يتفق محللون سوريون على ضرورة التوافق بين الحكومة الانتقالية في دمشق وقوات سوريا الديمقراطية “قسد”، لكنهم يختلفون على سبب عدم الاتفاق.

وسيكون للاتفاق المحتمل والمرتقب من قبل شريحة واسعة من السوريين تأثير كبير على “رسم ملامح سوريا المستقبل”، وفقاً للمحللين.

يقول أنس جودة، وهو رئيس حركة البناء الوطني، إنّ الإتفاق بين “قسد” والحكومة السورية المؤقتة أكثر من ضروري، مضيفاً أن أيّ اتفاق بين الطرفين “يمكن أن يكون الرافعة السياسية الرئيسية للعملية الانتقالية لما لقسد والإدارة الذاتية من حضور اجتماعي واقتصادي ونموذج حكومة”.

وأمس الاثنين، هنأ الجنرال مظلوم عبدي قائد “قسد” خلال لقاء حصري مع نورث برس “الشرع” على توليه رئاسة البلاد في المرحلة الانتقالية، وأعرب عن أمله في أن “يتمكن من قيادة سوريا خلال هذه الفترة الحساسة”.

وشدد قائد “قسد” على دعم قواته “لأي جهود تصب في تحقيق الاستقرار والوحدة الوطنية”.

“أطر وطنية”
ويُضيف جودة في تصريح صوتي من دمشق لنورث برس، “طبعاً الاتفاق صعب فهو يتعلق بنقاط أساسية كالجيش والحدود والثروات الوطنية وأيضاً فيما يتعلق بالسجون التي تحتوي عناصر تنظيم داعش بالإضافة للمخيمات وهذه الأمور نقاط أساسية بين الطرفين”.

ومطلع الشهر الجاري، قال رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع، إن “هناك مفاوضات مع قوات سوريا الديمقراطية لحل ملف شمال شرق سوريا”، وإنه “يتحفظ على ذكر التفاصيل بخصوص المفاوضات لأن هناك دول لا تريد إنجاحها”.

ويُشدد السياسي السوري على أنّ إنجاح أي اتفاق بين “قسد” والحكومة السورية المؤقتة يجب أن يكون ضمن أطر وطنية”.

ويشير رئيس حركة البناء الوطني، إلى أنّ “نجاح الاتفاق يجب أن يكون له بعدان: محلي وآخر وطني ونجاح هذا التوافق هو مطلب سوري حيث لا نريد أن نصل إلى أماكن فيها عودة للصراع والتوتر الأمني و السياسي”، على حد تعبيره.

اتفاق يرسم شكل الدولة
يرى وليد جولي وهو محلّل سياسي، أنّ أهمية أي اتفاق بين “قسد” والحكومة الانتقالية في سوريا يكمن في رسم ملامح مستقبل سوريا وشكل الدولة.

ويقول جولي لنورث برس: “هناك عدة ملفات مؤثرة قد تساهم في تحقيق التوافق مثل القيمة العسكرية والسياسية التي تتمتع بها قسد لدى غالبية المجتمع الدولي لا سيما دورها المهم في مكافحة الإرهاب”.

ويشير إلى أن “سلطة دمشق بأمسّ الحاجة إلى الشرعية الدولية وهي غير مهيأة لخوض الحروب في ظل الظروف الراهنة خاصة مع الشكوك التي تحيط بها فيما يتعلق بالتطرف والإرهاب”، وفق تعبيره.

ويتفق كلاً من أنس جودة ووليد جولي على وجود أطراف تسعى لعدم إنجاح الوصول لأي إتفاق بين “قسد” والحكومة الانتقالية في سوريا.

ويرى جودة، من أن تصور أنقرة يكمن في حصر تواجد “قسد” في منطقة أصغر من المنطقة الخاضعة لسيطرتها، وحتى الولايات المتحدة الأميركية أيضاً ليس لديها تصور واضح للأمور.

ويعتقد أن موقف الحكومة الانتقالية السورية برئاسة أحمد الشرع لا يزال إيجابي وكذلك موقف “قسد”، ويقول: “موقف دمشق بعيد عن التصعيد، وتود الوصول إلى توافق وهذا هو المهم وأن يكون الإطار سوري – سوري، وأن يتم وضع كل الأمور على الطاولة بكل وضوح وشفافية وعدم الاستجابة للضغوط الخارجية”.

من يعرقل الاتفاق؟
من جانبه، يقول بسام السليمان، وهو محلل سياسي في دمشق، إنّ هناك ملفات شائكة ومعقدة بين الحكومة الانتقالية السورية وقوات سوريا الديمقراطية.

ويُضيف السليمان في تصريح صوتي لنورث برس “هل سيتفق الطرفان؟ يجب أن يتم (..) لأن عدم الاتفاق سيكون مشكلة كبيرة”.

إلا أن المحلل السياسي يرى أن هناك خلافات بين الطرفين، “دمشق تريد دولة مركزية بينما قسد تريد سلطة تتجاوز الفيدرالية وتريد جيش مستقل (..) يمكنني القول إنها (قسد) تريد دولة مستقلة تتحالف مع دمشق”، وفق تعبيره.

ويشير إلى أنّ دمشق لن ترضى بما تريده “قسد”.

“عيون إسرائيلية”
ويستبعد المحلل السياسي السوري، من أن تكون أنقرة عائقاً أمام أي اتفاق بين “قسد” ودمشق “، فيما يرى أن “العقبة الأساسية هي الولايات المتحدة الأميركية التي ترى المنطقة بعيون إسرائيلية”، وفق قوله.

فيما يرى على النقيض السياسي الكردي وليد جولي أنّ أنقرة مصممة على مصادرة القرارين السياسي والعسكري من دمشق وتوجيههما بما يخدم مصالحها، وفق قوله.

ويضيف “جولي” أن “الشرع غير مرتاح للتدخل التركي المفرط في الشأن السوري”، على حد تعبيره.

ويقول إنّ “أنقرة تعيق أي تطور إيجابي في عملية التوافق بين دمشق وبين الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا”.

وحول مصير المفاوضات بين الجانبين، قال مظلوم عبدي: “الجهود لتحضير أرضية مناسبة للتفاوض مع الحكومة السورية في دمشق لا تزال مستمرة”، مشدداً على أن الحوار الجاد والهادف هو السبيل الأمثل للوصول إلى حلول تحقق المصلحة الوطنية العليا.

وأوضح عبدي أن هناك نقاط اتفاق مع دمشق، فيما لا تزال قضايا أخرى قيد النقاش، لكنه شدد على التزام قواته بوحدة سوريا على أساس العدالة والمساواة بين جميع السوريين، بعيدًا عن التمييز أو المحاصصة.

وفي لقاء سابق، كشف الشرع عن خلافات مع “قسد” حول بعض الجزئيات، وتعليقاً عليها كشف عبدي أن دمشق طلبت منهم إخراج المقاتلين غير السوريين من صفوفهم وتسليم الملف الأمني بما فيه يشمل تسليم السجناء من تنظيم “داعش” ليكونوا تحت مسؤولية الحكومة السورية وعودة مؤسسات الحكومة المركزية إلى العمل في شمال وشرق سوريا.

وتعقيباً عليها، قال القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، إنهم من جانبهم “منفتحون على التعاون في هذا المجال، إيماناً بأن حماية المنطقة ومحاربة الإرهاب مسؤولية وطنية تتطلب تنسيقًا عالي المستوى بين جميع الأطراف لضمان أمن واستقرار سوريا”.

تحرير: خلف معو