حان وقت الموعد السنوي، ليس موعد أعياد الميلاد، ولكن شيئاً أكثر قدسية بكثير: موسم الجوائز. نعم، إنه الوقت الذي يقوم فيه عشاق “هوليوود” بالاستعداد لنتائج التصويت، وتزيين وجوههم بابتسامات رثة، والانغماس بغرور في الاحتفال بمحبة المشاهير. يوم الإثنين (الـ11 من ديسمبر / كانون الأول) أعلن ترشيحات جائزة “غولدن غلوب ” ومعها أوضح فكرة حتى الآن عن شكل سباق الأوسكار في العام المقبل.
منذ حدث العام الماضي، شهدت الهيئة التنظيمية لجوائز غلوب، وهي رابطة “هوليوود” للصحافة الأجنبية Hollywood Foreign Press Association، تغييراً جوهرياً، إذ قامت بتوسيع وتنويع عضويتها في أعقاب فضيحة العنصرية والنزاهة التي هددت الجوائز عام 2021. ولكن إن كانت ترشيحات هذا العام تثبت شيئاً، فهو أن هذا التغيير لم يؤد إلى أية مفاجآت كبيرة، التغييرات قليلة، ولكنها ربما تكون مهمة. إذاً ما الذي يمكننا استخلاصه بالضبط من قائمة الترشيحات؟
لنبدأ بما كنا توقعناه بالفعل. على الجانب التلفزيوني، من الواضح أن مسلسل شبكة “اتش بي أو “HBO الرائع “خلافة” Succession هو المتفوق مع حصوله على تسعة ترشيحات. (يتبعه مسلسلي “ذا بير” [الدب] The Bear و”جرائم قتل بحتة في المبنى” Only Murders in the Building بخمسة ترشيحات لكل منهما) وفي جانب الأفلام، فإن المرشح الأوفر حظاً لا يبدو واضحاً. حصل فيلم “باربي” على أعلى رقم من ناحية المشاهدين، وتخطت إيرادات الفيلم عتبة مليار دولار. بالطبع، الترشيحات لا تعني دائماً الحصول على الجوائز – خلال جوائز الأوسكار العام الماضي حصد “حوريات أنشرين” The Banshees of Inishirin و”إلفيس” Elvis و”عائلة فابلمان” The Fabelmans على 89 وسبعة ترشيحات على التوالي، ولم يفزوا بأي منها. ومع ذلك، فإن أداء باربي القوي في ترشيحات جوائز غلوب ونجاحه الهائل في شباك التذاكر يجعله مرشحاً لعدد كبير من ترشيحات جوائز الأوسكار، الفنية والإبداعية على حد سواء. من شبه المؤكد حصول المخرجة غريتا غيرويغ على جائزتي أفضل فيلم وأفضل مخرج، وهناك فرص كبيرة لكل من مارغو روبي ورايان غوسلينغ في فئات الممثلين في الأدوار الرئيسة. أما إذا ما كان هذا التوقع سيؤدي إلى الحصول على الجوائز فهو أمر آخر.
ثاني أكبر الأفلام في قائمة الترشيحات كانت فيلم السيرة الذاتية لعالم القنبلة الذرية ” Oppenheimer الذي أخرجه كريستوفر نولان، وفيلم الدراما التاريخية الرثائية قتلة زهرة القمر ” Killers of the Flower Moon للمخرج مارتن سكورسيزي. يمكن اعتبار الفيلمين من النوع الذي يحصل تقليدياً على الجوائز – فهما عمليين دراميين كبيرين ومحبوبين على نطاق واسع من مخرجين عريقين. في حين أن هيئات الجوائز، بما في ذلك جوائز الأوسكار، كانت تميل أكثر نحو الفائزين غير التقليديين في السنوات الأخيرة، في الوقت الحالي، يبدو من المحتمل أن واحداً أو الآخر من هذه الأفلام سيحصل على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم، وربما أفضل مخرج أيضاً.
وهناك حضور قوي أيضاً لفيلم “أشياء مسكينة” Poor Things، وهو أحدث فيلم للمخرج يورغوس لانثيموس، ما وصفه بعضهم بالعنصر المفاجئ المحتمل في جوائز الأوسكار في فئتي أفضل فيلم وأفضل ممثلة (ايما ستون). ولكن، لن تعطي النتائج الفعلية لجوائز “غولدن غلوب” مؤشراً حقيقياً، حيث يتنافس فيلمي “أشياء مسكينة” و”باربي” في فئة الأفلام “الموسيقية / الكوميدية” المنفصلة. المنافسة الرئيسة للممثلة ايما ستون في حفل توزيع جوائز الأوسكار هي ليلي غلادستون من فيلم “قتلة زهرة القمر”، التي يعتبر ترشيحها أيضاً لجائزة أفضل ممثلة أمراً مفروغاً منه. كذلك يحضر بقوة كل من فيلم الدراما “ماي ديسمبر” [أيار كانون الأول] May December للمخرج تود هينز، وفيلم “مايسترو” Maestro السيرة الذاتية للموسيقي ليونارد بيرنشتاين الذي أخرجه برادلي كوبر، حيث حظي كل منهما بأربع ترشيحات.
من ناحية أخرى، ربما تكون ترشيحات غلوب أضعفت آمال بعض الأفلام التي كان كثيرون يتوقعون أن تكون من ضمن قائمة الترشيحات الرئيسة: وهي كوميديا عيد الميلاد “الباقون” The Holdovers للمخرج ألكسندر باين، والفيلم الساخر “الخيال الأميركي” American Fiction، وكلاهما معاً حظيا بخمس ترشيحات فقط.
كما أقصي فيلم “ونكا” Wonka الكوميدي المحبوب الذي بدا مرشحاً بديهياً لعديد من الجوائز الفنية، بشكل كامل باستثناء ترشيح وحيد عن فئة التمثيل لبطل الفيلم تيموثي شالامي. يبقى من المحتمل أن الإصدار السينمائي الفعلي للفيلم – الذي لم يصدر بعد في الولايات المتحدة – قد يشجع على مزيد من الزخم.
إن اختيار الممثلة ساندرا هولر كواحدة من أربع ترشيحات لفيلم الإثارة “تشريح سقطة” Anatomy of a Fall يبشر بالخير بالنسبة إلى آفاقه في حفلة توزيع جوائز الأوسكار: فيلم الإثارة الأوروبي الذي نال استحساناً كبيراً يواجه صعوبات، باعتباره فيلماً بلغة أجنبية، ولكن نظراً إلى احتفاء الأكاديمية في السنوات القليلة السابقة بأفلام مثل [الكوري الجنوبي] “طفيلي” Parasite و[الألماني] “كل شيء هادئ على الجبهة الغربية” All Quiet on the Western Front، لن يكون من المفاجئ رؤية هولر بين المتنافسين.
في نهاية المطاف، هناك حدود لما يمكننا استخلاصه من ترشيحات جائزة “غولدن غلوب”. ربما بسبب التحسن في تنوع هيئات التصويت، يبدو أن سباق الجوائز أصبح متوزعاً بشكل متزايد في السنوات الأخيرة، مع عدم وجود مرشح واحد واضح هذا العام. من الممكن جداً أن يكتسح “أوبنهايمر” الفئات الرئيسة، ومن الممكن أيضاً ألا يحصل على أية جائزة. (تشير الأخبار الأخيرة – والمثيرة للسخرية إلى حد ما – التي تفيد بحذف الفيلم من القائمة الطويلة لجائزة الأوسكار لأفضل مؤثرات بصرية إلى أن الناس ربما ليسوا متأثرين بالقدر الذي قد تظنه) هذا هو سحر عدم القدرة على التنبؤ في موسم الجوائز. ولا نعلم ما قد يحصل، لا يزال أمامنا ثلاثة أشهر كاملة أخرى.
© The Independent