علي حمادة
يوماً بعد يوم تتبين صحة المعلومات التي تسربت إلى أوساط دبلوماسية عربية في المنطقة، ومفادها أن المرحلة التي ستلي العملية البرية الشاملة في قطاع غزة من حرب إسرائيل ضد حركة “حماس”، سوف تأخذ شكلاً مختلفاً بعض الشيء لجهة أنها سوف تكون حرب الظل، أي حرب الاغتيالات والعمليات الخاصة.
لكن الأهم من ذلك كله أن الحرب المشار إليها ما عادت تقتصر على إسرائيل، بل انضمت إليها الولايات المتحدة التي باشرت قبل فترة في اغتيال قيادات من الفصائل العراقية داخل بغداد. فقبل عملية التصفية الأخيرة لأحد قادة “كتائب حزب الله” في العاصمة العراقية، قامت القوات الأميركية باغتيال أحد قادة حركة “النجباء”. ويبدو أن الرد عل استهداف البرج 22 في قاعدة التنف في الأراضي الأردنية أسفر في ما أسفر عن مقتل مجموعة من قيادات لواء “فاطميون” الأفغاني التابع لـ”فيلق القدس” الإيراني في سوريا.
طبعاً لا داعي للتذكير بالعديد من الاغتيالات التي نفذتها إسرائيل ضد قادة أو عناصر مقاتلة من “حزب الله” على الأرض في لبنان وسوريا. وقد شملت قيادات رفيعة المستوى في أعلى الهيكلية العسكرية للحزب المذكور. وآخر العمليات اغتيال اثنين من كوادر “حزب الله” في مدينة حمص، واستهداف أحد قادته البارحة في قلب مدينة النبطية على مسافة 40 كيلومتراً من الحدود.
ومن الملاحظ أن إسرائيل والولايات المتحدة قد طورتا تكنولوجيا تتقاسمانها لمراقبة الأهداف تستخدم الذكاء الاصطناعي، وخوارزميات خاصة بتتبع الأصوات والروائح وحركة الجسد، وداتا الاتصالات، ما يمنحهما قدرة فائقة على التمييز بين الأهداف. فالقتل بدقة فائقة لا يعتمد فقط على العنصر الاستخباري البشري المنتشر في لبنان أو سوريا داخل البيئة الخاصة بـ”حزب الله” أو بالنظام السوري على حد سواء.
طبعاً لن تتوقف حرب “المشاغلة” التي يخوضها “حزب الله” ضد إسرائيل انطلاقاً من الجنوب اللبناني. وأيضاً لن تتوقف الهجمات التي تنفذها الفصائل العراقية العاملة تحت عباءة “فيلق القدس”، لكن الثمن سوف يرتفع يوماً بعد يوم جراء العمليات الكبيرة التي تدل إلى تحول في بنك الأهداف الإسرائيلي في لبنان وسوريا، أكان من قادة “حزب الله” أو من “فيلق القدس” الموجودين في مناطق النظام من حلب، حماه وحمص إلى دمشق وريفها، وصولاً إلى الجنوب السوري. وبالتالي يمكن القول إن محاولات اصطياد القيادات العليا صارت جزءاً من الحرب. وهنا لا نستبعد أن نسمع يوماً باغتيالات تصل إلى الحلقة الضيقة في أعلى الهرم القيادي في “حزب الله” أو “فيلق القدس”.
على الجانب الأميركي في العراق وشرق سوريا، تبدو واشنطن أكثر حذراً في شن حملة اغتيالات لقادة الفصائل العراقية. لكن كلما استمرت الهجمات سيضطر البيت الأبيض لإعطاء ضوء أخضر إلى القيادة المركزية للقوات الأميركية لشن حملات اغتيال على مستويات عليا في الفصائل العراقية.
وثمة ما يشير إلى أن الأميركيين قد يصل بهم الأمر إلى اللحاق بالإسرائيليين في شن حملة لاستهداف قيادات عليا من “فيلق القدس” على الأرض في شرق سوريا.
خلاصة الأمر أن حرب الاغتيالات الإسرائيلية – الأميركية ستكون ميزة المرحلة المقبلة من غزة إلى لبنان وسوريا والعراق، ولاحقاً اليمن.