وصل المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، الجمعة، إلى قطاع غزة عبر محور موراغ، حيث تفقد مركزاً لتوزيع الأغذية في مدينة رفح جنوبي القطاع، ضمن زيارة تهدف إلى تقييم الأوضاع الإنسانية وتسريع إيصال المساعدات، وسط جهود أميركية متجددة لإحياء محادثات وقف إطلاق النار.
وتأتي زيارة ويتكوف عقب اجتماعه الخميس مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب، في محاولة لإخراج مفاوضات التهدئة من جمودها الحالي. وقال مسؤول إسرائيلي للقناة 12 إن اللقاء تناول “الانتقال من صفقة جزئية وتدريجية إلى اتفاق شامل” يشمل إطلاق سراح جميع الرهائن، ونزع سلاح حماس، وتجريد قطاع غزة من الأسلحة، بالتوازي مع زيادة حجم المساعدات الإنسانية.
وأشار المسؤول إلى أن التفاهمات بين واشنطن وتل أبيب تنطلق من اعتبار موقف حماس الرافض حتى الآن عقبة أمام إتمام أي اتفاق مرحلي.
وفي واشنطن، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب عبر منصته “تروث سوشيال” إن “السبيل الأسرع لإنهاء الأزمة الإنسانية في غزة هو استسلام حماس وإطلاق سراح الرهائن”. كما وصف الوضع في القطاع بـ”المروع”، متعهدًا بمزيد من الدعم المالي والإنساني.
وفي السياق ذاته، أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت أن ويتكوف سيقدم تقريرًا مباشرًا إلى ترامب بعد عودته من غزة، للمصادقة على خطة مساعدات موسعة تهدف إلى تسريع إيصال الغذاء والإمدادات الأساسية إلى السكان.
لكن حركة حماس هاجمت الزيارة ووصفتها بأنها “عرض دعائي لتغطية الفشل الأميركي في وقف المجازر”، واتهمت ويتكوف بأنه “ينظر إلى غزة بعدسة إسرائيلية مضللة”، محذرة من أن زيارة مركز المساعدات في رفح ليست سوى “مسرح تمهيدي يسبق آلة الحرب”.
وكشفت حماس: “كُنّا على وشك التوصل لاتفاق لكن إسرائيل انسحبت من المفاوضات، ولا معنى لاستمرارها في ظلّ التجويع بقطاع غزة”.
وتشهد غزة كارثة إنسانية متفاقمة، حيث أعلنت وزارة الصحة في القطاع وفاة 156 شخصًا بسبب الجوع وسوء التغذية، بينهم 90 طفلًا، فيما يحذر مرصد المجاعة العالمي من اقتراب القطاع من مجاعة واسعة النطاق. وقال سكان إن الوصول إلى المساعدات محفوف بمخاطر متعددة، من نيران الجيش الإسرائيلي إلى أعمال نهب في الطرقات.
على المستوى السياسي، لا تزال محادثات التهدئة غير المباشرة في الدوحة تراوح مكانها، رغم جهود الوساطة من قطر ومصر والولايات المتحدة. وقال مصدر مطلع إن إسرائيل ردّت مؤخرًا على تعديلات طرحتها حماس بشأن هدنة مدتها 60 يومًا تشمل إطلاق سراح رهائن مقابل أسرى فلسطينيين، لكن الفجوات لا تزال قائمة.
وفي الوقت ذاته، يتعرض نتنياهو لضغط داخلي متزايد من أهالي الرهائن والمجتمع الدولي، وسط اتهامات لحكومته بتأجيج الحرب من أجل مكاسب سياسية. فيما يتمسك الائتلاف الحاكم بموقفه الرافض لوقف الحرب قبل القضاء على حكم حماس ونزع سلاحها.
على صعيد دولي، تستمر المواقف المتباينة، إذ أعلنت فرنسا والسعودية دعمهما لحل الدولتين، داعيتين إلى تسليم قطاع غزة للسلطة الفلسطينية، بينما رفضت إسرائيل ذلك الخيار، وتحدث بعض وزرائها علنًا عن دعمهم لضم الضفة الغربية.
وفي المقابل، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية فرض عقوبات على شخصيات من السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، متهمة إياهم بـ”تقويض جهود السلام”، في خطوة رآها مراقبون انحيازًا واضحًا لإسرائيل وتراجعًا عن التوازن التقليدي في السياسات الأميركية.