تُعدّ المحاصصة الطائفية والعرقية من أبرز القضايا الجدلية التي تواجه سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر الماضي.
فبينما تُطرح أفكار لإعادة بناء البلاد، تتصاعد المخاوف من أن يؤدي اعتماد نظام المحاصصة إلى تكريس الانقسامات المجتمعية وتكرار التجارب الفاشلة في دول أخرى، ومع ذلك، يبرز رأي آخر يدعو إلى تمثيل عادل لجميع المكونات في المرحلة الانتقالية.
أحمد الشرع، قائد الإدارة السورية الجديدة، التي تولت الحكم بعد سقوط النظام، أكد في منتصف الشهر الماضي، خلال لقائه وفدا من محافظة السويداء ذات الأغلبية الدرزية، رفضه لمبدأ المحاصصة الطائفية.
وأوضح الشرع وقتها، أن الهدف الأساسي هو تجنب المحاصصة ورفض أي خصوصية قد تؤدي إلى انفصال أي من الطوائف عن الدولة.
وأضاف الشرع: “الذي يهمنا ألا يكون هناك محاصصة ولا يوجد خصوصية، فنحن ندير الأمور من منطلق مؤسساتي وقانوني، ونسعى لتحقيق الأفضل للشعب السوري”.
تركيا تصنف حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية وقوات سوريا الديمقراطية تنظيمات إرهابية (AFP)
أنقرة “تحرج” إدارة الشرع بتهديد أكراد سوريا
عادت أنقرة للتهديد بشن عملية عسكرية لتنفيذ مطالبها المتمثلة في حل وحدات حماية الشعب الكردية التي تصنفها تركيا إرهابية، ومغادرة مقاتليها الأجانب لسوريا أو ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية، وتسليم القادة الأكراد لأنفسهم.
تصريحات الإعلامي عقيل حسين، لموقع “الحرة” تدعم هذا الرأي، إذ قال إن المحاصصة الطائفية والعرقية لها آثار سلبية واضحة، مستشهداً بتجارب لبنان والعراق.
لكنه أضاف: “نحتاج إلى تقاسم عادل للتمثيل في المؤتمر الوطني للحوار وفي اللجان التأسيسية للدستور، لكن يجب ألا يكون ذلك أساسًا للنظام الدائم، بل وسيلة لضمان العدالة في المرحلة الانتقالية فقط.
وأبرز النماذج التي تُستخدم للتحذير من المحاصصة تأتي من لبنان والعراق، ففي لبنان، أدى النظام الطائفي إلى شلل سياسي متكرر، كما هو الحال في صعوبة انتخاب رئيس للجمهورية وحدوث فراغ رئاسي لمدد طويلة، وفقًا للكاتب والباحث السياسي السوري، حافظ قرقوط.
كما رأى قرطوط في حديثه إلى موقع “الحرة” أن “المحاصصة في العراق أدت إلى تقاسم المناصب على حساب الكفاءة، مما عزز الفساد وأضعف مؤسسات الدولة لصالح نفوذ أجنبي لاسيما النفوذ الإيراني”.
“زيادة الفجوة”
من جهتها، أكدت الإعلامية والكاتبة الكردية السورية، أفين يوسف، في حديثها إلى موقع “الحرة” أن الحل يكمن في نظام لا مركزي يضمن التعددية ويحفظ حقوق جميع المكونات القومية والثقافية والدينية.
يوسف أشارت إلى أن النظام الأسدي السابق زرع الخوف والانقسامات بين المكونات المختلفة، مما جعل الحوار الوطني الشامل ضروريًا لبناء سوريا جديدة.
بعد نزاع استمر 13 عاما تمكنت فصائل معارضة من إسقاط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر (AFP)
تحذير أممي من “أخطاء” و”تهديدات” قد تعرقل الانتقال بسوريا
حذر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن، الأربعاء، من “أخطاء” يمكن أن تعرقل عملية الانتقال السياسي في سوريا بعد الإطاحة ببشار الأسد، منّبها أيضا من مخاطر “الهجمات” الإسرائيلية على سلامة أراضي البلاد.
وأضافت: “لا يمكن للاتفاق على أساس المحاصصة القومية أو الطائفية أن يكون حلاً مستدامًا، بل سيزيد من الفجوة بين السوريين”.
وأكدت يوسف أن الأكراد عانوا طويلاً من التهميش والانتهاكات، وأنهم بحاجة إلى تمثيل سياسي عادل في البرلمان وإدارة الدولة، مع ضمان حقوقهم القومية والثقافية والدينية في الدستور القادم.
“مسؤولون متملقون”
الكاتب السوري، حافظ قرقوط، عارض بشدة فكرة المحاصصة الطائفية والعرقية، معتبراً أنها طريق لفشل الدولة وتقسيمها.
واعتبر في كلامه لموقع “الحرة” أن النظام الطائفي يؤدي إلى إيجاد “مسؤولين متملقين يتمسكون بمناصبهم أطول فترة ممكنة”، بالإضافة إلى ظهور قيادات طائفية محلية تتنافس على السلطة والنفوذ بدلاً من بناء مؤسسات قوية تخدم جميع المواطنين.
قرقوط استشهد بالنموذج الأميركي كنموذج يُحتذى به، حيث يتم التركيز على الكفاءة والمساواة في الفرص بغض النظر عن الانتماءات العرقية أو الطائفية.
وأكد أن بناء دولة المواطنة يضمن المساواة بين المواطنين ويعزز الوحدة الوطنية.