ملخص
تحدث المفكر الأميركي جون ميرشايمر خلال مقابلة مع المذيع الجمهوري تاكر كارلسون عن السياسات التوسعية لإسرائيل، واصفاً ما يجري في قطاع غزة بأنه “إبادة جماعية وتطهير عرقي ممنهج”، ومشيراً إلى تحولات ملحوظة في الرأي العام الأميركي تجاه إسرائيل.
أثار عالم السياسات الأميركي جون ميرشايمر تفاعل وسائل التواصل الاجتماعي بعد تصريحاته حول النفوذ الإسرائيلي في الولايات المتحدة، معتبراً أن قوة اللوبي الإسرائيلي بلغت حداً يجعل واشنطن تتبنى سياسات تصب في مصلحة إسرائيل ولو كانت مضرة لها.
وخلال مقابلة مطولة مع المذيع الجمهوري تاكر كارلسون، تحدث ميرشايمر بصراحة عن السياسات التوسعية لإسرائيل، واصفاً ما يجري في قطاع غزة بأنه “إبادة جماعية وتطهير عرقي ممنهج”، وسط تحولات ملحوظة في الرأي العام الأميركي تجاه إسرائيل.
اللوبي الإسرائيلي والتحكم بالرواية
عن تأثير اللوبي الإسرائيلي في صنع القرار الأميركي، أقر ميرشايمر في الحلقة التي حققت أكثر من 4 ملايين مشاهدة على “إكس” بأن إسرائيل كثيراً ما أثرت في السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط، والسبب بسيط على حد قوله وهو وجود لوبي إسرائيلي قوي في واشنطن، لم يجرؤ رئيس أميركي على معارضته.
وأشار إلى أن اللوبي الإسرائيلي نجح لعقود في رسم صورة مثالية لإسرائيل داخل الرأي العام الأميركي، باعتبارها “الطرف الخيّر” في الصراع وأن العرب هم الأشرار، لكن هذه السردية بدأت تنهار بعد حرب غزة، لافتاً إلى أن أميركيين كثراً يدركون اليوم أن إسرائيل تأخذ أكثر مما تعطي أميركا، وأن هناك لوبياً منظماً يؤثر في صناع القرار بواشنطن.
واعترف ميرشايمر بأنه تأثر بادئ الأمر بالرواية السائدة التي رسخها اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة، لكنه بدأ يغيّر موقفه أواخر الثمانينيات، بعد ظهور ما يعرف بـ”المؤرخين الجدد” في إسرائيل مثل بني موريس وإيلان بابي وآفي شلايم الذين كشفوا عبر الأرشيف الرسمي عن كثير من الحقائق المغيّبة حول نشأة إسرائيل.
وللدلالة على قوة هذا اللوبي، استرجع ميرشايمر قصة شخصية حين كتب مع الباحث ستيفن والت مقالة مفصلة لمجلة “ذا أتلانتك” عن قوة اللوبي الإسرائيلي في واشنطن، لكن المقالة، على رغم كتابتها وفق معايير المجلة وبتكليف منها، منعت من النشر فجأة.
وأوضح المفكر الأميركي أن رئيس التحرير أحسَّ بالإهانة عندما شكك الباحثان في قدرته على نشر المقالة، وتعهد بأنه سيدفع لهما 10 آلاف دولار إن لم تنشر، وهو ما حدث بالفعل عندما امتنعت المجلة عن نشر المقالة بعد ضغوط في ما يبدو على رئيس تحريرها.
حرب غزة “إبادة جماعية”
ووصف المفكر الأميركي ما يحدث حالياً في غزة بأنه إبادة جماعية والمحاولة الإسرائيلية الثالثة للتطهير العراقي بحق الفلسطينيين، مشيراً إلى أن معظم سكان غزة اليوم هم من سلالة من حوربوا وطردوا من أراضيهم عام 1948، فيما شهدت الضفة الغربية تطهيراً مماثلاً عقب حرب 1967.
واستند المفكر الأميركي إلى اتفاق عام 1948 الذي ينص على أن “الإبادة هي محاولة دولة تدمير جماعة عرقية أو دينية أو قومية، والقضاء على هويتها”، مضيفاً أن الإبادة لا تقاس بعدد القتلى، بل بالنية الممنهجة لمحو هوية الفلسطينيين الوطنية. وعند مقارنته بما فعلته الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية، أشار إلى أن واشنطن قتلت أعداداً كبيرة من اليابانيين والألمان، لكن الدافع كان إنهاء الحرب، لا محو هذه الشعوب، بينما ما تفعله إسرائيل اليوم هو “تدمير ممنهج لهوية وطنية كاملة”، مؤكداً في الوقت نفسه أن هذا ليس تبريراً لما فعلته الولايات المتحدة، وإنما لتسمية الأشياء بأسمائها.
ويرى ميرشايمر أن هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023 وفّر لإسرائيل فرصة مثالية لتنفيذ مشروعها المتجذر تاريخياً بتهجير الفلسطينيين، ولا سيما من غزة باتجاه مصر والأردن، في إطار سعيها إلى حل “المشكلة الديموغرافية” التي واجهت مؤسسي إسرائيل منذ البداية.
وقال إن “الفكر الصهيوني منذ نشأته يدرك أن قيام دولة يهودية على أرض مأهولة بالفلسطينيين لا يمكن أن يتم من دون تطهير عرقي”، لافتاً إلى أن “ديفيد بن غوريون وآخرين من قادة الصهيونية كانوا يعرفون أنهم بحاجة إلى اقتراف أفعال شنيعة، وكانوا واضحين في أنهم لا يلومون الفلسطينيين على المقاومة لأنهم يدركون أنهم يسرقون أراضيهم”.
وأوضح المفكر الأميركي أن استراتيجية إسرائيل تستند إلى المشروع التوسعي المعروف باسم “إسرائيل الكبرى”، ويشمل الإبقاء على الأراضي المحتلة عام 1948 والاستيلاء على الضفة الغربية وغزة وأجزاء من جنوب لبنان وجنوب سوريا وصحراء سيناء، لافتاً إلى أن بن غوريون نفسه كتب مقالة عام 1918 عن إنشاء “إسرائيل الكبرى”، وهي رؤية دعمها قادة الحركة الصهيونية الأوائل وهي مدعومة اليوم من إسرائيليين كثر، ولهذا السبب لم تعتمد إسرائيل قط حدودها النهائية.