد، وبتكليف من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، برئاسة مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، الى عاصمة اقليم كوردستان “لتشكيل لجنة أمنية ستعد توصياتها بخصوص هجمات الطائرات المسيّرة على اقليم كوردستان، وتقدمها إلى القائد العام للقوات المسلحة العراقية.” حسب تصريح الاعرجي.
لكن الخبير الستراتيجي والباحث في الشأن العسكري العميد الركن المتقاعد إحسان القيسون، رأى أنه “لا فائدة من تشكيل أية لجان للبحث في أمر هذه المسيّرات كونها معروفة وان اللجان مهمتها التستر على الفاعلين وتسويف القضية”.
وقال القيسون لشبكة رووداو اليوم الاثنين (28 تموز 2025) إن “اللجان التحقيقية تعرف من يقف وراء هذه المسيّرات، لكنهم يشكلون هذه اللجان من أجل تسويف القضية، ويعرفون مصدرها وصناعتها ومن أي مناطق يتم اطلاقها ومسارها في الاراضي العراقية”، مضيفاً أنه “واضح جداً ومن بقايا الطائرات وخاصة التي سقطت اليوم، حيث أن احدى المسيّرات انفجرت والثانية لم تنفجر، والاثنتان لم تصيبا الهدف، بأن صناعتها ايرانية، والتي استخدمت اليوم تمت تجربتها للمرة الاولى على الاراضي العراقية، والحمد لله لم تحقق اهدافها”.
وأكد القيسون أن “الحرس الثوري وفيلق القدس الايراني يزود الفصائل العراقية المسلحة الموالية لايران بهذه الطائرات المسيرة، ولا تستطيع، الفصائل، استخدامها الا بأوامر من طهران لقصف المنشآت النفطية في اقليم كوردستان انطلاقاً من الاراضي العراقية”.
بشأن الاهداف التي يعتقدها وراء هذه العمليات، قال: “الهدف الرئيسي هو زعزعة الامن والاستقرار في اقليم كوردستان عامة وأربيل خاصة التي لم تخضع لارادة ايران على العكس من كل المناطق العراقية الاخرى. فالتطور العمراني والحضاري الذي تتمتع به عاصمة اقليم كوردستان يغيض الكثير من السياسيين العراقيين الذين لم يحققوا اي تطور في مناطقهم”.
وأكد أن “اربيل استطاعت ان تبني كل هذا بنسبة بسيطة من الميزانيات التي كانت مخصصة للاقليم حسب الدستور، بينما هم لم يحققوا اي شيء لباقي مناطق العراق مع أن أكثر من 80% من ميزانية البلد بأيديهم، لانهم لا يستطيعوا بناء دولة مؤسسات وجاءوا وهم يحملون الحقد على البلد، ولا يستطيعوا بناء دولة مؤسسات. لذلك اذا لا يتم رسم مآلات جديدة للعملية السياسية سوف لن يصل العراق الى بر الامان”.
القيسون، شدد على أن “الأجهزة الأمنية العراقية تعرف بالتأكيد الجهة التي اطلقت هذه المسيّرات او الصواريخ وتعرف مصادرها، ففي العراق يوجد 11 جهازاً أمنياً ومخابراتياً واستخباراتياً والكثير من الرادارات، فهل من المعقول ان كل هذه الاجهزة لم تكتشف مصادر المسيرات ومن يستخدمها ومن اين تنطلق؟”.
وبيّن: “حتى اميركا تعرف لكنها تمنح معلوماتها الاستخباراتية الدقيقة للجان التي تشكلها الحكومة العراقية، وعلى هذه اللجان ان تكشف عن المعلومات للرأي العام”، مشيراً الى أن “واشنطن كانت قد هددت على لسان وزير خارجيتها، انتوني بلنكن، الفصائل المسلحة ووصفها في تصريح خطير باعتبارهم يزعزعون الامن والاستقرار بالمنطقة، لهذا اتوقع اذا استمر هذا الاستهداف والتصعيد من قبل هذه الفصائل فان هناك ضربات عسكرية سوف تستهدف قادة الميلشيات”، مضيفاً: “لا سيادة ولا امن ولا استقرار ولا سلم اجتماعي ولا ديمقراطية ولا حريات بوجود فصائل مسلحة تحمل اجندة خارجية “.
وخلص الخبير الستراتيجي إحسان القيسون، إلى عدم “الحاجة لتشكيل اللجان حول موضوع الطائرات المسيّرة التي قصفت المنشآت النفطية في اقليم كوردستان فالصورة واضحة تماماً، والمعروف انه عندما تريد أن تغطي على قضية شكل من اجلها لجنة ليتم تسويفها”، معبراً عن خشيته ان تنزلق الاوضاع في العراق الى “سيناريو السودان، ولولا وجود التحالف الدولي والولايات المتحدة لصار حال العراق مثلما يحدث في السودان”.
وكان مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي قد وصل اليوم الاثنين إلى أربيل واجتمع مع الأجهزة الأمنية في إقليم كوردستان، وقال ان لجنة أمنية مشتركة ستُعد توصياتها بخصوص هجمات الطائرات المسيّرة على اقليم كوردستان، وتقدمها إلى القائد العام للقوات المسلحة العراقية.
واضاف خلال مؤتمر صحفي عقده مع وزير داخلية اقليم كوردستان ريبر احمد، إنه “بتوجيه من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، عقدت اللجنة التحقيقية المشتركة اجتماعا في محافظة أربيل لمناقشة استهداف الحقول النفطية في إقليم كوردستان”.
وفجر اليوم الاثنين سقطت طائرة مسيرة في محافظة أربيل وأخرى في محافظة كركوك، وحسب مراسلي رووداو فإن الحوادث لم توقع خسائر بشرية.
المسيّرة الأولى سقطت في ناحية رزكاري التابعة لقضاء خابات في أربيل فجر اليوم الاثنين، وارتطمت بالغرفة العلوية لمقهى.
وشهد هذا الشهر أكثر من 20 هجوماً بطائرات مسيّرة على مناطق مختلفة في إقليم كوردستان، استهدف بعضها حقول النفط في محافظتي أربيل ودهوك.