عاد قائد قسد مظلوم عبدي للحديث عن وحدة سوريا وضرورة دخول المؤسسات الحكومية إلى محافظات الجزيرة السورية، وهذه بنود من ضمن اتفاق 10 آذار/ مارس 2025 الذي وقعه عبدي مع الرئيس السوري أحمد الشرع، وأقرت قسد بموجبه بوحدة الأراضي السورية.
اللافت في تصريحات عبدي التي أدلى بها بمقابلة تلفزيونية أنها خففت النبرة التي تحدث بها الناطقون باسم قسد تجاه الحكومة السورية في أعقاب المواجهات التي اندلعت في السويداء، والتي تخللتها هجمات إسرائيلية، حيث صعدت قيادات قسد من لهجتها فأشارت إلهام أحمد إلى أن اندماج قسد ضمن الجيش السوري مشروط بوجود هيكل واضح، وطالبت بأن تتخذ الحكومة موقفاً واضحاً من أحداث الساحل والسويداء، وهذا الموقف هو ما دفع الحكومة السورية لرفض عقد اجتماع مع وفد قسد على هامش لقاء باريس الثلاثي الذي ضم ممثلين عن الحكومة السورية ووفدا إسرائيل برعاية أميركية.
وأشارت بعض التصريحات التي صدرت عن فرهاد الشامي الناطق الإعلامي باسم قسد إلى أن عملية الاندماج العسكري ستتم بعد استكمال الانتقال السياسي ووجود حكومة تمثل الجميع.
استعداد للتفاوض وترحيل للقضايا المحورية
حملت تصريحات عبدي التأكيد على التمسك بوحدة الأراضي السورية، ومطلب اللامركزية، والاعتراف باللغة الكردية على الأقل في المناطق ذات الغالبية الكردية، لكنه أحال قضية اندماج قوات قسد في الجيش السوري إلى المفاوضات في مسار باريس.
ما قاله عبدي لا يختلف كثيراً عن المواقف السابقة لقيادات قسد، من حيث التأكيد على ضرورة وجود جيش واحد لسوريا، وتطبيق اللامركزية، لكن دون ذكر آليات تنفيذية محددة خاصة فيما يتعلق بالملف الخلافي الرئيسي مع الحكومة السورية حول كيفية اندماج قوات قسد، وهل ستبقى كتلة واحدة أم ستنصهر ضمن مؤسسة الجيش.
وتأكيداً على عدم وجود رؤية واضحة بخصوص موضوع سلاح قسد، أشار عبدي إلى أن بعض التيارات داخل قسد تريد ضمانات من أجل الموافقة على الاندماج بعد ما حصل في الساحل والسويداء.
حراك ميداني ودبلوماسي تركي
قبل يوم واحد من تصريحات عبدي أجرى مسؤولون أتراك على رأسهم وزير الدفاع يشار غولر لقاءات مع المبعوث الأميركي إلى سوريا توماس باراك، وسربت وسائل إعلام تركية فحوى اللقاء، وتحدثت عن محاولات أنقرة إقناع واشنطن بالتحرك الميداني من أجل الدفع باتجاه تنفيذ اتفاق اندماج قسد ضمن الدولة السورية.
ووفقاً للمعلومات الميدانية، فمنذ أن أعلنت وزارة الدفاع التركية عن تلقيها طلباً من دمشق لتعزيز قدرات الجيش السوري الدفاعية، يقوم الجانب التركي بتسليم سوريا دفعات من المدرعات الخاصة بنقل الأفراد وبعض الذخائر.
ويبدو أن أنقرة لديها قلق من استمرار توجه قيادات حزب العمال الكردستاني الذين يغادرون الأراضي العراقية إلى سوريا، بعد إعلان الحزب إلقاء السلاح، لأن هذه التطورات من شأنها أن تشكل عائقاً أمام استكمال تنفيذ الاتفاقيات بين قسد والحكومة السورية.
نهج فعلي مغاير للتصريحات
لا يبدو أن تصريحات قسد التي تؤكد الحرص على تنفيذ الاتفاقيات مع دمشق، حيث تستمر قسد في تشييد التحصينات في عديد المناطق التي تسيطر عليها بريف حلب الشرقي.
وصدرت تسريبات عن قيادات فصائلية من السويداء أبرزهم القيادي في قوات شيوخ الكرامة قتيبة شهاب الدي، تؤكد أن قسد قدمت الدعم للمجلس العسكري في السويداء الذي يحظى بدعم شيخ العقل حكمت الهجري، والهدف عرقلة اندماج السويداء ضمن الدولة السورية، مما يعني أن قسد لعبت دوراً في تأزيم الأوضاع بين الحكومة السورية وأطراف محلية في السويداء.
وتشير المعلومات إلى أن قسد لا تزال تعمل على استقطاب وجهاء عشائر في محافظتي الحسكة ودير الزور للحصول على تأييد بعض العشائر لاستمرار مشروع الإدارة الذاتية على أرض الواقع، رغم التخلي عن استخدام المصطلح في وسائل الإعلام.
من المرجح أن قسد تتخوف من احتمالية تغاضي إدارة ترامب عن عملية عسكرية تركية وإن كانت محدودة تستهدف الهياكل القيادية لقسد، مما قد يدفعها لتقديم المزيد من التنازلات أمام دمشق، ولذا تريد التأكيد على التزامها بالمسار السياسي تفادياً لأي خسائر عسكرية في ظل اختلال موازين القوى بينها وبين تحالف أنقرة – دمشق.