أكد شيخ عقل طائفة المسلمين الموحّدين الدروز في سوريا، يوسف جربوع، أن الإعلان الدستوري لا يلبي طموحات الشعب السوري، “ونريد تمثيلاً لائقاً في الحكومة بدستور مدني جامع”.
وأشاد شيخ عقل طائفة المسلمين الموحّدين الدروز في سوريا، في مقابلة مع شبكة رووداو الإعلامية، بعلاقتهم مع الكورد، كما اعتبر اتفاق عبدي والشرع خطوة إيجابية.
وأدناه نص المقابلة:
رووداو: كيف تنظرون إلى الإعلان الدستوري؟ وهل ترون أنه يلبي مطالب الشعب السويدي؟
يوسف جربوع: في الحقيقة، الإعلان الدستوري السوري لا يحقق طموحات الشعب السوري. هناك نقاط ضعف ونقاط قوة، لكن نقاط الضعف أساسية. الإعلان الدستوري ظهر وكأنه يتجه نحو دولة غير قابلة للتشارك، ويُخشى أن تكون هناك نظرة متطرفة في هذا الإعلان. لنا أمل أن يكون هذا الإعلان الدستوري قابلاً للتعديل، ولا بد لأنه مسودة للدستور على كل حال، لتجاوز نقاط الضعف الموجودة فيه. لا أدري كيف تنظر الحكومة الحالية إلى إمكانية تعديل الدستور بما يتلاءم مع طموحات الشعب السوري، لأننا نريد دستوراً جامعاً لمكونات الشعب السوري، يحقق الحرية والكرامة والاستقلال الكامل لسوريا، دولة مستقلة غير خاضعة لأي هيمنة دولية خارجية، ويحفظ حقوق المواطنين الدينية والاجتماعية، ويكفل الحريات بشكل عام. نريد دستوراً يمثل الشعب السوري بكل مكوناته.
رووداو: لجنة صياغة الدستور، هل كان هناك أحد من السويداء ضمن هذه اللجنة؟
يوسف جربوع: لا أعتقد. لم أعلم، ولم نُسأل لترشيح أحد للجنة صياغة الدستور من الناحية الأولى، ولم أعلم أن هناك من مثّل محافظة السويداء ضمن هذه اللجنة.
رووداو: إذا تحدثنا عن البنود التي وردت في الدستور، ما هي البنود التي لم تنل إعجابكم أو بحاجة إلى التغيير؟
يوسف جربوع: طبعاً، في الدرجة الأولى، البند الذي يعتمد على أن دين الدولة هو الإسلام، ودين رئيس الدولة هو الإسلام، لا يوجد لدينا اعتراض على هذين البندين، وإنما الاعتراض على الذهاب إلى الفقه الإسلامي، فتح الباب أمام الاجتهاد الفقهي. قلت في إحدى الفضائيات، قد نذهب إلى فقه ابن تيمية أو فقه محمد بن عبد الوهاب، وهذا الفقه فقه متطرف لا يقبل الآخر. وهذا يدخلنا فعلاً في صراعات، سواء طائفية أو مذهبية، لاجتهادات فقهية. نحن نعتقد أن الدستور المدني، الذي يضمن حرية جميع المواطنين السوريين بكل مكوناتهم، هو الضامن الحقيقي لحقوق الشعب السوري.
رووداو: هذا الدستور يمتد لخمس سنوات، وفي حال لم يتم تغيير بنوده، هل ستشاركون في الحكومة الجديدة؟
يوسف جربوع: لا أعتقد أننا نستطيع المشاركة ضمن هذه الشروط. هناك أمر آخر جدير بالملاحظة، وهو عدم التنصيص على جنسية الرئيس. في السابق، كان أحد الشروط أن يكون عربياً سورياً لأكثر من خمس سنوات. اليوم لم يُذكر هذا البند في الإعلان الدستوري. كذلك، لاحظنا إلغاء منصب رئيس الوزراء ومنح صلاحيات أكبر لرئيس الجمهورية والمجلس الرئاسي أو القومي، الذي شكل يعتمد على ست أو سبع شخصيات قيادية برئاسة السيد الشرع، وهذا يحصر القرار ضمن فئة واحدة ولون واحد. القرار المتعلق بسوريا كدولة مستقبلية جامعة لكل السوريين انحصر القرار في لون واحد، ونرى أن هذا أمر مخالف. يجب أن يكون القرار تشاركياً أيضاً.
هناك أيضاً موضوع فصل السلطات، لا توجد محاسبة واضحة. مثلاً، إذا تم تعيين وزير، فإن محاسبته تكون فقط من قبل رئيس الجمهورية، ولا يحق لمجلس الشعب مساءلته. لا ندري مدى جدوى منح صلاحيات واسعة للوزراء أو المسؤولين الحكوميين دون وجود محاسبة.
من بين الأمور المثيرة للجدل أيضاً، ما يتعلق بتشكيلة مجلس الشعب، حيث يُختار ثلث أعضائه من قبل الرئيس، والثلثان الآخران يتم ترشيحهم. هذا أفقد المواطنين حق اختيار ممثليهم. في معظم دول العالم، مجلس الشعب أو البرلمان هو ممثل المواطنين، ينقل صوتهم ويراقب عمل الحكومة، ويضمن تنفيذ البرامج الخدمية. منح الرئيس صلاحية اختيار الثلث يفتح المجال لتعطيل أي قرار لا يحظى بموافقة هذا الثلث، ما يمثل نقطة ضعف في الدستور.
رووداو: إذا تحدثنا عن مطالب أبناء السويداء ومشايخ العقل، كيف يتمنون أن تكون سياسة الدولة؟ مركزية أم لا مركزية؟
يوسف جربوع: في الحقيقة، مطالبنا تتوازى مع مطالب الشعب السوري عموماً، بما يخدم المرحلة المقبلة وعموم أبناء الدولة السورية. في السويداء، لا نمتلك طموحات أو توجهات تختلف عن توجهات الشعب السوري. الآلية السياسية المقبلة، سواء كانت لامركزية أو فيدرالية، يجب أن تخضع لموافقة عامة على مستوى جميع المحافظات السورية. إذا حصل إجماع على أن تكون المرحلة القادمة شكل الحكم مركزي أم لا مركزي أم فيدرالي أم إدارة ذاتية، لا يمكن لمحافظة السويداء تبني نموذج سياسي منفرد.
رووداو: عندما نتحدث عن اللامركزية، فإننا نقصد اللامركزية لسوريا كاملة، لا لمنطقة بعينها. كثيراً ما صدرت تصريحات من السويداء تطالب باللامركزية، حتى من مناطق الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، بهدف ضمان حقوق المكونات. وهذا لا يعني انفصال. ما رأيكم؟
يوسف جربوع: اللامركزية ليست انفصالاً، بل هي شكل من أشكال الحكم. نحن لا نعارض اللامركزية في الوقت الحالي، لكننا نطالب بأن يتم هذا التوجه بتوافق عام بين أبناء الشعب السوري. إذا كان هناك توافق على اللامركزية فنحن معها، وإذا كان هناك توافق على الفيدرالية فنحن معها أيضاً. هذا رأيي الشخصي، وأعتقد أن كثيرين من أبناء محافظة السويداء يشاركونني هذا الرأي.
رووداو: بخصوص المجلس العسكري في السويداء، لماذا لم يتم تسليم السلاح حتى الآن، ما هي الأسباب وراء ذلك؟
يوسف جربوع: في المرحلة الماضية، عانينا من هجمات إرهابية من عدة فصائل، وتكبّدنا خسائر بالأرواح والعتاد. لدينا تخوف من المرحلة القادمة، ولم نصل بعد إلى مرحلة الاستقرار الكامل، حيث تستطيع الدولة بسط سيطرتها على كامل الأراضي السورية، بما فيها محافظة السويداء، وتحقيق الأمن والأمان. عندها، لن تبقى هناك حاجة لحمل السلاح. حالياً، سلاحنا ليس موجهاً ضد الدولة أو أي طرف، بل هو للدفاع عن الأرض والعِرض والنفس. المرحلة القادمة تستدعي تنظيم وضع الفصائل المسلحة والتعاون مع الدولة، تمهيداً لتنظيم السلاح، وقد نصل إلى مرحلة نستغني فيها عن هذا السلاح، وتعود الأمور لسيطرة الدولة.
رووداو: ما تعليقكم على المواقف الإسرائيلية؟ كيف تقرأونها؟
يوسف جربوع: في الآونة الأخيرة، كثر الحديث عن أن إسرائيل هي ضامنة لأمن المحافظة والدروز، لكن هذا يُستغل سياسياً من قبل الحكومة الإسرائيلية لإيصال رسالة بأن الدروز يسعون للانفصال، وهو غير صحيح. نحن لم نطلب حماية من إسرائيل، ولم نطلبها في الماضي ولن نطلبها في المستقبل. الحامي الحقيقي هو الله، ونحن اعتدنا الدفاع عن أنفسنا بإمكاناتنا، دون الاعتماد على الخارج. التدخلات الدولية والإقليمية في السياسة الداخلية لسوريا فرضت واقعاً على الأرض، لكننا نحاول الاعتماد على أنفسنا بكل ما نملك، وما يأتي من الخارج ضمن مخططات دولية هو خارج سيطرتنا.
رووداو: تصريحات الرئيس السوري أحمد الشرع تحدثت عن سوريا اشتراكية جامعة لكل الطوائف. هل طُلب منكم المشاركة في الحكومة أو صياغة الدستور؟
يوسف جربوع: خطاب الحكومة السورية، وعلى رأسها السيد الشرع، كان جيداً وإيجابياً، وينقل صورة مطمئنة للمواطن، خصوصاً في محافظة السويداء، أن الدولة متعاونة وستقدم كل ما هو جيد لإعادة ترميم سوريا لتعود دولة حضارية متقدمة. لم يتم التواصل معي شخصياً حول المشاركة في الحكومة أو الدستور. لا أدري إن كان هناك تواصلات مع باقي المشايخ أو المسؤولين، لكن حسب معلوماتي، وربما عبر قنوات، خصوصاً مع بعض الشباب السياسيين الذين كانوا في صفوف المعارضة. قد يكون هناك تنسيق، لكنه مجرد احتمال وليس لدي علم مؤكد. نأمل أن يكون لنا مشاركة في الحكومة الجديدة.
رووداو: كيف تصفون علاقتكم مع الكورد في مناطق الإدارة الذاتية؟ وهل هناك تواصل بينكم؟
يوسف جربوع: نعم، هناك تواصل جيد بين أهلنا في المناطق الكوردية وأبناء السويداء. في أزمة المختطفات عام 2018، بعد هجوم داعش، قدّم الكورد عروضاً كثيرة لمساعدتنا في إطلاق سراح المختطفات، وعرض علينا من أهلنا في المناطق الكوردية المبادلة بكبار قادة داعش الموجودين في الأسر لدى قسد، مقابل إطلاق سراح النساء اللواتي اختُطفن. نرى أن العلاقة مع الكورد علاقة تناغم وتوافق في الرؤى، فيما يتعلق بالوضع السياسي، خصوصاً حول مستقبل سوريا. هناك تناسق كبير في المطالب والمساعي بيننا وبين أهلنا الكورد.
رووداو: ما رأيكم في الاتفاق بين الجنرال مظلوم عبدي والرئيس السوري أحمد الشرع؟
يوسف جربوع: كنا سعداء جداً بهذا الاتفاق، رغم عدم اطلاعنا على كل تفاصيله. من حيث المبدأ، كان خطوة إيجابية لحقن الدماء وتجنّب المواجهات العسكرية. الاتفاق مهّد لإعادة لمّ شمل المجتمع السوري، وأبعد شبح الحرب عن المنطقة وأهلنا الكورد. أعتقد أن الأطراف المعنية هي الأقدر على تقييم نتائج الاتفاق، لكن من وجهة نظري، هو خطوة جيدة نحو المستقبل.
رووداو: ما أبرز مطالبكم من الحكومة السورية؟
يوسف جربوع: نعاني اليوم من غياب سلطة الدولة في السويداء، ووجود فراغ وفوضى عارمة. بعض الدوائر تعمل بمستوى متدنٍ جداً، والكثير منها غير مفعّل، مثل القضاء والأحوال المدنية. لم تُسجّل الولادات منذ 3 شهور، أو الزيجات، وجوازات السفر والبطاقات الشخصية تواجه معوقات في إصدارها. السبب الرئيسي هو غياب الدولة. طالبنا وما زلنا نطالب بعودة سلطتها. كان هناك تفاهمات مبدئية، وكان عليها توافق عام في البداية، حصلت بعض الخلافات، نأمل أن تُزال في الوقت القريب وتعود الدولة إلى بسط سيطرتها في السويداء.
رووداو: هذه المطالب خدمية، ما هي المطالب السياسية؟
يوسف جربوع: أن يكون لنا دور في التمثيل التشريعي، ورأي في صياغة الدستور، والمشاركة في الحكومة القادمة بشكل يليق بمكوننا على مستوى سوريا.