قتل 16 عنصرا على الأقل من قوات الأمن السورية في هجمات غير مسبوقة نفذها مسلحون موالون لبشار الأسد في غرب سوريا.
وكشف مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، عن تنفيذ “كمائن من قبل مجموعات مسلحة من الطائفة العلوية في الساحل السوري استهدفت عناصر من الأمن الداخلي والأمن العام التابعة لوزارتي الدفاع والداخلية في دمشق”.
وأوضح عبد الرحمن في تصريح لشبكة رووداو الإعلامية، الخميس (6 شباط 2025) أن “الاشتباكات بدأت في ريف مدينة جبلة عندما كان هناك محاولة لاعتقال أحد الأشخاص، فتصدى المدنيون لعناصر الدورية، ثم تدخل مسلحون وأطلقوا الرصاص عليهم، ما أدى إلى مقتل أحد العناصر”.
وأضاف: “بعدها بدأ القصف المدفعي على ريف جبلة من الكلية البحرية، كما تدخلت الطائرات المروحية التي استهدفت منطقتي بيت عانا والدالية، وقد شاهدنا ذلك بالصوت والصورة”.
وتابع: “بالتزامن مع ذلك، كانت هناك هجمات عدة على حاجز للكلية البحرية، وحاجز مطار حميميم، وحواجز أخرى على أوتستراد جبلة أو أوتستراد اللاذقية-طرطوس، ما أدى إلى مقتل 16 عنصراً من القوى الأمنية سواء الداخلية أو العسكرية”.
ووصف عبد الرحمن هذه الهجمات بأنها “الأعنف على الإطلاق منذ نحو ثلاثة أشهر، أي منذ سقوط نظام بشار الأسد”، مشيراً إلى أنها “تستهدف قوات حكومة دمشق الجديدة التي تحكم سوريا منذ الثامن من كانون الأول الماضي”.
وأشار إلى أن “الاشتباكات ما زالت مستمرة، لكن قوات وزارتي الدفاع والداخلية استعادت السيطرة على حواجز مدينة جبلة التي فقدت السيطرة عليها لعدة ساعات”.
وأضاف: “لا نعلم ما الذي يجري في مدينة القرداحة التي قيل إن الحواجز فيها سُلّمت للأهالي، لكن حتى اللحظة الموقف غير واضح في تلك المنطقة”.
وفي سياق متصل، أشار مدير المرصد السوري إلى خروج “مظاهرات لأبناء الطائفة العلوية في الساحل السوري تنديداً بالقصف الذي نفذته إدارة العمليات”، وفي المقابل، “خرجت مظاهرات في عدة مناطق سورية من البوكمال عند الحدود السورية العراقية مروراً بحمص وأيضاً بعض مدن الساحل السوري وحلب وإدلب ودمشق تأييداً لحكومة دمشق”.
وحول طبيعة هذه المظاهرات، قال عبد الرحمن: “لا نستطيع أن نقول إن المظاهرات عفوية أو مدبرة. المظاهرات في اللاذقية وطرطوس وجبلة خرجت بعد الاشتباكات العنيفة، لكن المظاهرات التي خرجت في مدن سورية أخرى كانت رداً على هذه المظاهرات وعلى مقتل عدد كبير من عناصر وزارتي الدفاع والداخلية، لذلك أقول إنها عفوية ومدبرة في الوقت ذاته”.
وانتقد عبد الرحمن ما وصفه بـ”مؤتمر الحوار الوطني” قائلاً: “لا أريد أن أعلق على المؤتمر لأنه تم إجراؤه على عجالة فقط ليقال إن هناك مؤتمر حوار وطني. لو كان مؤتمراً حقيقياً للحوار الوطني لما شهدنا هذه الهجمات المسلحة. المؤتمر استثنى الكورد والعلويين بشكل واضح”.
وأضاف: “كما قال رئيس إقليم كوردستان، يجب على حكومة دمشق أن تضم في صفوفها كافة مكونات الشعب السوري، وهو ما أكده الرئيس المصري أيضاً بقوله إن مكونات الشعب السوري يجب أن تكون ضمن هذا الحوار وضمن الحكومة السورية”.
وأرسلت وزارة الدفاع السورية، وفق وكالة الأنباء الرسمية “سانا”، “تعزيزات عسكرية ضخمة” إلى منطقة جبلة وريفها “لمؤازرة قوات الأمن العام وإعادة الاستقرار للمنطقة”.
وفي وقت لاحق، نقلت سانا عن مصدر من إدارة الأمن العام “اعتقال اللواء المجرم إبراهيم حويجة، رئيس المخابرات الجوية السابق في سوريا” بين 1987 و2002، في مدينة جبلة. وحويجة متهم وفق المصدر “بمئات الاغتيالات” في عهد الرئيس الأسبق حافظ الأسد، بينها “الإشراف على اغتيال” الزعيم الدرزي اللبناني كمال جنبلاط قبل 48 عاما.
وجاءت الهجمات في جبلة بعد اشتباكات أعلنت قوات الأمن الخميس أنها تخوضها في ريف اللاذقية، مع مجموعات مسلحة تابعة “لمجرم الحرب سهيل الحسن”، العقيد السابق في الجيش السوري خلال حقبة الأسد والذي كان يلقى تأييدا كبيرا في أوساط الموالين للأسد ويعد من أبرز قادته العسكريين.
وكانت سانا نقلت في وقت سابق عن مصدر أمني قوله إن “مجموعات من فلول ميليشيات الأسد” استهدفت “عناصر وآليات لوزارة الدفاع” قرب البلدة، ما أسفر عن “استشهاد عنصر وإصابة آخرين”.
وبدأ التوتر في بلدة بيت عانا، مسقط رأس الحسن، بعد منع مجموعة من الأهالي بالقوة قوات الأمن من توقيف مطلوب بتهمة تجارة السلاح، وفق المرصد السوري.
وبدأت قوات الأمن إثر ذلك حملة أمنية في المنطقة، تخللها اشتباكات مع مسلحين، قال المرصد إنه لم يتمكن من تحديد هويتهم أو الجهة التي يتبعون لها.
وأفاد المرصد لاحقا عن “ضربات شنتها مروحيات سورية على المسلحين في بيت عانا وأحراش في محيطها، تزامنت مع قصف مدفعي على قرية مجاورة”.
وأثارت الضربات والقصف المدفعي وفق المرصد رعبا بين السكان المدنيين في المنطقة.
وفي بيان نشره على حسابه على فيسبوك، ندد المجلس الاسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر والذي يقوده الشيخ غزال غزال، بـ”تعرض منازل المدنيين لقصف الطيران الحربي”.
ودعا “أهلنا في سوريا عامة، والساحل السوري خاصة، الى اعتصام سلمي في الساحات” الجمعة من أجل “إعلاء صوت الحق في وجه الظلم”، بدءا من الساعة الثانية بعد الظهر، في مدن عدة بينها اللاذقية وطرطوس ودمشق وحمص.
ومع شيوع مقتل 16 عنصرا من قوات الأمن، يتحدر غالبيتهم من محافظة إدلب (شمال غرب)، معقل هيئة تحرير الشام، الفصيل الذي قاد الهجوم الذي أطاح الأسد قبل ثلاثة اشهر، تجمع حشد من الشبان وسط مدينة إدلب، وفق مراسل فرانس برس، دعما للقيادة العسكرية. ودعت مساجد عبر مكبرات الصوت الى “الجهاد” ضد المسلحين في الساحل السوري.
وتجمعت حشود مماثلة في مدن عدة بينها حماة وحمص (وسط) وحلب (شمال) والقنيطرة (جنوب) ودير الزرو (شرق)، “دعما لقوات الأمن العام في مواجهة فلول ميلشيات الأسد، وبسط الأمن والأمان في جبلة وريفها”، وفق ما أوردت وكالة سانا.
وفرضت إدارة الأمن العام في مدينتي طرطوس (غرب) وحمص “حظر تجوال عام، من العاشرة من مساء الخميس حتى العاشرة صباحا (7,00 ت غ)، بناء على “التوجيهات الأمنية والاحتياطات اللازمة لضمان سلامة المواطنين”.
وجاء التوتر في ريف اللاذقية الخميس، بعدما كانت قوات الأمن شنت حملة أمنية في مدينة اللاذقية الساحلية منذ الثلاثاء، أسفرت عن مقتل أربعة مدنيين على الأقل، بحسب المرصد.
وأطلقت قوات الأمن الثلاثاء حملة في حي الدعتور، بعد تعرض عناصرها لـ”كمين مسلح” نصبته “مجموعات من فلول ميليشيات الأسد”، ما أسفر عن مقتل اثنين منهم، وفق ما نقل الإعلام الرسمي السوري عن مصادر أمنية.
وشهدت مدينة اللاذقية التي تقطنها غالبية علوية، في الأيام الأولى بعد إطاحة الأسد، توترات أمنية كانت قد تراجعت حدتها في الآونة الأخيرة.
لكن ما زالت تسجل هجمات عند حواجز تابعة للقوى الأمنية من وقت إلى آخر، ينفذها أحيانا مسلحون موالون للأسد أو عناصر سابقون في الجيش السوري، وفق المرصد.
ومنذ سيطرة السلطات الجديدة على الحكم في دمشق في الثامن من كانون الأول، تسجّل اشتباكات وحوادث إطلاق نار في عدد من المناطق، يتهم مسؤولون أمنيون مسلحين موالين للحكم السابق بالوقوف خلفها. وتنفذ السلطات حملات أمنية تقول إنها تستهدف “فلول النظام” السابق، تتخللها اعتقالات.