شدّد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، على أنّ استخدام الجوع كسلاح في الحروب أمر “لا يمكن القبول به”، مشيرًا إلى أنّ النزاعات المسلحة والتغيّر المناخي والتراجع الحاد في المساعدات الدولية تُهدّد الأمن الغذائي في العالم، لا سيما في القارة الإفريقية التي تعاني أوضاعًا إنسانية متدهورة.
وجاء موقف غوتيريش خلال القمة المعنية بالأمن الغذائي التي تستضيفها إثيوبيا بالتعاون مع إيطاليا، بمشاركة عدد من القادة والمسؤولين، أبرزهم رئيس الوزراء الإثيوبي آبيي أحمد، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، والرئيس الكيني ويليام روتو، والرئيس الصومالي حسن الشيخ محمود.
وفي مداخلة عبر الفيديو، قال غوتيريش: “التغيّر المناخي يؤثر على المحاصيل الزراعية، وسلاسل التوريد، والمساعدات الإنسانية. أما النزاعات، فتستمرّ في نشر الجوع في غزة والسودان ومناطق أخرى”، مضيفًا: “الجوع يُغذي انعدام الاستقرار ويقوّض فرص السلام. ينبغي عدم القبول أبدًا باستخدامه كسلاح حرب”.
وتأتي هذه القمة وسط تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل، في ظلّ تدهور الوضع الإنساني في قطاع غزة، والنقص الحاد في المواد الأساسية نتيجة الحصار المتواصل منذ بدء الحرب في السابع من تشرين الأول من العام 2023. وقد سجّلت منظمة الصحة العالمية “مستويات مقلقة جدًا” من سوء التغذية في القطاع، في حين أعلنت وزارة الصحة التابعة للسلطة القائمة في غزة، أن خمسة أشخاص قضوا جوعًا خلال 24 ساعة، ليرتفع عدد الوفيات الناتجة عن الجوع إلى 147 منذ بدء الحرب.
ويُقدّر عدد سكان غزة بنحو 2.4 مليون نسمة، وقد أدّت الحرب إلى مقتل ما يقارب 60 ألف شخص، غالبيتهم من المدنيين، وفق بيانات وزارة الصحة التي تصنّفها الأمم المتحدة على أنها موثوقة.
أما في السودان، فالوضع لا يقلّ خطورة، إذ تشهد البلاد منذ نيسان من العام 2023 حربًا أهلية بين الجيش وقوّات الدعم السريع، ما أدى إلى مقتل عشرات الآلاف، ونزوح أكثر من 14 مليون شخص داخل البلاد وخارجها، في ما وصفته الأمم المتحدة بـ”أسوأ أزمة إنسانية في العالم”.
في السياق ذاته، أشار تقرير جديد صدر عن الأمم المتحدة إلى أن 8.2% من سكان العالم – أي ما بين 638 و720 مليون شخص – عانوا من الجوع في العام 2024، مسجّلين انخفاضًا طفيفًا بنسبة 0.3% عن العام السابق، لكنها أرقام لا تزال بعيدة عن أهداف التنمية المستدامة بالقضاء على الجوع بحلول العام 2030. وتشير التقديرات إلى أن نحو 60% من الذين سيعانون من نقص التغذية بحلول نهاية العقد، سيتركزون في القارة الإفريقية.
رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، محمود علي يوسف، قال في كلمته إن القارة تمرّ بـ”لحظة حاسمة”، مشيرًا إلى أن 282 مليون إفريقي يعانون من سوء التغذية، فيما يعيش 52 مليونًا في حالة انعدام أمن غذائي، ويواجه نحو 3.4 ملايين شخص خطر المجاعة.
كما أضاف أن عشرة ملايين شخص نزحوا بسبب الجفاف، والفيضانات، والأعاصير، مشدّدًا على أن “الصدمات المناخية، والنزاعات، والاضطرابات الاقتصادية” هي الأسباب الرئيسة لتدهور الوضع الغذائي. ودعا الدول الأعضاء إلى تخصيص 10% من الناتج المحلي الإجمالي لقطاع الزراعة، مؤكدًا: “لكننا لا نستطيع تحقيق ذلك بمفردنا. نحن بحاجة إلى شركائنا الدوليين للوفاء بالتزاماتهم، خاصة في ظلّ تراجع المساعدات الدولية”.