الرئيس بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن. (أ ف ب)

الرئيس بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن. (أ ف ب)
حسم وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي مسألة عدم مشاركة قوات عربية في ضمان أمن قطاع غزة بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية. وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن هو صاحب هذا الطرح، مع إضافة دور “إداري” للسلطة الفلسطينية.
على الأقل، يعيد الرفض العربي للمشاركة في مثل هذه القوة المشكلة إلى أساسياتها. ثمة صراع فلسطيني – إسرائيلي وينبغي أن يصار إلى الخوض في لب هذا الصراع من دون إضافة المزيد من التعقيدات عليه.
هل نشر قوة عربية أو متعددة الجنسيات في غزة من شأنه المساهمة في التوصل إلى تسوية للصراع وتطبيق حل الدولتين، أم أن نشر مثل هذه القوة سيكون عبارة عن تطمين لإسرائيل بأن حركة “حماس” لم تعد موجودة في القطاع، وأن وظيفة القوة المفترضة هي حماية أمن إسرائيل؟
يصعب تسويق هذه الفكرة على رغم الضغوط والمغريات الأميركية. والسؤال هو: لماذا لا تبادر أميركا إلى المباشرة في وضع إطار لمبادرة سياسية لعقد مؤتمر دولي أو البدء فوراً بمفاوضات فلسطينية – إسرائيلية للاتفاق على قضايا الوضع النهائي؟
يقول المسؤولون الإسرائيليون، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إن السلطة الفلسطينية بشكلها الحالي غير مؤهلة لتتنكب دوراً في إدارة غزة بعد الحرب أو تكون شريكة في التفاوض.
وبلينكن بدوره يرى أن السلطة الفلسطينية من الممكن أن تلعب دوراً في المستقبل، لكن بعد تجديدها.
صحيح أن السلطة الفلسطينية تعاني الترهّل والفساد وعدم الكفاءة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو من أوصل السلطة الفلسطينية إلى هذه الحالة التي هي عليها الآن؟
ألم يكن التسويف الإسرائيلي في المفاوضات ومواصلة الاستيطان والانتهاكات اليومية لحقوق الفلسطينيين في الضفة الغربية والحصار المفروض على غزة منذ 2007 والتنصل من الاتفاقات السابقة، هو ما أضر بالسلطة الفلسطينية وهمش دورها؟
وفي الوقت نفسه ألا تتحمل الولايات المتحدة بدورها المسؤولية في تردي حال السلطة الفلسطينية، من طريق الانسحاب من دورها كراعية لعملية السلام في المنطقة منذ عام 2014؟ وماذا فعل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في هذا السياق، عندما قطع المساعدات عن السلطة الفلسطينية لأنها لم تقبل بـ”صفقة القرن” التي تضم 40 في المئة من الضفة الغربية وتنص على دولة فلسطينية مقطعة الأوصال؟
كل هذه السياسات القصيرة النظر ساعدت في وصول الأمور إلى ما وصلت إليه في غزة.
وعندما تعود الولايات المتحدة إلى طرح مسائل من قبيل القوة المتعددة الجنسيات، فإنها تكون بمثابة من يهرب مجدداً من تحمل مسؤولية البحث عن الحل الدائم والذهاب إلى مسائل تعمق المشكلة بدلاً من حلها.
ومن المستغرب أن يكرر الرئيس الأميركي جو بايدن التأكيد أن حل الدولتين هو الأفضل لتحقيق السلام، وأن لا يبادر فوراً إلى تحريك الجبهة الدبلوماسية، قبل أن تقضي الحرب الإسرائيلية في حال استمرارها على البقية الباقية من غزة ومعها على أي آمال بقيام سلام واستقرار على المدى القريب في الشرق الأوسط.
ويقاوم بايدن الضغوط من داخل شريحة كبيرة في الحزب الديموقراطي تطالبه بالمبادرة إلى الطلب من إسرائيل وقف النار، وبدء البحث في إطلاق عملية سياسية توصل إلى حل الدولتين.
إن كل يوم يمضي من دون أن تتوقف العمليات الحربية الإسرائيلية، يعني ابتعاداً أكثر فأكثر من احتمال التوصل إلى تسوية للقضية الفلسطينية.
بقدر ما تشكل الحرب الدائرة حالياً مأساة بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني، بقدر ما تعيد مجدداً تعميق الشعور بحق هذا الشعب في أن يقرر مصيره بنفسه، وبأن تكون له دولته المستقلة على ترابه الوطني، وفق ما نصت عليه قرارات الشرعية الدولية.